تعتزم الحكومة اليمنية إجراء تعديلات جوهرية في قانون المصارف وإعادة النظر في سعر الفائدة في خطوة تهدف إلى السماح للمستثمر الأجنبي والخليجي على وجه الخصوص برفع نسبة مساهمته في رأس المال في أي بنك إلى 50 في المائة بدلاً من 20 في المائة السائر حالياً، في الوقت الذي تسود فيه الأوساط المالية والمصرفية في البلاد حالة من الترقب الحذر لما ستسفر عنه التعديلات المقترحة. تأتي هذه التعديلات تنفيذاً لتوجيهات الرئيس علي عبد الله صالح للحكومة الأسبوع الماضي، المتضمنة سرعة إنجاز 15 مهمة عاجلة من بينها مراجعة قانون المصارف وإعادة النظر في سعر الفائدة. وبهذا الخصوص وافق مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه الأسبوعي أمس، على مقترح محافظ البنك المركزي اليمني بشأن تعديل مادة من قانون خاص بالمصارف الإسلامية وإلغاء مادة في القانون نفسه. كما وجه المجلس بإحالة مشروع التعديل والإلغاء إلى مجلس النواب لاستكمال الإجراءات الدستورية اللازمة. وسيتيح التعديل للبنك المركزي السماح للبنوك الإسلامية في الخارج والبنوك التجارية العاملة في اليمن فتح فروع لها أو نوافذ للعمل وفقا للشريعة الإسلامية ووفقا للشروط والمعايير والضوابط التي يضعها البنك المركزي اليمني، إلى جانب إفساح المجال أمام مساهمة غير اليمنيين أفرادا وهيئات أو مؤسسات أو شركات أو مصارف في رأس مال أي بنك ينشأ بحكم هذا القانون.. فيما تتعلق المادة التي تم إلغاؤها بالامتيازات والإعفاءات الواردة في قانون الاستثمار التي تمنح للمصرف المرخص له. وذكر ل "الاقتصادية" مسؤول رفيع في البنك المركزي اليمني أن موافقة مجلس الوزراء على تعديل بعض المواد الخاصة بقانون المصارف الإسلامية جاء بناءً على مذكرة محافظ البنك المركزي التي رفعها في وقت سابق من الشهر الماضي تضمنت ضرورة أن تتضمن التعديلات المقترحة لقانون المصارف تعديلات في مجموعة من القوانين ذات العلاقة، منها قانون البنوك الإسلامية وقانون الشركات والقانون التجاري وغيرها من القوانين ذات المتصلة. وأكد المسؤول أن التعديلات التي ستدخل على قانون البنوك الإسلامية تهدف في الأساس إلى تمكين المستثمرين الأجانب الخليجيين على وجه التحديد من امتلاك حصة أكبر في رأسمال المصارف بدلاً من 20 في المائة المحددة بالقانون النافذ .. مشيراً إلى أن التعديل في القانون المقترح سيسمح بامتلاك الأجانب نسبة 50 في المائة من رأسمال البنك. وكان عدد من المستثمرين الخليجيين قد أعلنوا اعتزامهم افتتاح فروع جديدة في اليمن مثل مؤسسة الراجحي السعودية وبنك قطر الوطني ومستثمرين خليجيين آخرين. وقال الدكتور شهاب العزعزي رئيس منتدى الأعمال الخليجي - اليمني ورئيس لجنة تأسيس بنك الاتحاد الإسلامي الدولي إن الحكومة اليمنية رخصت لبنك الاتحاد الإسلامي للعمل في اليمن برأسمال 100 مليون دولار، وقال الدكتور شهاب العزعزي، إن الحكومة اليمنية منحت الرخصة للبنك، إلا أنه تم تخفيض مساهمة المستثمرين الخليجيين إلى 20 في المائة بدلا عن 50 في المائة حسب النظام الأساسي للبنك. وعزا ذلك إلى النص القانوني الذي يتضمنه قانون المصارف الإسلامية بأنه لا يجوز أن يمتلك المستثمرون الأجانب ما يزيد على 20 في المائة من أسهم البنوك الإسلامية. وأوضح العزعزي أنه بناء على ذلك النص القانوني فإن البنك اضطر إلى تعديل النظام الأساسي له، حيث تم تخصيص 40 في المائة من أسهم البنك للاكتتاب العام و60 في المائة للمؤسسين. وأكد الدكتور العزعزي رئيس مركز شهاب للاستثمارات المالية في الإمارات، إنه تلقى وعدا من رئيس الحكومة اليمنية بتعديل النص القانوني الذي يحضر على الأجانب تملك أكثر من 20 في المائة من أسهم البنوك الإسلامية خلال الفترة القليلة القليلة القادمة، موضحا أن ذلك سيتيح رفع نسبة المساهمين من المستثمرين الخليجيين إلى 50 في المائة كما كان مخططاً له مسبقا. وعلى صعيد إعادة النظر بسرعة الفائدة فيرى محللون اقتصاديون يمنيون ان هذه الخطة لا تبدو جلية وواضحة لتلك الأوساط بسبب الأوضاع الاقتصادية السائدة التي تبدو أكثر حساسية لأي تدخل في مراجعة سعر الفائدة خفضاً أو ارتفاعاً. والمعلوم ان السعر الحالي لفوائد الودائع والادخار في أذون الخزانة يتراوح ما بين 14 - 15 في المائة فيما أسعار الإقراض التمويلي يتجاوز 20 في المائة الأمر الذي يرفع من كلفة رأس المال الإنتاجي بشكل غير مسبوق وبالتالي فانه في حالة خفض سعر الفائدة فان ذلك الإجراء سيزرع الثقة الحذرة بالريال وسيزيد من اتجاه المدخرين للادخار بالعملات الأجنبية التي تكاد تمثل ما نسبته 50 في المائة من المدخرات خلال السنوات الأخيرة الأمر الأخر ان التضخم الحاصل يراوح ما بين 12 في المائة و 15 في المائة حسب مصادر رسمية وخارجية وبالتالي فان خفض سعر الفائدة إلى ما دون ذلك سيزيد من مصاعب العملة الوطنية التي تترنح أمام العملات الأجنبية وفي حالة رفع الفائدة عن معدلها الحالي من شانه ان يزيد من مصاعب الحكومة في التمويل بواسطة أذون الخزانة وسيزيد من كلفة رأس المالي ويقود إلى مزيد من الركود الاقتصادي فيما تتطلع الحكومة إلى تحريك النمو الاقتصادي بوتيرة أعلى. وذكر المحللون الاقتصاديون انه في كل الأحوال الخياران ينطويان على مخاطر كبيرة لا يقدر الاقتصاد بهشاشته الحالي على تحملها ما لم يكن هناك مبادرة لإعادة النظر بالاحتياط النقدي الأجنبي وتوجيه جزء منه لتمويل الإقراض الاستثماري والتمويلي، لأن ذلك سينعكس على الحفظ الآلي لكلفة الفائدة المرتفعة على القروض المصرفية التي تتجاوز 20 في المائة وشكلت عائقاً أمام المستثمر المحلي طيلة السنوات الخمس الماضية.