كشفت تقارير رسمية أن السياسة الحكومية، والبيروقراطية الإدارية، وغياب الأفق الاستراتيجي، وضعف التنسيق هي في طليعة الأسباب التي تحول دون تطور الصناعة السياحية في اليمن. وتشير التقارير – التي حصلت عليها "نبأ نيوز"- إلى أن وزارة السياحة هي أول وزارة على مستوى العالم لا يمتلك وزيرها وكلاء، حيث أن مجلس الوزراء لم يقر بعد لائحتها الداخلية، رغم مرور ما يقارب السنتين على استحداث الوزارة، الأمر الذي انعكس سلباً على ديناميكية عملها الإداري. كما تؤكد التقارير أن وزارة السياحة من أكثر الوزارات اليمنية التي تواجه عجز مالي يتسبب في شل الكثير من أنشطتها. وقدرت حصة وزارة السياحة من الموازنة العامة للدولة بما لا يتعدى «63» مليوناً و«480» ألف ريال، في نفس الوقت الذي لا تخضع هيئة الترويج السياحي لأي تمويل حكومي. وبينت التقارير: أن الوزارة عجزت عن تنفيذ العديد من قرارات المجلس الأعلى للترويج السياحي- الذي يرأسه رئيس الوزراء- بسبب عدم وفرة الاعتمادات المالية، مستدلة في ذلك بعدة أمثلة، منها: أن الوزارة تقدمت بمشروع إنشاء دورات مياه على الطرق الخارجية، وبتوصية من المجلس الأعلى، وطلبت اعتماداً مالياً (100) مليون ريال، إلاّ أن وزارة المالية وافقت على اعتماد (2) مليون ريال فقط، الأمر الذي دفع السياحة إلى التراجع عن تنفيذ المشروع. وكشفت أيضاً أن وزارة المالية أعاقت مشروعاً لعمل "لوحات استدلال" خاصة بالطرق الخارجية، وأوقفت عقداً بين وزارة السياحة والطرق بدعوى عدم مشروعية إبرام عقد دون مناقصة، رغم أن هيئة الطرق هي الجهة الاحتكارية لوضع العلامات في الطرق وبموجب القوانين النافذة. ونظراً لهذا الشرط، ولعدم وجود شركات محلية أو خارجية منافسة، في الوقت الذي يستوجب قانون المناقصات وجود أكثر من ثلاثة عروض، فقد تراجعت وزارة السياحة عن المشروع، وظلت البنية التحتية للسياحة اليمنية تفتقر لأبسط الأساسيات. أما فيما يتعلق بغياب الأفق الاستراتيجي، وضعف التنسيق فقد استدلت التقارير على ذلك بعدم وجود أي خارطة سياحية لليمن، مشيرة إلى أن الإدارة المختصة بالمسوحات والخرائط رفضت التعاطي مع خارطة سياحية أعدتها الوزارة بدعوى أنها فيها أخطاء، وتسعى لفرض خارطة طبيعية (طوبوغرافيا الأرض) مخصصة لتوضيح تضاريس الأرض، ولم يسبق لأحد في العالم أن جعل منها خارطة سياحية. وبالتالي فإن مشاكل جمة ما زالت تترتب على عدم وجود خرائط سياحية في المنافذ الحدودية اليمنية. وتناولت التقارير العديد من القضايا بينها مشروع إدماج هيئة التنمية السياحية بالديوان العام للوزارة، والذي يواجه معارضة شديدة داخل مجلس الوزراء بسبب وجود إدارات حكومية أخرى تتخوف على مصالحها الخاصة ومراكزها الوظيفية، وتحضى بدعم شخصيات متنفذة في الدولة. وحذرت التقارير من أن تخلف البنى التحتية للسياحة، سينعكس في القريب العاجل على مستقبل السياحة اليمنية، خاصة في ظل وجود منافسين أقوياء في دول الخليج العربي المجاورة، وكذلك الدول القريبة مثل لبنان. وشككت التقارير في جدية الحكومة اليمنية في التحول إلى بلد سياحي، منتقدة بشدة الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع السياحة، ومحملة إياها مسئولية التخلف الذي تشهده السياحة في اليمن.