شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    الحكومة تطالب بتحرك دولي لوقف تجنيد الحوثي للأطفال تحت غطاء المراكز الصيفية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    "نوخان شبوة" تُسقط شبكة مخدرات: 60 كيلو حشيش في قبضة الأمن    "طاووس الجنان" و"خادمة صاحب الزمان"...دعوة زفاف لعائلة حوثية تُثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مافيها(صورة)    الدوري الاوروبي ... ميلان وليفربول يودعان البطولة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    نجل أنشيلوتي كان الركيزة الخفية لفوز الريال على المان سيتي    انفجار مقذوف من مخلفات الحوثي في 3 أطفال في قعطبة    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    الحوثيون والبحر الأحمر.. خطر جديد على كابلات الأعماق مميز    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    إسقاط طائرة تجسس حوثية في شقرة بمحافظة أبين    تأجيل مباريات الخميس في بطولة كرة السلة لأندية حضرموت    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    عن العلامة اليماني الذي أسس مدرسة الحديث النبوي في الأندلس - قصص رائعة وتفاصيل مدهشة    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    الكشف عن استحواذ جماعة الحوثي على هذه الإيرادات المالية المخصصة لصرف رواتب الموظفين المنقطعة    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    فضيحة قناة الحدث: تستضيف محافظ حضرموت وتكتب تعريفه "أسامة الشرمي"    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    ثلاث مساوئ حوثية أكدتها عشرية الإنقلاب    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    من هم الذين لا يدخلون النار؟.. انقذ نفسك قبل فوات الأوان    نيابة استئناف الامانة تتهم 40 من تجار المبيدات والأسمدة بارتكاب جرائم بيئية وتعريض حياة الناس للمخاطر    باريس سان جيرمان يرد ريمونتادا برشلونة التاريخية ويتأهل لنصف نهائى دورى الأبطال    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشروعات الحكومية المتعثرة.. مليارات تذرها الرياح
نشر في التغيير يوم 31 - 08 - 2008

السياسية - تحقيق: غمدان الدقيمي:بحسب مسؤولين في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بلغت مشروعات الطرق المتعثرة، حتى نهاية عام 2007، استنادا إلى التقرير المقدم من وزارة الأشغال العامة والطرق، 154 مشروعا، بإجماليتكلفة تعاقدية قدرها 85 مليارا و318 مليونا و588 ألفا و195 ريالا، المبلغ المنصرف منها على المشروعات المذكورة حتى نهاية العام الماضي بلغ مليارين, 373 مليونا و80 ألفا و463 ريالا، مع ذلك ظلت المشروعات متعثرة، والسبب- كما يوضح التقرير- عدم قيام وزارة المالية باعتماد المبالغ المخصصة لتلك المشروعات وفقا لما جاء في خطط وزارة الأشغال العامة, فضلا عن كون المقاولين الذين يديرونها غير مؤهلين, وكذا المعدات والكادر الفني.
ثم ينتقل المسؤول في جهاز الرقابة والمحاسبة لوصف زاوية أخرى لا تقل أهمية، مؤكدا أن فترة تنفيذ المشروعات في معظم العقود الموقعة مع المقاولين ليست محددة، وأن وزارة الأشغال قامت بتنفيذ مشروعات خارج إطار الخطة على حساب مشروعات أخرى متعثرة، مما أدى إلى تفاقم مشكلة التعثر وإطالة أمدها.
هناك أيضا تقرير آخر صادر عن البرلمان يشرح زيارة لجنة الخدمات بمجلس النواب لعدد من محافظات الجمهورية، ويقدم تفصيلا إضافيا للمأساة وعلى الرغم من أن التقرير صدر في مارس 2006، إلا أن ما حواه يظل طريا لجهة مستوى تنفيذ مشروعات الطرق المدرجة في البرنامج الاستثماري وبعض مشروعات الطرق الممولة بقروض خارجية التي أقرها مجلس النواب للأعوام 1997- 2004، إذ أوضح أن عدد مشروعات الطرق المتعثرة بلغت ما يقارب 300 مشروع، وحول هذه النقطة تحديدا حصلنا على معلومات موثقة تؤكد أن معظم هذه المشروعات- إن لم تكن جميعها- ما تزال متعثرة حتى يومنا هذا.
وكي تتضح الصورة أكثر على الأقل فيما يتعلق بمشروعات الطرق (كنموذج) للمشروعات المتعثرة في مختلف القطاعات، نقتبس من حوار أجرته "السياسية" قبل أشهر مع وزير الأشغال العامة والطرق المهندس عمر الكرشمي، الفقرة التالية: "عملنا في السنتين الأخيرتين جاهدين مع السلطات المحلية على تفعيل المشروعات المتعثرة وتنشيطها، وحققنا نجاحا لا بأس به لاستئناف العمل فيها، وعمل معالجات لأسباب التعثر".
وعن أسباب التعثر، فقد تركزت -بحسب الوزير الشاب- في: "عمل آلية لتجاوز تأخير دفع مستخلصات المقاولين وعدم إسناد أي مشروع بالتكليف المباشر تحت أي مبرر، كما كان سابقا، وإعداد مشروع لائحة القائمة السوداء سعيا نحو تفعيل المشروعات وعدم تعثرها".
وأضاف الكرشمي زاوية جديدة: "منذ بدأ الحديث عن إصدار لائحة القائمة السوداء للمقاولين قام الكثير ممن لديهم مشروعات متعثرة بتنشيط العمل". كلام الوزير لم ينته، كما أن الحديث عن المشروعات المتعثرة لن ينقطع على المستوى الرسمي والشعبي.
وباختصار شديد: "المشروعات الحكومية المتعثرة" من أهم المشكلات التي تؤرق الحكومة والمجتمع اليمني ككل. لذلك رأت "السياسية" أن تسلط الأضواء على هذه المشكلة وحجمها وأسبابها والآثار المستقبلية والحلول المناسبة لها علَّها تخرج برؤية تسهم في وقف النزيف الحاد الذي تتكبده الخزينة العامة، ليس كل عام، ولا كل شهر، ولكن كل يوم كما سيتضح لا حقا.
القصة تمضي
لا بأس أن تتحفظ عدد من الجهات التي زرناها عن الإدلاء بمعلومات عن أرقام المشروعات المتعثرة، لكن كان الأحرى بها تزويدنا على الأقل بالأسباب التي أدت إلى ذلك، فالامتناع عن الحديث بحجة أن "الموضوع خطير" يطرح أكثر من علامة استفهام.
في العام 2006 طالب تقرير لجنة الخدمات في مجلس النواب وزارة الأشغال العامة والطرق بإعداد قاعدة بيانات وخارطة مشروعات الطرق الإستراتيجية والرئيسية الممولة بقروض خارجية، والممولة عبر البرنامج الاستثماري، وذلك خلال الربع الثاني من عام2006، وكذا مساءلتها عن أسباب عدم البدء بتنفيذ المشروعات المدرجة في البرنامج الاستثماري، والتي مضت عليها سنوات طويلة دون تنفيذ، ومصير المخصصات المالية التي اعتمدت لتلك المشروعات والتي لم تصرف على تنفيذها أو تنفيذ أجزاء منها.
بعد انقضاء عامين خرجت ذات اللجنة بتقرير آخر ألمح إلى أن عددا من مشروعات الطرق ما يزال متعثرا. وإلى ذلك أضاف جملة مشروعات خدمية أخرى، وكان التقرير الصادر في يوليو 2008 تضمن نتائج الزيارة الميدانية لمحافظة إب، وكان الهدف من الزيارة: متابعة مستوى تنفيذ مشروعات الخطة الاستثنائية بمناسبة احتفال المحافظة بعيد الوحدة السابع عشر, وقد خلصت إلى أنه لا يوجد أدنى اهتمام بتنفيذ واستكمال بقية الأعمال في مشروعي مستشفى الثورة العام ومستشفى ناصر من الجهة التي تتبع لها، وبالتالي بقيت متعثرة إلى يومنا هذا.
وقال التقرير -حصلت "السياسية" على نسخة منه- إن قيمة إعادة تأهيل مشروع مستشفى الثورة العام بلغت 520 مليون ريال، بلغ المنصرف منها 358 مليون ريال. فيما بلغت قيمة مشروع إعادة تأهيل مستشفى ناصر العام 269 مليون ريال، ولم يوضح المنصرف منها.
اللجنة في تقريرها بعد تقصيها جميع الحقائق، طالبت بإلزام وزير الصحة العامة والسكان بسرعة استكمال تنفيذ المشروعين، كونه تم التعاقد على تنفيذهما بالتكليف مركزيا من الوزارة، وليس للسلطة المحلية أية مسؤولية على ذلك.
وفي ذات التقرير تبرز زاوية أخرى لا تقل أهمية، لها صلة بمشروعات قطاع كهرباء الريف "المؤسسة العامة للكهرباء", نتائج نزول اللجنة الميداني لمحافظتي "الضالع- لحج"، والتي ضمها تقرير صدر في مايو 2008، أشار إلى أن عدد المشروعات قيد التنفيذ في عموم محافظات الجمهورية خلال الأعوام /1996-2006/ 94 مشروعا.
وبالصيغة نفسها عاود التقرير تحميل وزارة المالية المسؤولية كما يبدو: من أهم أسباب تعثر مشروعات قطاع الكهرباء، قلة الاعتماد المخصصة لها عبر البرامج الاستثمارية, الأمر الذي يؤدي إلى تجزئة تنفيذها إلى عدة أعوام ما يقود إلى تعثرها.
وفضلا على ذلك يضيف: عدم موافقة وزارة المالية على مُناقلة مخصصات مشروعات القطاع أو إعادة توزيعها إلى مشروعات أخرى مدرجة في البرنامج الاستثماري، والتي هي بحاجة إلى مخصصات أكبر من المعتمد لها الأمر الذي يؤدي إلى عدم الوفاء بالالتزامات المالية تجاه المقاولين الذين يدفعون مبالغ أكبر ممَّا هو معتمد للمشروعات.
وكان التقرير أوصى بضرورة اعتماد المخصصات الكافية لمشروعات القطاع ضمن البرامج الاستثمارية للدولة خلال مدة زمنية محددة حتى لا تتعثر تلك المشروعات أو تتعرض بعض مكوناتها للسرقة والتلف نتيجة لتباعد الفترات الزمنية التي تمر في تنفيذها. بالإضافة إلى اختيار المقاولين المؤهلين ممن يمتلكون الخبرة والإمكانيات اللازمة والكفاءة الفنية في تنفيذ المشروعات.
التعليم العالي والشباب والرياضة
أوضح تقرير حديث صادر عن لجنة التعليم العالي والشباب والرياضة بمجلس النواب أن نسبة الإنجاز في مشروع الأستاد الرياضي في المحويت، البالغ تكلفته 250 مليون ريال، 25 بالمائة للمرحلة الأولى. علما أن تكلفة الدراسات لتنفيذ المرحلة الأولى بلغت 3 ملايين و500 ألف ريال، وكانت بداية تسليم الموقع للمقاول في 20/4/2007 على أن يتم انجاز المشروع خلال مدة أقصاها ثلاثون شهرا استنادا إلى العقد المبرم.
وكشف التقرير أن أسباب التأخير في تنفيذ المشروع الاستثماري (بيت الشباب) في المحويت يعود إلى ظهور شقوق أرضية وكهوف في موقع المشروع تطلبت تدخل المختبر المركزي لوزارة الأشغال العامة إلا أن الفترة طالت كثيرا.
وهو ما جعل التقرير يتحدث عن وجود روتين طويل ولا مبالاة أدى إلى تأخير التنفيذ، نتج عنه مطالبة المقاول بفوارق أسعار جديدة.
فالمقاول أخذ يتحدث عن تغيرات في الأسعار بنسبة تصل إلى 200 بالمائة عن أسعار تاريخ إعلان المناقصة العام 2005، في الوقت الذي لم تُعر وزارة الشباب والرياضة المسألة أية أهمية أثناء توقف المشروع، كما أن المحافظة مارست الدور نفسه.
وفي عمران قال التقرير: إن وضع مشروع بناء أستاد "عمران" الرياضي لم يتغير ولم يستفد منه منذ نزول اللجنة قبل عام وأربعة أشهر حتى اليوم، مما يؤكد عدم وجود متابعة جادة من الوزارة، ولا محاسبة للمقاول لإزالة تلك الأكوام من الأحجار والأتربة التي تملأ ساحة الملعب، ولعلَّ السبب في ذلك عدم وفاء الوزارة بالتزاماتها مع المقاول الذي أفاد بأنه لازال يطالبها بمبلغ 15 مليون ريال، وأنه فور تسلمه لمستحقاته سيقوم بإزالة المخلفات منذ الفترة المشار إليها أنفا.
وفيما يخص مشروع بناء نادي "ثلا" الرياضي، وتسوية ملعب النادي في عمران، لفت التقرير إلى أن اللجنة لم تشاهد أي جديد طرأ على موضوع تسوية ملعب النادي منذ زيارتها السابقة، وهو ما يستدعي تدخل الوزارة لحل المشكلة المتمثلة في شراء ثلاث قطع صغيرة من الأرض في الجهة الشمالية للملعب وقطعتين في الجهة الجنوبية لضمها إلى الملعب ليأخذ وضعه القانوني كملعب رياضي، وهناك استعداد من الأهالي للتعاون مع الوزارة في ذلك.
وأكد التقرير أن مشروع بناء استاد حجة الرياضي المقسم إلى مرحلتين، بُدئ العمل فيه عام 2000، حيث بلغت تكلفته عند توقيع العقد مبلغ 67 مليونا و444 ألف ريال، وتم استلام المرحلة الأولى من المشروع عام 2004، بينما لم يتم العمل في المرحلة الثانية حتى الآن.
أما الصالة الرياضية المغلقة في حجة فلم يتبق منها سواء استكمال الرص الخارجي، مع ذلك لم يتم استلام الصالة من المقاول المعني.
إلى ذلك أوصت اللجنة بعدم التوقيع على الاستلامات النهائية للصالات الرياضية في كل من محافظات: "المحويت، عمران، حجة"، وعدم الإفراج عن الضمانات الخاصة بها إلا بعد قيام المقاولين باستكمال النواقص والملاحظات التي ظهرت في تلك الصالات، رافضة تجزئة المشروعات على مراحل, ومشددة على أهمية تنفيذها بصورة كاملة في أنٍ واحد، وفق دراسات مكتملة.
ملايين تذروها الرياح
نعود الآن إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الذي كشف عن معلومات هامة تتعلق بالمخالفات المرتكبة من قبل أجهزة السلطة المحلية في المحافظات وأمانة العاصمة، وقد تبين بحسب –الجهاز الرقابي- تعثر مشروع الخط الدائري الشمالي (المرحلة الأولى) بأمانة العاصمة، ومشروع الستين الشمالي، والمكلفة بتنفيذهما شركة "أزال الصفاء"، التي اعتمدت في كلا المشروعين على مقاولين من الباطن.
وبيَّن الجهاز المركزي في التقرير الدوري للفصل الثاني من عام 2007 -تحتفظ "السياسية" بنسخة منه- أن نتائج حسابات السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية بمديرية مقبنة- محافظة تعز للعام المالي 2005 كشفت عن تسعة مشروعات متعثرة، منها أربعة مشروعات ممولة من موازنة المديرية خلال نفس العام، والبالغة تكلفتها التعاقدية 41 مليونا و239 ألفا و422 ريالا, صرفت منها على المشروعات سالفة الذكر 17,462,872 مليونا و462 ألفا و872 ريالا, في حين بلغت تكلفة خمسة مشروعات ممولة من السلطة المركزية 168 مليونا و460 ألفا و321 ريالا.
وبلغ إجمالي تكلفة المشروعات المتعثرة والممولة مركزيا والخاصة بمكتب الصحة العامة والسكان للعام المالي 2006 في تعز 352 مليونا و421 ألفا و137 ريالا لعدد عشرة مشروعات دون تحديد أسباب تعثرها، بلغ إجمالي المنصرف عليها حتى نهاية العام 137 مليونا و102 ألف و676 ريالا.
وفي مكتب التربية والتعليم في تعز، للعام المالي 2006، أماط التقرير اللثام عن 11 مشروعا متعثرا بتكلفة إجمالية قدرها 129 مليونا و214 ألفا و872 ريالا بلغ إجمالي المنصرف عليها 24 مليونا و468 ألفا و72 ريالا، إضافة إلى وجود ستة مشروعات متعثرة من المشروعات التعليمية في مديرية جبل حبشي، والبالغة تكلفتها 67 مليونا و735 ألفا و775 ريالا. كما لوحظ على هذه المشروعات أنه لم يتم الإعلان عنها في مناقصة عامة، حيث تمت بالتكليف المباشر من محافظ المحافظة.
وعن نتائج مراجعة مستوى الإنفاق الرأسمالي والاستثماري للسلطة الملحية في حضرموت للعام المالي 2005، كشف التقرير عن وجود 30 مشروعا متعثرا من المشروعات المنفذة في المحافظة، منها 20 مشروعا في مديرية الوادي والصحراء تكلفتها الإجمالية 440 مليونا و986 ألفا و610 ريالات، وحتى نهاية العام 2005، بلغ حجم الإنفاق عليها 169 مليونا و751 ألفا و127 ريالا.
فضلا عن مشروعات أخرى متعثرة في قطاع التربية والتعليم في حضرموت بلغت تكلفتها عشرات الملايين.
وفي لحج تبين وجود 32 مشروعا متعثرا منذ العام 2000 في المجال التعليمي، تم تعزيزها خلال عام 2006، ولم تتخذ الإجراءات القانونية لتصحيح وضعها حيث بلغ المنصرف عليها 11 مليونا و588 ألفا و100 ريال. وفيما يخص المشروعات الرأسمالية والاستثمارية في المحافظة للعام المالي 2005، يوجد 19 مشروعا متعثرا تكلفتها الإجمالية 217 مليونا و968 ألفا و887 ريالا، وإجمالي ما انفق عليها حتى 31/12/2005 بلغ 70 مليونا و861 ألفا و671 ريالا، ومن أهم أسباب تعثر هذه المشروعات -كما أوضح التقرير- تنفيذها بالتكليف المباشر ومُناقلة الاعتمادات المالية المعتمدة من مشروع إلى آخر وإسناد تنفيذها إلى مقاولين غير مؤهلين وغيرها.
وكما يتضح من تقرير الجهاز المركزي، أيضا، أن المشروعات المتعثرة لا تقتصر على محافظة بعينها وإنما تتوزع هنا وهناك بكميات متفاوتة.
جامعة صنعاء
تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الدوري الصادر عام 2007، أثناء مراجعته لنتائج مشروعات جامعة صنعاء للعام المالي 2005، كشف عن عدم استخدام الاعتمادات المدرجة في موازنة الجامعة بالشكل الأمثل، حيث بلغت نسبة الاستغلال 30 بالمائة من إجمالي الاعتمادات البالغة 986 مليونا و662 ألف ريال، نتيجة عدم استكمال إجراءات البت والتعاقد في مشروعي القاعة الكبرى متعدد الأغراض، ومباني كلية الهندسة (المرحلة الثانية) والتي بلغت اعتماداتها 622 مليون ريال، بما نسبته 64 بالمائة من إجمالي اعتمادات بند البناء والتشييد الخاص بالجامعة، علما بأن ما تم إنفاقه على المشروع بلغ 25 مليونا و496 ألف ريال نظير الدراسات والتصاميم لمبنى القاعة الكبرى فقط.
فضلا على إبرام أكثر من عقد لمشروع واحد تحت مسمى "استكمال مشروع"- على سبيل المثال- سلسلة مشروعات استكمال لتسوير أراضي مذبح (منذ التسعينات)، ومشروع استكمال بدروم كلية التربية وصيانة كلية الطب، والتي بلغ إجمالي عقودها37 مليونا و925 ألفا و521 ريالا.
وفيما يتعلق بتعثر مشروع مبنى مستشفى الكويت الجامعي الجديد، فقد ترتب على ذلك تحمل خزينة الدولة فوارق مالية كبيرة بلغت 755 مليونا و544 ألفا و336 ريالا عن القيمة الأساسية للمشروع المقدرة ب229 مليونا و874 ألفا و236 ريالا، حسب العقد الموقع في 98، ولفترة تعاقدية تمتد إلى540 يوما. وبلغت تكلفة المشروع الحالية 985 مليونا و418 ألفا و572 ريالا.
وعن جامعة الحديدة فهي ليست ببعيدة عن مسألة التعثرات وهدر أموال طائلة لقاء ذلك. تقرير الجهاز المركزي كشف عن استمرار تعثر عدد من المشروعات التابعة للجامعة والبالغة نسبتها 71 بالمائة حتى نهاية عام 2004، من إجمالي المشروعات الجاري تنفيذها. ومن مسببات التعثر تدخل وزارة المالية في تقدير الاعتمادات المالية المصرح بها للجامعة، بالإضافة إلى القصور في الإجراءات والمتابعة والإشراف على تنفيذ المشروعات من قبل الجامعة.
النفط والمعادن
أما في وزارة النفط والمعادن أوضح التقرير من خلال نتائج مراجعة حسابات شركة توزيع المنتجات النفطية للعام المالي 2004، استمرار تعثر عدد من المشروعات لفترات طويلة بلغ ما أمكن حصره خمسة مشروعات، بلغت تكلفتها التعاقدية 3 ملايين و353 ألفا و169 دولارا، و124 مليونا و597 ألفا و504 ريالات، بالرغم من قيام الشركة بتقديم كافة التسهيلات للمقاولين المنفذين من حيث صرف عهد على ذمة المستخلصات، ولم يتم خصم أي غرامات تأخير وفقا للعقود المبرمة وقانون المناقصات الأمر الذي انعكس سلبا على عملية التنفيذ.
وحول نتائج مراجعة حسابات المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في أمانة العاصمة، وقوائمها المالية للعام المالي 2006، بيَّن التقرير وجود عدد من المشروعات الراكدة والمرحلة من سنوات سابقة عددها 28 مشروعا، وحتى نهاية عام 2006 بلغ إجمالي المنصرف عليها 625 مليونا و52 ألفا و832 ريالا. وفي فرع المؤسسة في إب للعام المالي 2005، كشف التقرير أن نسبة الإنجاز في مشروع توسعة محطة المعالجة بلغت "صفر بالمائة"، ولوحظ إجراء مُناقلة من المخصص المتعمد للمشروع بمبلغ 51 مليونا و170 ألف ريال، إلى مشروع تحسين خدمات المياه والصرف الصحي في إب بقرار وزير المالية رقم 180 لسنة 2005 بتاريخ 2/8/2005 الأمر الذي أدى إلى تعثر المشروع، والذي عزاه المختصون إلى أن التمويل الخارجي يقل عن العطاءات المقدمة لتنفيذ المشروع، كما بيَّن تعثر مشروع مياه ومجاري منطقة "الظهرة" للسبب السابق نفسه، وبالمثل مشروع خدمات مياه القاعدة.
وعلى الرغم من انقضاء مدة تقدر ب50 بالمائة من فترة العقد الموقع بخصوص مشروع مجاري صعدة، إلا أنه لم يتم تعيين الكادر اللازم لتنفيذ أنشطته وإصدار النظم واللوائح المالية والإدارية التي تحكم أعمال المشروع برغم تحديد مدة التنفيذ ب45 شهرا تبدأ من مايو 2004 على أن تنتهي في فبراير 2008. وبلغت تكلفة المشروع 23 مليونا و700 ألف دولار، يمول عن طريق مساعدة من الحكومة الألمانية بمبلغ 19 مليونا و100 ألف دولار، ومساهمة الحكومة اليمنية ب4 ملايين و600 ألف دولار.
1,500 مليون دولار خسارة يومية
في مشروع محطة مارب الغازية تكمن أم المشكلات، إذ تبدو المرحلة الأولى منه قيد التعثر، وليس هذا فحسب، بل إن المسألة تعدت ذلك إلى خسارة يومية تقدر ب1.500 مليون دولار يوميا، مقابل تكاليف استئجار محطات توليد الطاقة الكهربائية من القطاع الخاص.
هذا المشروع الاستراتيجي-كما يؤكد تقرير برلماني- أسند إلى شركة "بارسيان" الإيرانية، وهي للأسف لم توفي بالتزاماتها التعاقدية، فكان أن برز خلل في مكونات وأنشطة محطات التحويل, محطتي التحويل ذات الجهد 400 ك.ف ومحطتي التحويل في منطقتي ذهبان وحزيز ذات القدرة 132 ك.ف. الأمر الذي ضاعف من خسائر الخزينة العامة للدولة بصورة يومية، وبمبالغ مهولة، كما سلف ذكره. في البدء كان يفترض تسليم شركة "بارسيان" الإيرانية أول محطة تحويل في نوفمبر 2007، حسب الوعود، لكنها تخلفت ليتم تأجيل الموعد إلى فبراير 2008، دون أية نتيجة تذكر، فمنحت موعدا جديدا إلى أغسطس المقبل على أن يبدأ التشغيل خلال نوفمبر المقبل، ولا نعلم إن كانت ستطلب فترة إضافية جديدة على حساب كرم الخزينة العامة أم لا.
وزارة المالية
من هنا ستبدأ رحلتنا مع المختصين والمعنيين في الجهات المختلفة, ففي وزارة المالية قال مدير عام الموازنة العامة للدولة علي الشماحي، مجيبا على سؤال يتعلق بتصنيف أو مفهوم المشروعات المتعثرة: - المشروعات المتعثرة تعرف بالمشروعات التي تم البدء بتنفيذها ثم توقفت أو تأجلت عملية استكمالها أو تنفيذها لسبب أو لآخر، وكذا المشروعات التي استكملت الإجراءات القانونية لتنفيذها (إعلان وتوقيع العقود) وتأجلت عملية بدء التنفيذ الفعلي لها على أرض الواقع.
وبالنسبة للأسباب قال: أسباب التعثر تعود إلى المشاكل والمنازعات القبلية ومشاكل الأراضي وأخطاء في تصاميم بعض المشروعات، مما يتطلب إعادة تصميمها بعد بدء التنفيذ، إضافة إلى القدرة التنفيذية والتحايل من بعض المقاولين.
وبينما كنت في وزارة المالية أبحث عن معلومات متعلقة بالموضع، حصلت على معلومات خاصة رفض أصحابها الإفصاح عن أسمائهم، وكان عليَّ الالتزام بذلك. المهم أن المعلومات أكدت وجود تقارير خاصة بالمشروعات المتعثرة لدى وزارة المالية، إلا أنه يتم التحفظ عليها.
وأشار علي الشماحي إلى أن إعداد تقرير من هذا النوع يتطلب معرفة وضع المشروعات في الوقت الراهن؛ لأن العديد منها -حد قوله- تغير سير تنفيذها عمّا كان عليه عند إعداد موازنة 2008، وأن إعداد تقرير يعتمد بيانات سابقة لن يعكس الوضع الحقيقي لتلك المشروعات.
وتابع الشماحي: خلال العامين الماضيين تم معالجة أوضاع أغلب هذه المشروعات، سواء من خلال إلزام المقاولين باستكمال تنفيذها أم سحبها من المقاولين السابقين وإعادة الإعلان عنها أم معالجة أوضاع الفوارق السعرية.
وأكد الشماحي أن النتائج التي تتكبدها الخزينة العامة للدولة تتمثل في ارتفاع كلفة هذه المشروعات، خصوصا وأن توقفها لفترة طويلة يدفع المقاولين إلى رفض استكمالها لاحقا ما لم يكن هناك زيادة في تكلفتها، وفي حالة سحبها وإعادة الإعلان عنها لا يقبل المقاولون الجدد إلا في ضوء التكاليف الحالية المرتفعة، أضف إلى ذلك يترتب على استمرار تعثر المشروعات عدم الاستفادة مما يخصص لها سنويا من اعتمادات.
ومن ضمن المعالجات اقترح الشماحي في حديثة إلى "السياسية" عددا من المقترحات والحلول المناسبة للموضوع، أهمها: التأكد من توفر الأراضي اللازمة والمناسبة للمشروعات، وعدم وجود أية مشاكل بشأنها، وإعداد الدراسات والتصاميم الحقيقية لها قبل البدء بالإعلان عنها، والالتزام بقانون المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية.
وزارة التخطيط
وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي لقطاع برمجة المشروعات المهندس عبدالله الشاطر، قال: المشروعات التي تحت إشراف وزارة التخطيط والتعاون الدولي تسير بشكل سريع، ولا يوجد هناك أي تعثر، مثال على ذلك: مشروع الأشغال العامة وبرنامج تطوير مدن المواني، ومشروع السايلة، والصندوق الاجتماعي للتنمية الذي يديره نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتعاون الدولي.
وأشار إلى أن الأسباب الداخلية لمسألة تعثر المشروعات قد تكون ناتجة عن الجهة أو المقاول المنفذ للمشروع. أما الأسباب الخارجية: ارتفاع الأسعار، والتنازع على الموقع، ووجود مشاكل حول الملكية، والعوامل المجتمعة، وشح الاعتمادات إن وجدت، والنقص في المواد بالسوق.
وحول مستوى تنفيذ المشروعات في الخطط الخمسية الأولى والثانية والثالثة، قال: سيتم وفقا لما هو مخطط ومرسوم، ولكن "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن". فالصعوبات والعثرات دائما وأبدا هي ملح الطعام، فكما كان الواقع مرا لكن في الأخير مذاقه حلو، وتكاد نسب الإنجاز في الخطط الثلاث تقترب من المؤشرات التي رسمت، فعلى سبيل المثال: ما تم إنجازه من مؤشرات خلال الخطة الخمسية الثالثة للأعوام 2006 - 2007 يكاد يقترب من حدود 78 بالمائة من حجم الاعتمادات المرصودة، وهذا قياسا بما ورد في الخطة الثالثة يعتبر مؤشرا جيدا، ولكن على مستوى التفاصيل، فهناك عثرات ولا ترتقي إلى مستوى الحديث عنها. وإجمالا هناك تقييم نصفي سيقدم إلى مجلس الوزراء حول الإنجازات أو مستوى التقدم في سير العملية بالخطة الخمسية الثالثة، ويحتوي التقييم على المؤشرات الكلية للخطة بما فيها المشروعات، وسترد مقارنات للسنوات السابقة وسنوات المقارنة 2006- 2007، ويمكن للمطّلع أن يقف على ذلك.
هيئة مكافحة الفساد
وكيل قطاع الذمة في الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد محمد حمود المطري، يقول بخصوص المشروعات المتعثرة: إن ظاهرة التعثر في تنفيذ مشروعات الخدمات العامة تشكل ضررا على المال العام، ومن نتائجها حرمان طالب الخدمات من الاستفادة منها وحرمان البلد من القروض الميسرة والمساعدات.
موضحا أن المشكلة مرتبطة بإصلاح الخلل على مستوى الجهات نفسها، حيث تواجه بعض المشروعات عدم اهتمام الجهات في استكمال الإجراءات وتسليم المواقع في الوقت المحدد وغيرها.
وزاد المطري: منذ إنشاء الهيئة تم منع تنفيذ المشروعات بالتكاليف والالتزام بالإجراءات القانونية في التنفيذ عن طريق المناقصات وإتاحة الفرص أمام المقاولين للتنافس على أساس المقدرة والخبرة والكفاءة. وقال: نتوقع انخفاضا كبيرا في عملية تعثر المشروعات في المراحل المقبلة. أما مشاكل السنوات الماضية، فالهيئة تقوم بمتابعتها ودراسة أسباب التعثر -على سبيل المثال- طريق تعز- التربة، لاحظت الهيئة وجود تعثر في تنفيذ المشروع فأتضح لها من خلال المتابعة والتحري وجود إشكالات أيضا في التنفيذ. ومشروعات أخرى كثيرة تدرس الهيئة حاليا ملفاتها ومتابعة الجهات المختصة للتعرف على الأسباب ووضع الحلول والمعالجات القانونية التي تضمن انجاز هذه المشروعات والاستفادة من المبالغ المرصودة في موازنات تلك الجهات لتنفيذ مشروعات أخرى. وفي حالة وجود مشاكل تتقصى الهيئة الحقائق مع الجهات المسؤولة، وتتخذ الإجراءات اللازمة.
وأشار إلى أن الالتزام بالأنظمة والقوانين في الإجراءات التي تقوم بها الجهات يخفف عليها الوقوع في مخالفات، إلى جانب أنها تحمي المال العام من الاستغلال السيئ، وهذا ما تسعى إليه الهيئة من خلال عقد شراكة مع كافة الأجهزة وبالتعاون مع وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، وبوسائل مختلفة لمحاربة الفساد المالي والإداري والفني الذي يصاحب تنفيذ المشروعات.
رأي برلماني
من جانبه يؤكد المهندس عبدالكريم محمد الاسلمي -مقرر لجنة الخدمات في مجلس النواب- أن اللجنة تتابع منذ فترة طويلة المشروعات المتعثرة في محاولة للدفع بها وإخراجها من حالة التعثر التي تعيشها, مشيرا إلى أنها قامت بإعداد أكثر من تقرير عنها ونزلت ميدانيا، واستدعت الأخوة من الحكومة لمناقشة الموضوع، كما قامت بدراسة ومعرفة أسباب التعثر، ووضعت التوصيات والمقترحات اللازمة، وكل هذا موجود في تقاريرها التي بدأت فيها منذ عام 1999. موضحا أن أسباب تعثر المشروعات كثيرة ومتنوعة وتتحملها عدة جهات بما فيها الحكومة والحكومات السابقة، وذلك منذ لحظة اعتماد المشروع، حيث تعتمد مخصصات مالية ضئيلة للمشروع لا تكفي أحيانا حتى ل5 بالمائة من قيمته، مما يؤدي إلى تعثره، إلى جانب الإجراءات الروتينية والمعاملات الزائدة سواء في إجراء المناقصات أم عند صرف المستخلصات للمقاولين، وغياب الدراسات اللازمة لبعض المشروعات إلى جانب إسناد الأعمال إلى مقاولين غير مؤهلين، وليس لديهم أية قدرة وخبرة على تنفيذ المشروعات، سواء كان بالتكليف أم عن طريق المناقصات.
رأي أكاديمي
وعن توقف المشروعات واستئنافها، قال الدكتور سليمان الصافي- أستاذ مساعد بقسم الهندسة المدنية إنشاءات كلية الهندسة جامعة صنعاء: من المفترض أن يتم استكمال جميع أعمال الإنشاءات بالوتيرة نفسها حتى الانتهاء من الأعمال الرئيسية الهيكلية، وذلك للمحافظة على تماسك وترابط المنشآت، ويمكن تأجيل أعمال التشطيبات في حالة عدم وجود التمويل، ولكن ليس حكما محتوما في كل الأحوال، وإنما يمكن في بعض الأحوال إيقاف الأعمال في المشروعات الهندسية لأي سبب كان، ومن ثم استئنافها لاحقا بشرط أن يتحقق الترابط والتماسك بين المراحل التي يتم عملها لاحقا.
وأضاف الصافي: يفضل هندسيا إنجاز المشروعات بوتيرة واحدة حتى الانتهاء ليتسنى تقييمها فنيا بشكل كامل وتلافي أي قصور قد يطرأ بعد الانتهاء في حين أن توقف المشروعات عند أي مرحلة لا يعطي للجهات الفنية الآثار الناتجة عن التنفيذ بشكل كامل، كون هذه المشروعات لا يتم استخدامها في أغلب الأحوال إلا بعد الانتهاء منها، ولأن المنشآت غالبا ما تعطى فترة للصيانة بعد التسليم الابتدائي، وهذا لا يمكن في حالة توقف المنشآت واستئنافها.
مقاول
أحد المقاولين أكد - فضل عدم ذكر اسمه- أن الإجراءات الروتينية التي تتبعها وزارة المالية والجهات المختصة في صرف مستخلصات المقاولين وغيرها، هي السبب الرئيسي في تعثر الكثير من المشروعات، ولكنه لم يخفِ أن بعض المقاولين هم السبب في التعثر وإنجاز المشروعات بالشكل غير المطلوب، وأرجع ذلك إلى غياب الرقابة من قبل الجهات الرسمية والفساد المنتشر في معظمها، حيث يقومون بالاتفاق مع المقاول للحصول على نسبة معيَّنة من هذا المشروع أو ذاك مقابل السماح له بالتنفيذ بالطريقة التي يراها هو مناسبة، وليس هم أو مصلحة البلد.
المالية مرة أخرى
من جهته يرى وكيل قطاع التخطيط والإحصاء والمتابعة المساعد في وزارة المالية أحمد محمد حجر، أن أي برنامج استثماري لأي دولة أو حتى لأي جهة لكي يحقق الأهداف المرجوة من تنفيذه لا بد أن يتم ربط كافة المشروعات المدرجة فيه (أي في الموازنة العامة للدولة) بأهداف اقتصادية واجتماعية محددة وواضحة ومدروسة مسبقا وتلبي احتياجات وطموحات مجتمعية حقيقية ومرغوبة بهدف تقييم النتائج الفعلية من تنفيذها وقياسها (النتائج) في ضوء الأهداف المرسومة مسبقا؛ لتتمكن الجهات المختصة من معرفة مدى كفاءة السياسة المالية في تخصيص الإنفاق العام على المستوى الكلي أو القطاعي أو الإقليمي.
وقال: إنه في كثير من الأحيان يقتصر التقييم في تنفيذ المشروعات على الجانب المالي الذي ينحصر على مدى استنفاد الجهات للمخصصات المحددة لها، ولا يعكس مدى تنفيذ المشروعات حسب المواصفات أو مراحل التنفيذ الحقيقي أو المادي، ومدى تحقيق استفادة المستهدفين من المشروع والسلع والخدمات المترتبة من تنفيذه، وهذا يمثل خللا كبيرا في عملية التقييم للمشروعات الإنمائية.
وعن تنفيذ الجهات مشروعات خدمية خارج إطار خطتها الاستثمارية، وعلى حساب مشروعات أخرى والمشروعات التي تعتمد في الخطة ولا يتم الصرف عليها، يقول حجر: يعود ذلك إلى عدم وجود أسس واضحة وعلمية ودقيقة لإدراج المشروعات ضمن البرنامج الاستثماري للجهات، وهو ما يجعل عملية تنفيذ المشروعات عشوائية في كثير من الأحيان ومرتكزة على ضغوطات وبحسب ما يرد من توجيهات، وليس مبنيا على خطط واقعية للتنفيذ، ولذلك نجد أن هناك مشروعات مدرجة في الموازنة، ولكنها غير مستوفية شروط التنفيذ لها، بينما تظهر مشروعات بسبب ضغوطات أو يثبت إمكانية تنفيذها خلال العام فتضطر الجهات، وخوفا من عدم قدرتها، لاستيعاب مخصصاتها أو إظهار تقصيرها في إدراج مشروعات مهمة وعملية، وإلى تنفيذ هذه المشروعات، وهو ما يؤدي إلى إرباك عملها، فضلا على إرباك وزارة المالية بعملية المناقلات من مشروع إلى آخر.
وأكد حجر أنه لا يوجد مشروع لا يتم الصرف عليه من قبل وزارة المالية، وإنما توجد مبررات لعملية حجز المبلغ؛ لأسباب منها: أن الدراسة غير مكتملة، أو الوثائق غير سليمة، أو مصادر التمويل غير واضحة، وغيرها. مشددا على أهمية الشفافية والوضوح ما بين الجهات المعنية بتنفيذ المشروعات ووزارة المالية.
وفي رده على اتهام جهات مختلفة لوزارة المالية باعتمادها مبالغ ضئيلة للمشروعات مما يؤدي إلى تعثرها والتأخير في صرف مستخلصات المقاولين، قال: الواجب أن تعرف جميع الجهات أن المالية لا تستطيع تجاوز سقفا معينا للنفقات الذي يتحدد في ضوء حجم الإيرادات المتاحة، والسقف المحدد للعجز، وبالتالي لا تستطيع الدولة توفير ما ورد لكل جهة حسب ما تريد؛ لأن سقف الإنفاق محدد، وطلبات الجهات عديدة وكبيرة، وأن الحكومة لا بد أن تضخ نقودا بالقدر الذي لا يؤدي إلى زيادة العرض والإخلال بمبدأ الاستقرار الاقتصادي نتيجة التضخم وتدهور سعر صرف الريال. منوها إلى أن وزارة المالية وضعت معايير وسقوفا محددة للنفقات للجهات، تتناسب مع أولويات التنمية وإمكانية الدولة، وأنها تقوم حاليا بتبليغ الجهات بالسقوف المتاحة لها قبل إعداد الموازنة، وبالتالي على الجهات تحديد المشروعات اللازم تنفيذها المدروسة جيدا أو تخصيص المبالغ الكافية لإنجاز المرحلة المحددة في خطة تنفيذ المشروعات دون إدراج مشروعات غير مدروسة ومبالغ لا تسمح بتنفيذ حقيقي، وهو أحد أسباب فتح اعتمادات إضافية.
أما بخصوص وجود مستحقات (مستخلصات) للمقاولين لم تصرف من المالية لفت حجر إلى أن ذلك راجع إلى عدم استكمالهم لوثائق الصرف أو التأخير في تقديم الطلبات، بحيث لا تقدم إلا بعد استنفاد الجهات لمخصصاتها، أو التنفيذ بمبالغ تفوق المخصص للمشروعات، أو ربما غير مدرجة. وطالب حجر بالتقيد بما ورد في الموازنة وتقديم الطلبات مستوفية لشروط الصرف والوقت المحدد للصرف، وبإصلاح أسلوب إعداد المشروعات وتنفيذها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.