الورقة الأولى: تركت مدرستي في عمر الزهور والتحقت بمدرسة التخلف (القات)، وضربت في الأرض الأفاق شأني في ذلك شأن الملايين من أبناء وطني المثقلين بهموم رمز اليمن الأوحد (القات). ومرت السنون وذوى غصن الشباب وبلغ وطني أربعين عاما ويزيد، وتخرجت من مدرستي (القاتية) بامتياز مع مرتبة الخزي والانحطاط والعار، وبين الفينة والأخرى أعود إلى وطني حاملا ومشاركا في صنع سربال طويل من الخيبة والانكسار، وكل همي بقايا (فتات) أسدد بها ديون والدي التي لا تنتهي، وبكل عنفوان تراني اشرع في صنع واقع مهزوم تذكي أواره تعليمات مدرستي (القاتية) الموشجة أواصرها بثقافات بالية. الورقة الثانية: أتأزر بمعوز قصير جدا ولا ادعه يتهدل إلى أسفل ركبتي واحزم خصري النحيل ( بقايش) عسكري لزوم المنجهة والتمرجل القاتي القبيح. الورقة الثالثة: أتسربل عادة بثوب أبلج أتمرغ فيه أياما وليال في مقايل مدرستي القاتية، فهو بالنسبة لي نهاري المرصع بالتراب وليلي المثقل بالهموم تتوسطة (جنبية)غالية الثمن ألجأ إليها وقت النوازل والقوارع،زائد كونها كل ثروتي وغاية دوري ودولاب سفري ولي أحيانا فيها مآرب أخرى. الورقة الرابعة : السلاح رجولتي وزينتي.. هكذا تعلمت في مدرستي القاتية، وهو لغتي التي أتحدث بها ومنطقي الوحيد الذي أومن به، كما انه ناري التي اكتوي بها كل يوم فأنا قاتل ووسيلتي السلاح ومقتول وقاتلي القات. الورقة الخامسة : (القات قوت)، (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب )، ( وحق القات تدبر).. شعارات جوفاء ساذجة ظلت وما زالت تلازمني وتؤرقني إلى اجل غير مسمى، ولهذا فانا وبإصرار عجيب امضي في إتباع منظومة ثقافية من صنع مدرستي القاتية دونا عن سائر الشعوب: في الفرح قات.. في الحزن قات.. في البحر قات.. في الجو قات.. في البر قات.. في العمل قات.. في الفراغ قات.. في الزواج قات.. في الطلاق قات.. في الحل قات.. في الترحال قات.. في الوصل قات.. في الهجر قات.. في القراءة قات.. في الكتابة قات.. في الشارع قات.. في المنزل قات.. في الفضيلة قات.. في الرذيلة قات.. في الرياضة قات.. في الفن قات.. في الحديقة قات.. في السياسة قات.. في السلم قات.. في المعارك قات.. في الليل قات.. في النهار قات.. في كل ثنايا حياتي قات..