وصف الرئيس علي عبد الله صالح الذين يتحدثون عن شرعية الوحدة بأنهم يلعبون بالنار وأن لا مكان لمن يشكك بالوحدة اليمنية ومن يفعل ذلك فهو مريض أو معتوه، مؤكداً في الوقت نفسه حق كل مواطن بالتظاهر والاعتصام ولكن في ظل القانون والدستور، وأن مطالب الجماهير لا تلبى والاعتصامات وسفك الدماء، مشدداً على رفض أي ممارسات تؤدي إلى الفوضى والاعتداء على ممتلكات المواطنين، ومشيراً أيضاً إلى استعداده للاستماع إلى أي مطالب مقبولة، وأن باب الحوار سيبقى مفتوحاً. جاء ذلك في كلمة ألقاها على هامش احتفال كبير أقيم بقاعة فلسطين بمدينة عدن احتفاء بالعيد الرابع والأربعين لانطلاق ثورة الرابع عشر من أكتوبر ، شارك فيه نائب الرئيس ورئيس الوزراء وعدد كبير من أعضاء الحكومة ومجلسي النواب والشورى والعلماء ومناضلو الثورة اليمنية (26 سبتمبر و14اكتوبر) وأبناء الشهداء وقيادات الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني و ممثلو وسائل الأعلام المحلية ومراسلو وسائل الإعلام العربية والدولية والمشائخ والشخصيات الاجتماعية والفعاليات السياسية. وقال رئيس الجمهورية في كلمته: "الحضور جميعا عيد مبارك وكل عام وأنتم بخير, نحتفل اليوم في العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن بمناسبة عزيزة على قلوبنا جميعا في إطار إحتفالات شعبنا بأعياد الثورة اليمنية المباركة, وبالتزامن مع ابتهاجنا بعيد الفطر المبارك". وأضاف :" تهانينا لكل أبناء الوطن بهذه المناسبة الوطنية العظيمة, العيد الرابع والأربعين لثورة ال 14 من أكتوبر التي تفجرت من جبال ردفان الشماء لمقارعة وطرد المستعمر من أرض الوطن الطاهرة، لتتوج في الثلاثين من نوفمبر برحيله من عدن الباسلة و من كل أرجاء الوطن". وتابع قائلا :" الخلود للشهداء الأوفياء وتحية لمناضلي الثورة اليمنية الأشاوس ومنهم مناضلي ثورة ال 14 من أكتوبر الذين كان لهم شرف مقارعة المستعمر، والعديد منهم حاضرين معنا اليوم في هذا الاحتفال ويمثلون رموز وطنية كبيرة وهامات وطنية شامخة ". وأستطرد قائلا :" لاشك إن هناك خصوصيات لثورتي 26سبتمبرو14 أكتوبر وأن هناك رموز لثورة سبتمبر ورموز لثورة أكتوبر على الرغم من أنها ثورة واحدة ضد الإمامة والاستعمار". وقال: "عدن هذه العاصمة الاقتصادية والتجارية البطلة كانت العمق الاستراتيجي للحركة الوطنية وانطلق منها العديد من الثوار والمناضلين لتفجير ثورة ال 26 من سبتمبر الخالدة وكذلك كانت صنعاء وتعز وقعطبة والبيضاء عمقا استراتيجيا لثورة 14 أكتوبر، الأمر الذي جسد واحدية الثورة اليمنية ويؤكد أن ثورتي 26سبتمبر و14 أكتوبر كانتا ثورة واحد عظيمة ومتلازمة ولا يستطيع أي شخص أن يفرق بينهما". وأردف قائلا :" الثورة اليمنية العظيمة (26 سبتمبر و14 أكتوبر) ثورة كل الشعب، ثورة كل الأحرار, ثورة كل الوطنيين, ثورة كل الشهداء, وتوج هذا العمل النضالي الكبير بيوم الثاني والعشرين من مايو 1990م عندما أرتفع علم الجمهورية اليمنية خفاقا في قصر 22 مايو بالتواهي في عدن, لتنتهي بذلك حقبتان من التشطير, ويتم إنزال علم ما كان يسمى بالجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية ويرتفع علم الجمهورية اليمنية". ومضى قائلا :" نحن أوفينا بالتزاماتنا الوطنية وبنضال شعبنا وأهداف ثورته المباركة وشهدائها الأبرار عندما ارتفع هذا العلم خفاقا وانتهى النظامان الشطريان، وذابا في كيان واحد تم تعميده من قبل الشعب من خلال الاستفتاء عليه من قبل كل أبناء الوطن، حيث تم الاستفتاء على الجمهورية اليمنية وعلى وثيقة وطنية مرجعية لكل اليمنيين ألا وهو دستور الجمهورية اليمنية .. معتبرا الاستفتاء على دستور الجمهورية اليمنية بالحقبة الأولى التي أجمع فيها الشعب على خيار الوحدة ما جسد الإرادة الوطنية الوحدة باعتبار أن الوحدة اليمنية كانت عبر مراحل النضال الوطني مطلبا شعبيا وجماهيريا وجاء تحقيقها تجسيدا لتلك الإرادة دون إجبار أو إكراه" . وتابع قائلا:" المحطة الثانية كانت عندما أجرينا انتخابات تشريعية نيابية في عام 1993م وتعد بمثابة محطة أخرى للاستفتاء, و خلالها أنتخب الشعب ممثليه في السلطة التشريعية, أما المحطة الثالثة فهي انتخابات 1997م والتي كانت انتخابات حرة ديمقراطية وانتخب الشعب فيها سلطة تشريعية ". وأضاف :"إذا لا مجال ولا مكان لمن يشكك اليوم في وحدتنا اليمنية إلا إذا كان مريض أو معتوه.. فالوحدة أجمع عليها الشعب اليمني بأكمله من خلال ما أظهره الاستفتاء، ومشاركته الفاعلة في الاستحقاقات الديمقراطية والتي كان آخرها الانتخابات المحلية والرئاسية التي جرت في العام الماضي, والتي تمثل في مجملها محطات أخرى للاستفتاء على دولة الوحدة". وتساءل قائلا: "تم الاستفتاء وتمت الانتخابات، إذا من يمثل شعبنا الآن؟ السلطة التشريعية المنتخبة في انتخابات حرة ونزيهة أم جهات أخرى، بغض النظر عن أي حزب سياسي فالتعددية الحزبية والسياسية كفلها الدستور وكفلها القانون، نرحب بها ولكن الذي يمثل هذه الأمة في شمال الوطن وجنوبه هو مجلس النواب السلطة التشريعية وكذلك من يمثل اليمن هي السلطة المحلية المنتخبة بحرية، فهؤلاء يمثلون الأمة وكذلك رئيس الدولة الذي انتخب من قبل الشعب مباشرة قبل عام في 20 سبتمبر من قبل كل اليمنيين". وقال: "هذه شرعية الجمهورية اليمنية، إذا أي شرعية أخرى يبحثون عنها؟ هل من شرعية أخرى؟ .. بالتأكيد..لا.. وإنما هناك من يلعب بالنار، فهذه شرعية موثقة دوليا وسياسيا واجتماعيا". وأضاف: "ندرك أن هناك متضررين واحد كان في السلطة أو في وحدة إدارية معينة أو في سفارة أوفي وزارة وقضت المصلحة العامة إننا نغيره ونبدله، وقد يكون فاسد وقد يكون من الذين يسطون على الأرض وقد يكون من المتورطين في عدة قضايا أو محطات تلاعب، واقتضت الأمور أن يغير، وإذا به يدعي اليوم انه مناضل وكبير ويريد أن يحدد مصير الجنوب". وتساءل قائلا: "من فوضك للمزايدة باسم أبناء شعبنا اليمني في الجنوب؟ الجنوب جزء من الوطن الكبير من اليمن، نحن وطن واحد شمالا وجنوبا غربا وشرقا، أمة واحدة". وقال: "لاشك هناك منغصات، هناك مشاكل،هناك مطالب والشعب اليمني بأكمله لديه مطالب، من صعدة إلى المهره، جميعنا لدينا مطالب، إذا هل ستلبى تلك المطالب بالاعتصامات؟ هل بالفوضى؟ هل بالمسيرات؟ هل بسفك دماء الأبرياء؟" معرباً عن أسفه لما حدث من إرهاب في الضالع وإزهاق لأرواح في الحبيلين وعدن. وقال: "نحن نأسف لهذه الحوادث، ولكن من يتحمل مسئوليتها، بالتأكيد هم أولئك المحرضون، فدستور الجمهورية اليمنية كفل لكل مواطن الحق في التعبير عن رأيه بشتى الوسائل السلمية وليس بالقوة". وأضاف: "لكن كل من يريد القيام بمسيرة على أن يطلب ترخيصا وفقا للقانون، وأن يحدد الشعارات المعبرة عن مطالبة بحيث لا تتنافى مع الوحدة الوطنية، ونحن على استعداد للاستماع إليه، وبدون أن يلجأ إلى العنف والشغب والقوة ويذهب إلى إعتصامات أو مسيرات دون وجه حق ودون أن يلتزم بالوثيقة الوطنية - الدستور- ". وأردف قائلا: "لا يزعجنا على الإطلاق أن يطلب أي كان ترخيصا، ويعبر عن وجهة نظره، سواءً كانت تعبر عن قرية أو محافظة أو منظمة مجتمع مدني أو حزب سياسي، وإنما يجب عليه تجنب الدعوة للفوضى والسطو على ممتلكات المواطنين فهذا أمر مرفوض، فنحن ما نزال نعالج جروح التأمينات والتصفيات الجسيمة التي حدثت بعد ثورة 14 أكتوبر ومخلفات ما حدث في حرب صيف 1994م". وقال " لا أحد ينكر أن هناك مشاكل حصلت بعد فتنة صيف 1994م ، وقد أكدنا أننا نعمل على معالجتها وإزالة آثارها، ولسنا مصرين على بقاء مخلفات حرب 1994م، بل نحن على استعداد لمعالجتها كدولة وكأمة". وأضاف: "علينا أن نقول الحمد لله والشكر لله على أن حرب صيف 94م انتهت دون أن تكون هناك ملاحقات أو تصفيات بالبطاقة". وقال: "لقد كنت في غرفة العمليات أدير العمليات في حرب صيف 94م، ودخلت قوات الشرعية الدستورية إلى عدن وحضرموت، وتحدثت مع نائب رئيس الجمهورية، الذي كان وزيرا للدفاع حينئذ الأخ عبد ربه منصور هادي، وقلت له افتح أبواب عدن لكل الأخوة الذين كانوا في الصف الآخر سواء المتورطين أو المغرر بهم، وبعضهم كانوا مناضلين وثوار ولكن ظروف التعبئة والتآمر الخارجي لعب دورا، وطلبت منه فتح الأبواب على مصراعيها، وترك المقاتلين يخرجون بأثاثهم وبسياراتهم وبممتلكاتهم وبكل ما لديهم ،( وهذا ما حدث بالفعل )." وتابع فخامته قائلا : " كثير من الزملاء والإخوة العسكريين والمدنيين كانوا في غاية الراحة ومرتاحين لأنهم كانوا يتوقعون مصير مجهول، كما تعودنا في الماضي، ولكن هذه المرة لم تحدث تصفيات بحسب البطاقات، وإنما مواجهات رجال مع رجال وانتهت الحرب وانتهت معها هذه المحطة، وقلنا نحن شعب واحد و ما جرى كان نتيجة مؤامرة، مشيرا إلى انه كان هناك ما يسمى بتجار الحروب أخذوا فلوس مقابل المضي في تلك المحطة. وأضاف: "الآن نحن أمام محطة جديدة وقد تضمن في برنامجي الانتخابي جملة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وبدأنا تنفيذها شيئا فشيئا إبتدءً أولا باستقلالية السلطة القضائية وثانيا إنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وذكا إنشاء اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات والتي هي محط لغط لدى كل الناس حول المزايدات, حيث كان جزء من الفساد يأتي من هذا الباب،لأن المناقصات كانت تتم بالتكليف من قبل الحكومة أو الوزير أو المحافظ ، والكل يكلف من يقوم بالتنفيذ، ولكننا قلنا (لا ) لا يوجد شيء اسمه تكليف للمقاول وإنما يتم إنزال المناقصة والإعلان عنها، وتشكل لجان فنية تبحث هذا الأمر و لجنة عليا للتأكد صوابية إجراءاتها، بحيث نحارب الفساد". وقال الرئيس"إن محاربة الفساد في اليمن البلد الديمقراطي، ربما اخذ ضجيجا إعلاميا أكثر مما ينبغي لأن الصحافة تكتب والبرلمان يتحدث ومنظمات المجتمع المدني تتحدث حول الفساد وأكيد البعض احترموا أنفسهم ومسؤولياتهم وتجنبوا السطو على المال العام واعتقد إن الفساد في بلد ديمقراطي يكون أقل من أي بلد آخر غير ديمقراطي لان عيون الناس تراقب كل شيء". وأشار الرئيس إلى أن هناك من استغل قضية المتقاعدين وقال "ارتفعت أصوات الكثير من الزملاء المتقاعدين، وهناك من أستغل الأمر وردد معلومات مغلوطة في هذا الشأن". وقال: "أنا حصلت على إحصائية من وزارة الدفاع عن المتقاعدين تدحض ما يورده بعض الكتاب من معلومات مغلوطة للأسف ويزايدون بأن هناك استهداف للتقاعد لمحافظات بعينها، ولذلك طلبنا إحصائية من وزارة الدفاع وهي موجودة لدي وسيتم نشرها عبر صحيفة الأيام، وسيجد الجميع إن المتقاعدين من 22 محافظة وليس هناك استهداف لمحافظة بعينها كما يروج البعض". وأضاف: "عندما التقيت بالقيادات العسكرية وجهت بإعادة المتقاعدين والمنقطعين وحل مشكلاتهم واعتماد سنوات انقطاعهم في الخدمة من 94 إلى 2007م كونهم أبناؤنا وزملائنا". وفيما يتعلق بمسألة الأراضي قال فخامة الرئيس "إذا ما كان هناك أخطاء حصلت بمسألة الأراضي، فقد وجهنا بإحالة الملفات إلى الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والرقابة والمحاسبة، ونيابة الأموال العامة لمحاسبة من يسطون على الأرض بحق أو بغير حق، فمن لديه وثائق شرعية جاء بها إلى القضاء ومن اغتصب أرضا على الدولة أو المواطنين يجب أن يحاسب عليها". وتابع قائلا: "حتى الأراضي أخذت ضجة معظمها هراء في هراء والمظلومة هي الدولة الأراضي كون الأراضي أراضي الدولة، والإخوة الذين تضرروا من حرب صيف 94 م قلنا لهم لا ضرر ولا ضرار والقضاء والشرع يأخذ مجراه في ذلك، والأراضي الذي أخذوها منهم لمن وقف في صف الشرعية الدستورية يتم تمليكهم ولزملائهم ويعيدوا لهم عقود التمليك السابقة وما يحكم به الشرع، والمهم ما في حد يكون غير مستفيد لازم الكل يكون مستفيد، مشيرا إلى أن أراضي الملاك المصادرة والمؤممة خلال السبعينات تم معالجتها من خلال تشكيل لجان من أبناء عدن للبت فيها، وتم توجيه محافظ المحافظة بحل مشاكل الأرض سواء للمالك أو المسكن وفقا لقاعدة لا ضرر ولا ضرار، وبحيث لا يتم إخراج أسرة إلى الشارع ولا يمكن أن نقول للملاك ليس لكم حق فالدستور كفل الملكية الخاصة ويتم التعويض بالأرض و بالمال. وقال: "معظم المساكن التي يحكون عنها سواء كانت تابعة لصغير أو لكبير ولكن يقول لك أنا أنجبت أبني وأنجبت ابنتي وعشت فيها،هذا الزمن رغم أن ذلك الشخص، أصبح اليوم في خير من الله ولديه بيوت وعمارة في مكان آخر لكن مازال في رأسه التمسك بالبيت الذي في المعلا أو في التواهي أو المنصورة، ويقول البيت تاريخي، رغم أن البعض لديه 20 فلة في صنعاءوعدنوجدة والشارقة وغيرها, ومع هذا قلنا تعالج هذه القضايا أولا بأول". وأختتم الأخ الرئيس كلمته بالقول :" نحن على استعداد للنظر في أي قضايا وأية مطالب مقبولة والحوار سيظل مفتوح مع القوى السياسية إزاء مختلف القضايا الوطنية، لكننا في نفس الوقت لن نقبل ونرفض أية أعمال أو محاولات تستهدف الوحدة الوطنية وزعزعة الأمن والاستقرار في الوطن تحت أي مسمى كان.