كنا نؤمن بأن البعيد عن العين هو بعيد عن القلب.. واليوم جاء الانترنت ليقلب بعض الحقائق ويصبح البعيد عن العين قريب جدا من القلب.. بل هو حبيب القلب بعينه! سريعا جدا تطورت خدمة الهواتف النقالة وخدمات الانترنت وسريعا جدا بتنا على تواصل مع كل أصناف البشر، تواصل من نوع آخر .. جديد ومختلف، صامت وناطق من خلال بضع أزرار وشاشة. في مطلق الأحوال نحن نثق في هذا الجهاز الذي يجلب لنا آلاف المعلومات في دقائق معدودة ويختصر لنا الكثير من المسافات ويوفر علينا الكثير من عناء البحث والتدقيق، لكننا على المستوى الإنساني لا نثق فيما يبثه فينا من مشاعر إنسانية فلا زلنا في حالة إنكار وصدمة حيالها. إذ نستطيع أن نفهم كيف تكون الخاطبة أونلاين لكن لا نستطيع أن نفهم كيف يكون الحب أونلاين، هذه المشاعر الغامضة التي تنتابنا في لحظة بحثنا عن شيء آخر وهذه الرعشة المرتبطة بالنظرة ثم الابتسامة ثم اللقاء.. كيف نختصرها بعنوان الكتروني وصورة افتراضية؟ عدد لا بأس به في كل أنحاء العالم دخل قفص الزوجية الالكتروني.. حيث كل شيء بات ممكن ومعقول .. في حين العدد الأكبر من أعضاء المنتديات وزائريها رفضوا إمكانية تحقق حالة الحب بين طرفين لم يروا بعضهم من قبل .. فهل هم مخطئون ؟ ربما .. فنحن لا نحب شخصا لم نره من قبل لكننا حتما نشعر بحضوره ونتعرف إليه من خلال كلماته ونستكشف عالمه من خلال حديثه فمن التحية فقط يمكننا أن نستشف أي صنف من البشر يتحدث إلينا ومن الحوار يمكننا الاضطلاع على عمق ثقافته وببساطة يمكننا اختبار هويته. ليس صعبا أن ندخل تجربة الكترونية عاطفية وليس مستحيلا أن نعيش قصة حب في غرف الشات أو الماسنجر .. لكن أي نوع من الحب هو؟ وأي نوع من العاطفة هي؟ هي تلك الشعلة التي قد تصيب وقد تخيب تبعا لحاستنا السادسة وبوصلتنا الداخلية.. وهو أجمل ما في الحب أنه خارق للعادة يأتينا في خانة الأشياء التي نمارسها كل يوم ربما في ملامح الكترونية كما يفعل في مناسبات أخرى وأماكن مختلفة يغتالنا في لحظة جنونية أو زلة قدم حمقاء. ليست غرف الشات والمنتديات بيئة موبوءة بالضرورة أو غرف سريه غير نظيفة وليست هذه الغاية من تواجدها لكن أعضائها ومرتاديها قد الصقوا بها هذه الشبهات عندما جسدوا أخلاقهم وأمراضهم النفسية في الطريقة التي يتواصلون بها مع الآخر .. ليس العيب في عالم الانترنت لكن كل العيب في عالمنا الإنساني المزيف وعالمنا الوجداني المشوش المرتبك ونوايانا المشبوهة في النظرة للحب والزواج.