عندما نقول احتجاز أو مظاهرة أو اعتصام المتقاعدين في عدن فماذا يعني لنا ذلك ؟ ألم تكن تلك هي العناوين العريضة لبعض الصحف والمواقع الإلكترونية الحزبية ( وعلى طريقك شل قشر) .. بالفعل تكاد لا تدرك الفرق ربما لشدة غبائك أو لأنك تصر على حصار عقلك بشتى الوسائل عند القول مظاهرات المتقاعدين في عدن من أجل حقوقهم، أم مظاهرة بعض الحانقين "والمحقونين" في عدن لأجل زرع الفتنة وإثارة النزاعات؟! أليس هناك فرق تهدينا إليه عقولنا البسيطة الخانقة والخائفة على مصير اليمن؟! فإذا كانت هناك قضية للمتقاعدين - وهي موجودة بالتأكيد وتحتاج إلى حلول سريعة - فالهتافات ستكون واضحة ومطالبة بالحقوق الضائعة، فلماذا سمعنا تلك الهتافات اليائسة والبعيدة من مطالب المتقاعدين؟! ولماذا اختيار مقصود وخبيث لأيام محدده للاعتصام أو لإقامة مظاهرة ؟ أم أن هؤلاء أصبحوا مجرد وسيلة لتوصل أهداف وهتافات التشطير القذرة لأولئك والعهدة على المتقاعدين ..
كفوا أيديكم عنهم ودعوهم يظاهرون بطريقة سلمية حقوقية لا طريقة غوغائية تسمح بظهور بعض سكاكين الفتنة. ما الذي يجري بالله عليكم ولماذا تحاولون الصعود على أكتاف هؤلاء الذين لا يطالبون سوى بحقوقهم الضائعة جراء الفساد الذي أهلك الجميع وجعلنا في حالة رثى، فلماذا تستغلون كل تلك المعاني البراقة لإقامة الفوضاء؟!، إذا كانت هذه هي حربكم على الفساد فدعونا نرحب بالفساد؛ نعم ليظل الفساد قائما على عقولنا وقلوبنا إذا كانت هذه هي طرق محاربة الفساد وبهكذا هتافات مناطقية؛ دعوت عقلي معها إلى أن يحرفها قليلا فلم يستطع أن يهديني إلى معنى آخر غير العنصرية العمياء، ودعوت أذني إلى أن تبذل قصارى جهدها لتسمع عن مطالب الحرب على الفساد كما يعلق البعض الشماعة و بالتالي عن هتافات ضد الفساد بجانب الهتافات الأخرى ولكنها لم تسعفني وأشبعتني كلمات غريبة مؤججة لصرا عات تزرع معها عبوات نفسية حاقدة نحن في غنى عنها اليوم؛ ليس رحمة بجزء من اليمن بل رحمة بكل اليمن وبمستقبلنا نحن أبناء اليمن الذين نتطلع إلى أن يكون أفضل بصورة فعلية وبعيدة عن الشعارات الزائفة.
ألا نفهم أن المتغيرات كثيرة وأن الوضع اليوم غير وضع الأمس، وأن مجرد فتيل كافي لإشعال حرائق، ألا ينتبه العقلاء من الجميع السلطة والمعارضة إلى أن ذلك ليس حرباً على الفساد كما تظهر ابتسامتهم بل هي حرباً على اليمن جمعاء ؟ ألم يدرك البعض أن قضية المتقاعدين جرى تسييسها واستغلالها بنحو واضح وصريح؟، لا أظن أن الجميع لم يدرك ذلك كون الأمور والأبعاد واضحة ولا تحتاج إلى رأي خبير أو محلل سياسي – ولديهم محللون بارعون في حال الحاجة!! - فلماذا نحرص على إضفاء تلك الإطارات ببراويز مفبركة رغم يقيننا بالموجود الواضح؟! وألا يدرك المتقاعدون ومن لهم مطالب حقوقية بأن قضاياهم أصبحت سلالم متهالكة يصعد عبرها أولئك المتنفذين ثم يرمونها ما إن يصلوا إلى ذلك المكان المقصود من العويل؟!..
ولا ننكر حق المتقاعدين أو من لهم مطالب حقوقية ولم تنفذ بالشكل الكافي أن يقيموا إعتصامات و مظاهرات سلمية ستدل عليها العديد من القرائن إضافة إلى أهدافها وهتافاتها وسيجدون الجميع معهم بالتأكيد بعد ذلك كوننا لحمة واحدة تناصر الأخرى وعصى واحدة سترفض التكسر إلى الأبد، ولكن ماذا يجري ولماذا الجميع يدس رأسه في التراب كأن اليمن ليست بلده وكأن هذه النزاعات النفسية والجسدية لا تولد المزيد من الأحقاد والتراكمات، وكأن الوضع سهل النيل! وما أن نقول شيئا حتى يتحقق ولو بعد حين!، لنلقي نظرة بعيدة قريبة في نفس الوقت على الأوضاع العالمية والعربية وعندها سندرك أن زمن الثورات لم يعد له وجود واستبدل بعصر الحروب الأهلية والصراعات الداخلية التي لن يكون فيها أحد منتصرا أبداً وبالمطلق والمتضرر الوحيد هو نحن ..هو الشعب، و إلى المزيد من الضياع والتشرد!، فهلاَّ عملنا بالقليل من الجدية لرأب الصدعات قبل ظهورها ورمي الخلافات الغير محسوبة إلى الأبد وعزل الصراعات السياسية عن القضايا والثوابت الوطنية والاهتمام بمستقبل أفضل ومطمئن للجميع كون هذا هو الطريق الوحيد لضمان سلامة اليمن. [email protected]