يبدو أن عام 2005 والذي ودعناه قريبا لن يبتعد عن مخيلتنا كثيرا خاصة إذا ما نظرنا الى أهم ما تركه من نكبات والتي نوجزها بوصفه ب ( عام التمرد في اليمن ). فمع تباشير الفجر والتي أعلنت ميلاد ذلك العام بدأت الجبال اليمنية تمردها من منطقة "قدس" في محافظة تعز حين ظهر انشقاق في قمة إحدى الجبال مكونا أخدوداً يصل طوله الى 500 م وبعمق يتراوح بين 10- 15 متر الأمر الذي أثار الرعب في نفوس أهل المنطقة المحيطة. ولان الجبال اليمنية هي أشبه بسلسلة متواصلة ومتقاربة في التركيب ففي مغرب عنس في محافظة ذمار حدث الانزلاق الصخري الآخر في ( حصن عسن ) والذي يبعد 50 كم عن مركز المحافظة والواقع بالقرب من قريتي جرب الماء وزابر بعزلة ( دحيم ) والذي بات يهدد حياة أكثر من ألفي شخص من أبناء القرى الواقعة بالقرب من موقع الانزلاق حيث تقدر منازلهم بأكثر من 90 منزلا . وإذا كانت الجبال شهدت هدوء في تمردها إذ بنا نجد جبال حيدان ومران تقوم بتمرد أخر تمثل في وقوفها ودعمها للمنشق بدر الدين الحوثي وذلك مطلع العام المنصرم والذي استمر لمدة قاربت الثلاثة الأشهر لقي فيها الحوثي الابن مصرعه بعد أن سفكت العديد من الدماء للمواطنين الأبرياء وضحايا من كلا الجانبين - عصابة الحوثي والأمن اليمني. بعد الانتهاء من تمرد الحوثي الأول إذ بالجبال تعود مرة أخرى لممارسة هوايتها وهذه المرة من منطقة مشورة في محافظة إب والتي تبعد 15 كم عن المدينة حيث أدت الأمطار الغزيرة الى تساقط كتل رسوبية طينية كبيرة قدرت ب 2.44.000 متر مكعب من جبل قدوا ن الذي يبلغ ارتفاعه 2488 م عن مستوى سطح البحر ويتراوح ميوله بين ( 45- 60 ) درجة وهو مآثر بشكل اكبر على الميول الحادة للانزلاق وعلى اثر ذلك تم إخلاء ما يقارب ال 60 أسرة من المنطقة ووضعهم في خيام بعيدة نوعا ما عن الخطورة المحتملة إضافة الى صرف التعويضات المناسبة. ولم تهدا حركة التمرد والتي عادت مرة أخرى في مران حيث أقدم الحوثي الأب بتجميع عدد من المغرر بهم ليعودوا مرة أخرى لمهاجمة الأطقم العسكرية و تبدأ الحشود والمواجهات من جديد. ومع قرب انتهاء العام 2005 ظن الجميع بان التمرد في جميع أشكاله قد انتهى إلا أن ما لم يكن في الحسبان هو الذي حصل حيث وقع الانزلاق الصخري في قرية الظفير مديرية بني مطر وكان هذا التمرد أكثر قسوة إذ راح ضحيته ما يقارب ال 56 موطنا قضوا نحبهم تحت الأنقاض إضافة الى عدد كبير من الجرحى. ولم يتوقف الحد عند هذا فقط بل ومع آخر سويعات من العام المنصرم حدث انزلاق في جبل الرقف في عزلة الشراجة بمديرية جبل حبشي والذي يقع على بعد كيلو مترات من منطقة الخباء والتي شهدت انزلاق وتشققات كبيرة في عام 2000 .أشكال التمرد في الجبال جعل السلطات تتنبه الى خطورة هذه الانزلاقات مما حدا بهيئة المساحة الجيولوجية الإعداد لدراسة جميع المناطق الواقعة تحت الجبال تفاديا لحدوث نكبات قد تكون أكثر مما حدث في الظفير ، حيث تعتزم الهيئة بالاستعانة بالخبرات الجيولوجية لدراسة هذه الظواهر والاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال لتلافي مثل هذه الكوارث مستقبلا ، ولان الإنسان اليمني استأنس بالجبال منذ زمن غير بعيد لذا كان من الضرورة بما كان أن يبني منازله بالقرب من هذه الجبال حيث تتواجد العديد من القرى في مختلف المناطق على مستوى الجمهورية واقعة بمحاذاة الجبا ل. و كما أسلفنا فان الإنسان اليمني عمد الى البناء بجوار الجبال ، تارة للأمن وتارة أخرى من اجل توسعة الرقعة الزراعية والمتمثلة في الأودية كون الزراعة تعد من أهم ما يمارسه الإنسان اليمني وخصوصا في الأرياف. وبحسب جيولوجيون فان الجبال اليمنية في معظمها عبارة عن صخور رسوبية هشة أو صخور رملية متحركة إضافة الى وجود عدد من الصخور النارية والتي تقع فوق طبقات كثيرة الهشاشة مما يجعل تحملها غاية في الصعوبة وتعمل الأمطار الغزيرة والمواد المستخدمة في تفتيت الصخور مثل ( الديناميت ) في تحفيز هذه الانشقاقات أضف الى ذلك عملية الشق التي تحدث للعديد من الجبال من اجل إنشاء طرق جديدة وكذلك عوامل التعرية والتي استمرت مئات السنين إضافة الى وجود تجوف وكهوف معمرة بأسفل الصخور المنهارة كما هو الحال في حادث الظفير. وبهذا الاستطراد نجد أن الجبال اليمنية وقفت باتجاهين: مع التمرد- أما في دعم الإنسان ليقوم بالأمر كما هو الحال مع الحوثي أو القيام بالمهمة كما هو حال المناطق الأخرى والتي شهدت العديد من الانزلاقات والتشققات والتي أوردناها في هذا التقرير..