تعتمد المعالجة الناجحة للأنيميا(فقر الدم) على كشف السبب الذي قد يكون واضحا في بعض الأحيان، ويكون خفيا صعبا في أحيان كثيرة, وبالتالي يحتاج إلى كثير من الفحوصات الدقيقة. ومن أحد أنواع فقر الدم الكثيرة نقص الحديد، وهو مرض كثير الانتشار في العالم ويحدث في كل الأجناس والأعمار، وخصوصا عند النساء والأطفال. ويعرف الصيدلي إبراهيم علي ابو رمان الأنيميا بأنها مرض ناتج عن نقص في حجم او عدد كريات الدم الحمراء أو نقص في الهيموجلوبين بسبب نقص الحديد كونه هو البنية الرئيسية في تركيب الهيموجلوبين الذي ينقل الأكسجين. ويؤكد أبو رمان أن نقص الحديد ليس هو السبب الرئيسي للأنيميا ويذكر عدة أسباب للإصابة بفقر الدم أبرزها الناتج عن نزيف له علاقة بفترات الحيض والنفاس للنساء, والنزف الناتج عن مشاكل صحية في الجهاز الهضمي مثل الباسور وقرحة المعدة والاثني عشر وسرطان المعدة والقولون. وقد يكون نتيجة للآثار الجانبية للأدوية التي تؤدي إلى حدوث تقرحات في المعدة أو قلة امتصاص الحديد من الأمعاء في حالة استئصال المعدة أو نقص كمية الحديد في الغذاء وما ينجم عنه من سوء التغذية. الحديد ودوره في الجسم يلعب الحديد دوراً مهماً في الجسم من خلال دوره الرئيسي في تركيب مادتين رئيسيتين هما الهيموجلوبين ومايوجلوبين العضلات وفي بعض الإنزيمات التي تعرف بالكاتاليز بالإضافة إلى دوره في جهاز المناعة وإنتاج الطاقة. يختزن الحديد في الجسم حيث تصل كميته إلى ألف ملغم ويفقد يومياً منه ملغم واحد فقط, ولهذا السبب لا يحدث العوز له فجائياً ولكن يشكل نقص تناول الأغذية المحتوية على الحديد وحالات استنزاف الحديد لمدة طويلة نسبياً السبب الرئيسي لحدوث نقص الحديد. كما إن الإسراف في تناول الحديد يؤدي إلى مضاعفات صحية منها ما يعرف بداء التلوث الدموي حيث يحدث امتصاص معدلات عالية من الحديد تفوق احتياج الجسم له ما يؤدي إلى ترسيب الأيض في الأنسجة حيث يؤدي الى تلف في الكبد نتيجة لعجزة عن التخلص من الحديد ومشاكل في القلب والبنكرياس. ويشكل البيض والسمك والكبد واللحوم الحمراء أهم مصادر الحديد، ثم الخضروات الورقية والحبوب الكاملة حيث تتركز الكميات الرئيسية في القشرة الخارجية, والخبز المدعم بالحديد, والفواكه كالبلح والتين والخوخ والزبيب والعسل الأسود, ونخالة القمح وفول الصويا وبذور السمسم. يمكن بسهولة تشخيص المرض من خلال الفحوصات السريرية والتي يمكن ملاحظتها من خلال الأعراض السابقة ويمكن إجراء الفحوصات المخبرية لتحديد نسبة الهيموجلوبين في الدم وشكل كريات الدم الحمراء وفحوصات نخاع العظم. الوقاية تشكل معدلات امتصاص الحديد من الأطعمة عاملاً مهماً في الوقاية من المرض وبخاصة إذا علمنا انه في أحسن الأحوال لا يزيد معدل امتصاص الحديد على أربعين بالمائة نتيجة لوجود مثبطات الامتصاص في الأطعمة والتي من أهمها القهوة وحبوب النخالة والدقيق والجوز والكاكاو والبهارات مثل الزعتر وبعض المعادن مثل الكالسيوم الموجودة في الحليب ومشتقاته. أما بالنسبة لمنشطات امتصاص الحديد فهي اللحوم والدجاج والسمك والأطعمة البحرية وفيتامين ج وبعض الخضروات مثل الزهرة والملفوف وصلصة الصويا والكرنب الأحمر. كما ينصح بشكل عام تناول الفيتامينات مع الأطعمة الغنية بالحديد أو عصائر البرتقال كما ينصح بالتباعد بين الوجبات النباتية وموعد تناول أقراص الحديد لكون النبات ومحتواها من الألياف حيث تعيق امتصاص الحديد. المضاعفات تعتبر الأنيميا من أهم مضاعفات نقص الحديد والتي بدورها تؤدي إلى نقص النمو الإدراكي للطفل وإتلاف آلية عمل جهاز المناعة ومن ثم زيادة نسبة الوفيات في فترة الحمل. ويؤثر نقص الحديد على صحة إلام والجنين في نفس الوقت ما يضاعف من نسبة حدوث الاجهاضات ونزف الدم وانخفاض أوزان الأطفال لحظة الولادة. ويتم إعطاء المصابين بفقر الدم علاجات تحتوي على الحديد وعمل برنامج توعية للحوامل يتمثل بضرورة إعطائهن مركبات الحديد والفيتامينات ضمن برنامج رعاية الحوامل وسلامة الأمومة. وإذا استمر فقر الدم مدة طويلة تظهر تغيرات في الفم واللسان والأظافر، فالغشاء المخاطي للسان يصبح في نسبة لا بأس بها من المرضى شاحبا ناعما وبراقا. وتضمر الحليمات اللسانية(خاصة على الجانبين)، ويكون اللسان غير مؤلم إلا إذا أصيبت بقع منه بالالتهاب, أما الغشاء المخاطي للفم والوجنتين فقد يبدو بلون احمر، وقد تظهر تشققات على جانبي الفم يقال لها ألصوار أما الأظافر فتبدو مسطحة أو مقعرة كالملعقة وتعرف باسم تقعر الأظافر، وتتصف الأظافر بتشققها وسرعة انكسارها. أما الطحال فقد يتضخم في بعض الحالات القليلة. العلاج تعتمد المعالجة في الدرجة الأولى على معرفة سبب نقص الحديد، ومداواته بإيقاف النزف أو تحسين تناذر سوء الامتصاص(أي سوء امتصاص الحديد في الجسم) ثم البدء بإعطاء مركبات الحديد. وغالبا فإن العلاج يعطى عن طريق الفم، ومدة العلاج يجب أن تستمر لثلاثة أشهر على الأقل بعد أن يعود مقدار الخضاب إلى الحدود الطبيعية لكي يستعيد الجسم مخزونه من الحديد. وإذا كان هناك أي مانع لإعطاء العلاج عن طريق الفم كعدم تحمل الدواء أو غيره، فمن الممكن عندئذ إعطاؤه بشكل حقن عضلية.