* مديرة مكتب السياحة بامانة العاصمة. المقدمة: أن الجمهورية اليمنية شأنها شأن الغالبية العظمى من الدول النامية تعتبر ضآلة المشاركة الاقتصادية المعاصرة للنساء من العوامل التي تقود المرأة للدخول في دائرة الفقر وتعرقل عملية التطور الاقتصادي والدفع بعجلة التنمية قدما. وبالرغم من الجهود الكثيرة التي بذلت من قبل الحكومة خلال السنوات الماضية للارتقاء بأوضاع المرأة بشكل عام والمرأة العاملة بشكل خاص إضافة إلى المساعدات والدعم الذي تقدمه المنظمات الدولية والبلدان الشقيقة والصديقة إلا أن كل تلك الجهود لم تحل أزمتها ولم تعمل على تطوير أوضاعها. وتشير المعدلات الرسمية إلى حجم الهوة الكبيرة في معدلات المشاركة في النشاط الاقتصادي بين الرجال والنساء وإلى ضآلة وتدني مساهمة المرأة في الاقتصاد الوطني. ويعود هذا التدني لأسباب كثيرة من أهمها العادات والتقاليد الاجتماعية التي تحد من مساهمة النساء في الأنشطة الاقتصادية غير التقليدية وتدني المستوى التعليمي بين النساء، عدم وجود المهارات المطلوبة والملائمة لسوق العمل، الزواج المبكر للنساء الذي يعيقهن عن مواصلة التعليم والعمل. كما يتم تفضيل أصحاب العمل الرجال عن النساء أثناء التوظيف بسبب الالتزامات التي تتحملها المرأة من خلال دورها الإنجابي إضافة إلى عدم توفير خدمات رعاية موجهة للطفل لمساندة النساء العاملات، وكذا ممارسة بعض أشكال التمييز التي تواجه المرأة وتعيق انخراطها في سوق العمل. وتتركز مشاركة النساء في العمل التقليدي في قطاع الزراعة والصيد والحراجة ويعمل بها 87.7% من إجمالي العاملات في جميع الأنشطة الاقتصادية في اليمن. ويأتي في المرتبة الثانية التعليم 4.3% والصناعات التحويلية 2.6% تأتي في المرتبة الثالثة. وهذا يعني أن نسبة مشاركة المرأة في القطاعات الثلاثة يمثل 94.6% من النشطات اقتصادياً. إن تمركز النساء في قطاعات محددة هو مؤشر غير إيجابي عن انخراطهن الكامل في الدورة الاقتصادية وخصوصا مقارنة مع الرجال الموزعين على قطاعات مختلفة. ولاشك إن إقبال النساء على مهن محددة مقبولة اجتماعيا يزيد العرض، الأمر الذي يؤدى إلى خفض الجور وزيادة المنافسة وإلحاق الضرر بهذه الفئة النشطة اقتصاديا. أن ضعف مشاركة المرأة في القطاع الخاص يشكل إحدى العوائق أمام التحاقها بسوق العمل. فهناك بعض المتغيرات تتمثل في برامج الإصلاح الإداري والمالي والخصخصة وإعادة الهيكلة الاقتصادية الذي تتبعها الدولة والذي يتطلب تخفيض عدد الموظفين الحكوميين وإعطاء أهمية اكبر للقطاع الخاص مما يؤثر سلبا على مشاركة المرأة. ذلك أن تركيز النمو الاقتصادي على القطاع الخاص يتطلب من النساء مهارات حديثة. أما عن إقبال المرأة للقطاع العام فهو لضمان حقها في التأمينات الاجتماعية التي لا تضمنها دائما في القطاع الخاص ويشجعها على ذلك قبول نظرة المجتمع لعمل المرأة في القطاع العام مقارنة بالقطاع الخاص. ولكن إذا أخذنا بعين الاعتبار نشاط المرأة الإنتاجي ضمن إطار مسئوليتها العائلية وفي الاقتصاد المنزلي ومشاركتها في القطاع الزراعي يعتبر امتداداً لدورها الإنجابي وليس كنشاط اقتصادي، فان هذه النسبة تكون عالية. فعلى سبيل المثال هناك عدد لا باس به من النساء يعملن في الصناعات المنزلية مثل الأغذية والملابس والحرف التقليدية واللاتي يستثنين من إحصائيات النشاطات الاقتصادية.
إن السياحة في بلادنا نشاطا لا يستهان به بل وتعقد الآمال عليها في تنويع مصادر الدخل الوطني وإيجاد فرص عمل جديدة للشباب والشابات ممن لا وظائف لهم ومجالا خصبا للاستثمار وإتاحة الفرص الاستثمارية لأصحاب رؤوس الأموال ونشاط جذب للمستثمر الأجنبي ورؤوس الأموال الأجنبية. كما إن النشاط السياحي يعتبر احد وسائل الإصلاح الاقتصادي في بلدنا لذا فلدينا طموح على الدوام أن تكون هناك استراتيجية يمنية شاملة للعمل السياحي وان تنظم الصفوف وتحشد الطاقات المبعثرة والإمكانيات المتاحة والمتنوعة في مناطق بلدنا المختلفة والغنية بعناصر الجذب السياحي الداخلي والخارجي من اجل النهوض بصناعة السياحة اليمنية. ومن المعروف فإن الجمهورية اليمنية بها من المقومات السياحية ما يجعل منها علما من أعلام المواقع السياحية على خريطة العالم السياحي حيث التنوع البيئي المميز في الطقس والتضاريس والسمات الجغرافية والثراء الثقافي والعمق التاريخي والحضاري والبعد الاجتماعي والإنساني الذي يميز منطقتنا عن سائر المناطق الإقليمية والعالمية الأخرى كلها مقومات إن أحسن استغلالها وإدارتها ستنطلق بنا نحو العالمية بالصناعة السياحية اليمنية. * أهمية رفع الوعي تجاه عمل المرأة بصورة عامة: الأهداف المباشرة : 1. تحسين نظرة المجتمع نحو عمل المرأة وأهمية مشاركتها في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية وبالذات في مجال السياحة. 2. زيادة وعي المرأة بحقوقها الاقتصادية والقانونية وسبل تحقيقها. 3. تفعيل دور وسائل الإعلام المختلفة في التوعية بقضايا المرأة وتبصيرها بحقوقها وبالتشريعات والقوانين التي تخدمها وبأهمية دورها في القطاع السياحي. 4. التوعية بأهمية الصحة والسلامة المهنية للمرأة العاملة في كل المجالات . 5. تعزيز دور منظمات المجتمع المدني في خلق بيئة مناسبة لعمل المرأة. البرامج والإجراءات: 1. وضع خطة توعية إعلامية لتشجيع إقبال المرأة على العمل والتدريب المهني ( الفندقة والسياحة) وتغيير النظرة السلبية إزاءهما. 2. تصميم برامج تلفزيونية وإذاعية موجهة للمرأة العاملة بمشاركة الجهات الحكومية وغير الحكومية. 3. تبصير المرأة العاملة بالمخاطر التي قد تواجهها في بيئة العمل وأثناء ممارستها لبعض المهن وتعليمها كيفية الوقاية من هذه المخاطر(مضيفة طيران). 4. توعية أصحاب العمل وممثليهم بكافة الحقوق المنصوص عليها في الوثائق والأدبيات المحلية والعربية والدولية الخاصة بالمرأة العاملة. 5. إصدار نشرة دورية خاصة بعمل المرأة في اليمن في جميع المجالات بما في ذلك المجال السياحي. * أهمية دور المرأة اليمنية في القطاع السياحي: وهنا نؤكد إن دور المرأة اليمنية وعلاقتها بالنشاط السياحي يعتبر محورا مهما من المحاور التي ينبغي تسليط الضوء عليها في الحديث عن صناعة السياحة . وعلينا السعي نحو سياحة جادة تقوم على أسس مدروسة وقواعد مهنية متعارف عليها تراعى فيها القيم والتقاليد الإسلامية العربية والهوية الثقافية حيث وأن تشجيع عمل المرأة بهذا النشاط إنما يدفع باتجاه نمو الاقتصاد الوطني وتنمية الموارد البشرية. وفي هذا الصدد فأننا نشدد على ضرورة إزالة ومعالجة بعض الترسبات الذهنية السلبية السائدة في المجتمع اليمني والتي تعرقل انطلاقة المرأة في تنمية السياحة اليمنية والدفع باتجاه النهوض بدور المرأة في النشاط السياحي سواء كانت سائحة أو عاملة في السياحة أو صاحبة استثمار في هذه الصناعة المعاصرة.
* الإجراءات المطلوبة لإدماج المرأة في القطاع السياحي:
1 - بما إن جميع مؤشرات السياحة اليمنية الحالية لا تزال متواضعة مما يدلل على احد أوجه ضعفنا الاقتصادية فإن ذلك يتطلب حشد كل الطاقات الحكومية والخاصة والاستثمارات الاجنبية للنهوض بالسياحة اليمنية وهو ما يشكل دافعا آخر للنهوض بمشاركة المرأة اليمنية وتعزيز دورها في القطاع السياحي.
2- أن مجال عمل المرأة في قطاع السياحة والسفر هو مستقبل واعد حيث توجد هناك العديد من مجالات العمل في هذا القطاع بالنسبة للمرأة اليمنية. وعلينا التنويه هنا إلى تواجد المعهد الوطني للفندقة والسياحة والتابع لوزارة التدريب المهني والتعليم الفني والمتخصص في مجال التدريب للعمل في الفنادق والسياحة والسفر. لذا فالمطلوب تخصيص قسم خاص بالنساء في المعهد الوطني للفندقة والسياحة يتم فيه الحصول على دبلوم سياحة وسفر يمكنها من العمل في القطاع الفندقي والسياحة والسفر.
3 - نأمل بأن يتم تخصيص جزء من المنهج الدراسي لهذا المجال لأن القطاع السياحي أصبح مهماً وخصباً في مجال الاقتصاد ولذا أقترح على المعنيين في المناهج إدراج تخصص الفندقة والسياحة والسفر ضمن المنهج التعليمي وبخاصة التعليم الثانوي (القسم الفني) والجامعي.
الخاتمة: نحن نتوقع أن تفتح صناعة السياحة مجالات واسعة لخيارات عمل المرأة اليمنية مما سيدفعها للمشاركة كمستثمر ومسوق فعال في صناعة السياحة خلال الفترة القادمة، خاصة فيما يتعلق بالأنشطة التراثية والحرفية، متى ما توفرت البيئة المناسبة لتأهيل وتدريب العناصر النسائية الراغبة والمؤهلة للعمل في القطاع السياحي، كما نتوقع ان تكون مهنة الإرشاد السياحي هي البداية الحقيقية لانطلاقة المرأة اليمنية في العمل بقطاع السياحة. حيث والمرأة اليمنية في الوقت الحالي تتواجد بصورة كبيرة في شركات الطيران ومكاتب السياحة والسفريات للقيام بالأعمال الإدارية وبيع التذاكر والحجز للمسافرين. كما إننا نؤكد إن الآثار الايجابية الرئيسية للسياحة وعلاقتها بالمرأة يمتد إلى نطاق اشمل بكثير فالسياحة تنشط العديد من المنتجات الوطنية التي تتميز بها المرأة مثل الحرف اليدوية والأشغال التراثية وتصنيع وتعليب المواد الغذائية الريفية.
وفي الأخير فأننا نناشد القيادة السياسية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية المشير/ علي عبد الله صالح والحكومة اليمنية بالتوجيه لمن له شأن بالقطاع السياحي بأن يتم تسهيل الإجراءات الإدارية المتبعة لمزاولة الأعمال السياحية المختلفة وإصدار التراخيص اللازمة وتذليل الصعوبات الماثلة أمام أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين والنساء صاحبات رؤوس الأموال على وجه الخصوص وان لا يؤثر الهاجس الأمني والمبالغة في الإجراءات الأمنية على سلامة الإجراءات في الاستثمارات السياحية. كما نأمل إعادة النظر في الكثير من القوانين ولوائح العمل التي تعوق عمل المرأة وتوليها مناصب قيادية متقدمة في الأنشطة السياحية والفندقية إضافة إلى تسهيل الشراكة الحكومية مع مؤسسات القطاع الخاص لإقامة المشروعات السياحية والفندقية.
................ المراجع: 1- الاستراتيجية الوطنية لعمل المرأة في اليمن، تقرير منظمة العمل الدولية، 2003م. 2- ثقافة المرأة السعودية نحو العمل السياحي، للباحثة هيفاء الشمري، 2007م. 3- كلمة الشيخة حصة سعد العبد الله، رئيسة مجلس سيدات الأعمال العرب في حفل افتتاح ملتقي سيدات الأعمال في اللاذقية سوريا تخت شعار (دور المرأة في السياحة والمجتمع السياحي)، 2004م.