كل عام وأنتم بخير.. يا أخوتنا وأهلنا أينما كنتم – داخل الوطن أو خارجه.. يا شعبنا الصبور، المكافح، المجاهد في لقمة عيشه في مشارق الأرض ومغاربها.. كل عام وانتم بخير.. يا شعب الإيمان والحكمة.. يا من يصفوكم في كل الأرض ب"الشعب الكريم"، رغم أنكم أبناء البلد الأشد فقراً في العالم! إلاّ أن الزمن القديم لربط الحجارة على البطون علمكم كيف تكون عزيمتكم أصلب من الحجارة فتقهرون جلادتها، وترسمون – بكل تواضع- أحلام أجيالكم للغد الجديد! سلام الله عليكم أيها اليمنيون.. فليس من شعب مثلكم ينشد السلام، ويصنع السلام، ويؤمن الخائف، ويفتح أبوابه لكل من اشتدت عليه فتن الزمان، لينعموا بالأمان في ربوع بلد، ما زال أبناؤه مصرون أن: (عزّ القبيلي بلاده، ولو تجرع وباها)! فهكذا هم اليمنيون مهما طالت غربتهم، يجرفهم حنين العودة لأحضان الوطن، ويبكيهم سماع نبأ طفلة يمنية أصابها مكروه في بعض ربوع الوطن! كل عام وأنتم بخير.. يا أبناء وطني الحبيب.. يا رفعة رؤوس كل يمنية وعربية.. يا كرامة الأمة التي لم تحنِ هاماتها لغاصب، أو مستعمر، أو ظالم طاغي.. يا من صنعتم وحدتنا في زمن شقاق الأمة، وشتات الدول الكبرى، فوهبتمونا مجداً لم ينله أحد قبلنا، وكتبتم لنا تاريخ سنحفظ حروفه لأبنائكم الصغار، ليشيروا إليكم بالبنان بأنكم صانعوه من دمائكم، وعرق جبينكم، وسهركم، وبؤسكم، وجوعكم، وصبركم على كل ضيم.. سندعو الله أن يحفظكم ذخراً لليمن وللأمة.. ومهما اعترضت طريقنا الأزمات سنتوكل على الله ثم عليكم في تخطي كل التحديات.. فلا نمد أيدينا لأجنبي يذلنا ويبيح دمائكم وأعراضنا، ولا نبيع أنفسنا كالجواري للعقالات النفطية، ولا نساوم أزلام الفساد على حقوقنا.. فهذا الوطن الممتد من صعدة إلى عدن فيه من الرجال الشرفاء ما يصنعون المستحيل، ويقهرون الجبابرة.. سنضع أيدينا بأيدي بعضنا بصدق وأمانة وإخلاص! فلنترك عصبيتنا الحزبية، ولنضع أحقادنا، وحساباتنا القديمة جانباً، فلم يعد مجدياً أن نتحدث باسم الشعب نهاراً، ونبرم الصفقات في المطابخ الحزبية ليلاً.. ولم يعد مجدياً أن نتوعد الفساد في كل مناسبة من غير أن نضرب بيد من حديد- ونحن صناع القرار.. ولم يعد مجدياً أن نتحدث جميعاً بلغة المعصومين عن الأخطاء.. ولا مجدياً أن ندعي الوطنية بلغة "الشمال" أو "الجنوب" وكلنا يعلم أن الزبيري والنعمان قادوا مشاعل الثورة من عدن، وأن عبد الفتاح إسماعيل (ابن الحجرية) كان أحد ثوار 26 سبتمبر، وأن إمدادات السلاح والذخيرة كانت تصل أبطال 14 أكتوبر في ردفان عبر مدن الشمال..!! فلننأى بأنفسنا عن المناكفات، مثلما ننأى عن نكران الحقائق.. فلسنا في زمن يسمح بالمقامرة، أو يتغاضى عن الأخطاء، ويقبل بجور الفساد..!! ولسنا في زمن يسمح بأن نحول مقرات أحزابنا إلى مراكز توزيع بيانات سياسية.. فالشعب أمامكم، والميدان أمامكم ، ومن لم يكن فيه خيراً يقدمه لشعبه فعلاً، فليغني الله شعبنا من تصريحاته، وبياناته.. وأخيراً نقول: عساكم من عوادة يا أبناء اليمن أينما كنتم.. فمدوا أيديكم جميعاً- سلطة ومعارضة ومستقلين- لشعبكم فهو بأمس الحاجة لحوار يصحح الأخطاء، ويرسخ فرص الأمن والسلام.. وهو بأمس الحاجة لمن يهتف له وليس باسمه.. واشكروا الله على فضله ولا تنكروا نعمته، فلنا رب كريم لا يخلف وعده: (لئن شكرتم لأزيدنكم)! وكل عام وأنتم بخير.. والوطن بخير.. والأمة بخير..