شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الحوثيون يلفظون أنفاسهم الأخيرة: 372 قتيلاً خلال 4 أشهر    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    17 مليون شخص يواجهون حالة انعدام الأمن الغذائي باليمن.. النقد الدولي يحذر من آثار الهجمات البحرية    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    الرسائل السياسية والعسكرية التي وجهها الزُبيدي في ذكرى إعلان عدن التاريخي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    الرئيس الزبيدي: نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    معاداة للإنسانية !    من يسمع ليس كمن يرى مميز    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    أول مسؤول جنوبي يضحي بمنصبه مقابل مصلحة مواطنيه    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    أبطال المغرب يعلنون التحدي: ألقاب بطولة المقاتلين المحترفين لنا    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيلة الزبير: مؤسساتنا الثقافية تتولي مصادرة الكتب وليس إصدارها!
نشر في نبأ نيوز يوم 01 - 02 - 2008

نبيلة الزبير، من أبرز الأديبات اليمنيات وأكثرهن جرأة في النص الشعري والنثري، تكتب الشعر منذ منتصف الثمانينيات ونشرت باكورة مجاميعها أوائل التسعينيات.
كتبت السرد منذ وقت مبكر، ونشرت أول أعمالها السردية أواخر التسعينيات، ترجمت بعض كتاباتها إلي لغات عالمية، شاركت في العديد من الفعاليات في الأدب وقضايا المجتمع المدني محليا ودوليا، وفازت كأول أديبة في انتخابات اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين عام 1993.
حازت روايتها (إنه جسدي) علي الجائزة الأولي في مسابقة جائزة نجيب محفوظ للرواية والقصة العربية للعام 2002 عن المجلس الأعلي للثقافة بالقاهرة.
إصداراتها الأدبية الشعرية (متواليات الكذبة الرائعة) عام 1991، (ثمة بحر يعاودني) عام 1997، (محايا) 1999، (تنوين الغائب) 2001، (صعودا إلي فردة كبريت) 2003، (ريثما ينتهي أحدهم من العبور) 2004. أما اصداراتها السردية فهي (إنه جسدي) القاهرة 2000، (رقصتْ في الصخر) صنعاء 2003.
منذ 2004 توقفت عن الإصدارات لأسباب ترجعها للواقع المرير الذي يعيشه الأديب اليمني والبلد عموما، وفي هذا اللقاء تجد تفاصيل (الأوجاع الأدبية) التي أفصحت عنها نبيلة الزبير بشجاعتها المعهودة.
هنا نص اللقاء:
* بداية، ما هو جديد الكاتبة والأديبة اليمنية نبيلة الزبير؟
-- لي الصعيد الإبداعي لا جديد يذكر لم يزل كتاب ريثما ينتهي أحدهم من العبور وهو عبارة عن مختارات شعرية عكست أجواء مجاميعي السابقة.. المطبوع ضمن فعاليات صنعاء عاصمة الثقافة العربية.. أي في العام 2004 لم يزل هذا الكتاب هو آخر إصداراتي.. لكن علي صعيد البحوث والدراسات لدي دراسة عن عمالة الفتيات في اليمن لمنظمة العمل الدولية وبرنامج مكافحة أسوأ أشكال عمالة الأطفال هي الآن قيد الإعداد للنشر.
* سنوات ما قبل هذا التاريخ (2004) شهدت تتابعا ملحوظا لإصداراتك؟
-- نعم.. وفي العام 2003 أصدرت كتابين.
* فهل هي هدنة إذا أم توقف؟ وإذا كان توقفا ما هو السبب؟
-- لا هذا ولا ذاك، لكن يداخلني ويداخل تجربتي كلها سؤال: ما الذي يعنيه إصدار كتاب؟! متي يصبح إصدار كتاب في الأدب يعني إسهاما في الناتج الأدبي لجغرافية ما؟. لا جنسية للأدب بالطبع، ولا جواز سفر له، إنه يصب في كل ما هو أدب في كل مكان في العالم مهما كان مكان صدوره، لكن كيف يتأتي له هذا؟ كيف يتسني له أن يكون إضافة للأدب في أي مكان إذا كان مكان صدوره، حتي المدينة التي صدر فيها، لا تتوافر عليه..؟!! أتذكر قراءة (لمسؤول ما .. أديب كبير) يرحب فيها بإصداري الأول عام 1991 منوها إلي أنه يشكل إضافة إلي المكتبة اليمنية وعلي أنه الكتاب الذي اقتنته الوزارت والإدارات الحكومية ذات العلاقة وبأعداد كبيرة، إلا أنه، من تأريخه، وإلي اليوم لا تتوافر عليه أية مكتبة، لا حكومية ولا غير حكومية، وعلي دائما أن أوفر نسخة من كتابي أيا كان لأي ناقد أو قاريء (من طلاب جامعة وخلافه).. بحث الناقد في الكتاب يلزمه بحث عن الكتاب، يدوخه في البحث عن الكاتب، فهل المتعذر هنا هو وجود كتابة أم وجود مكتبة بهذا المعني، وجودا مسؤولا عن إنتاج أدب .. ما هي المكتبة اليمنية؟ ممن أو من ماذا تتشكل هذه المكتبة.
* لمن إذا تكتب نبيلة الزبير؟.. في مقابلات سابقة لم يلحظ اهتمامها بالناقد..؟
-- عادة ما نردد أن القاريء ناقدا أم غير ناقد.. هو شريك في النص كفعل أدبي ناجز، نحن نتكلم هنا عن إنتاج أدب .. لابد من هذه الشراكة لكي يصير كتاب ما إلي تحقق .. إلي كينونة تخصه كجزء من الكيان العام.
* زخرت الساحة المحلية خلال السنوات الأخيرة بعشرات وربما مئات الإصدارات المحلية.. ألا تعني هذه الإصدارات في مجموعها شيئا، من وجهة نظرك؟ أم أن المسألة ليست بالكم؟
-- فعلا المسألة ليست بالكم، لكن المشكلة أن هذا الكم من الإصدارات، هو شتات يضيع فيه الجيد والرديء علي حد سواء، لا أقول يختلط، بل يضيع! ثم إنه كم وليس جمعا .. في مجالات كالأدب لا يرتقي الكم لأن يكون جمعا أو أن يتشكل منه جمع إلا بالمرور بال مفرد بتلمس تجربته وتدارسها بالاعتراف به وأنه يشكل إضافة مائزة أو حتي عادية للعام.. وهذا يعني الوقوف علي تجارب الأفراد وتقديمها ونشرها.. وهذا يتطلب المأسسة للثقافة والأدب تحديدا بما يعني متطلبات كثيرة متداخلة.. بما يعني اشتغالا ممنهجا يستوعب الجديد والحداثوي والآخر عموما علي اختلافه ومغايرته.
* لكن معظم تلك الإصدارات هي عبر مؤسسات رسمية.. أي أن هنالك بالفعل مؤسسات فاعلة؟!
-- دعني أشكرك أولا علي هذا الاستدراك.. لأنه يصل بنا لوضوح الرؤية إزاء تلك الإصدارات ويتمها.. ودعنا نقصر الكلام علي ما نسميه هنا مجازا بالمؤسسات الحكومية.. وعلها لا تعدو في واقعها أن تكون وحدات إدارية قد يكون لها أهداف علي أية حال لكن ليس في تلك الأهداف ما يخدم الأدب وإنتاجه.. المؤسسة تعني فيما تعنيه القانون.. وجود قانون يحكم العلاقات وينظمها دون أن يستثني أحدا أو يستبعده بسبب من اتجاهاته أو اختلافه.. السؤال يحتاج إلي باحث مقتدر يبحث في الذي تفعله المؤسسات الحكومية إنها تمتلك قدرة الدعم، إنها تصدر.. أي تدفع المال ليصير الكتاب المخطوط إصدارا ..! فلماذا لا نلحظ فرقا بين الكتاب المخطوط والكتاب الإصدار .. المخطوط لا يصل إلي ال المكتبة لأنه لم يزل مخطوطا.. فلماذا لا يصل الإصدار وقد تولت أمره مؤسسة حكومية.. إننا نكتب في سيرنا الذاتية إصدارات ليست موجودة.. مع أن المؤسسات هي التي تولت مسؤولية إخراجها للناس..
* هنا يصبح السؤال اتهاما: هل تتولي مؤسساتنا إصدار الكتب أم مصادرتها..؟
-- بعد تجربة شخصية وجدت ألا أمر من الإصدار الشخصي إلا الإصدار عبر مؤسسة، في الإصدار الشخصي نحشد جهودا، نجمع أموالا.. نأسي لتلك الجهود والأموال لأنها تصبح خسرانا ويثقل كاهلنا الكتاب الذي من المفترض أنه أصبح يشغل حيزا في الوجود، لكن وجوده يظل في حدود الشخصي، في حيز لا يتجاوز جدران بيوتنا وغرفنا الخاصة، وبدل من أن نفرح ب(كتاب) فإننا نضيق بشخص يزاحمنا مكان سكننا وإن كنا في خسران الشخصي أقل حرجا عند سؤال الآخرين أن نعطيهم كتابنا الأخير.. إلا أن كلا الخسرانين يعنيان تهدد التجربة وتعرضها للثبات، إن لم يكن للتراجع، إن لم يكن للتوقف وربما الانتفاء.
* تقولين هذا مع أنك حققت حضورا وانتشارا خارج اليمن في بلدان عربية وحتي أجنبية؟
-- هذا الحضور كان ينبغي له أن يكون حاصل سنوات أقل من تلك التي قطعتها.. لم يكن للمؤسسة دور إيجابي في هذا الحضور علي العكس واجهت المؤسسة المحلية تجربتي بالنكران وغالبا بالاستبعاد والإقصاء والمسألة أدعي إلي فعاليات دولية، تتطوع مؤسسات بالاعتذار نيابة عني، (هذا تصاعد عن نكران اسم الكاتبة، ثم عنوانها) وتارة تتطوع بإعلان أنني اعتزلت لا أدري أي فن أنني احترفته ثم اعتزلت.. أخيرا وبعدما أصبح اسمي يتحدد مسبقا في فعاليات من قبيل ما يطلق عليه بالتبادل الثقافي الثنائي.. أي بين بلدين احداهما بلادي ! فإن الذي يحدث أن تلغي الفعالية كما حدث في المبادلة الرسمية فعالية يمنية في ألمانيا في العام2001.. أو كما لا يزال يحدث في الفعالية التي كان مقررا أن تكون في تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 في أسبانيا في دعوة لمؤسسة البيت العربي بمدريد وحسب مديرة المؤسسة فإن اسمي هو أحد اسمين تحددا مسبقا قبل زيارة التفاهم التي قامت بها لليمن.. ورغم اصرارها علي دعوة هذا الاسم ومشاركته إلا أن الفعالية جمدت، وفي أحسن الأحوال أجلت إلي اجل غير مسمي، ومؤخرا تجدد ظهور هذه الفعالية وأنهم يحشدون لها.. لكن بعيدا عن هذا الاسم الذي كان قد تحدد مسبقا..! وبالمناسبة حتي مشاركتي في معرض فرانكفورت كانت بترشيح وإصرار ألمانيين قوبلا باستياء حكومي.. والطريف الذي يجدر ذكره ليس من قبيل التباهي بل لإثبات ما الذي تبرزه الحكومة من أدب يمني فقد كنت المشاركة شبه الوحيدة من اليمن لأنه لم يكن هنالك في ما قدمته اليمن من أدب وأدباء ما يرقي إلي مستوي الدولي ليس لشحة أو ندرة وجود أسماء في هذا المستوي الذي كان مرجوا، لكن هذا هو المستوي الذي ترشحه وتدعمه وتقدمه الحكومة.
* هل تعتقدين بأن هنالك توجهات لتسييس الأدب في اليمن، من خلال محاولات احتواء الأدب والأدباء؟
-- نعم ولم يعد الأمر يقتصر كما كان في السابق علي تصدير أسماء واستبعاد أسماء، بل بلغ الأمر حد التدخل في تشكيل فوتوغرافيا أشبه بالكاريكاتور الهزلي لصورة الأدب والأدباء في اليمن. قديما كانت الصورة يتمايز فيها وجهان، الأول: سلطوي موالي مكرم ومدعوم ويتصدر (وربما ينفرد) صف التمثيل المحلي والدولي، في مقابل أدباء وأديبات حداثويين.. اشتغالاتهم الحداثوية لا تقتصر علي النص: شكله، آخر موديلاته، ما كتب علي غراره.. بل هي حداثوية نهج، وفكر، واتجاه.. اليوم؛ هؤلاء موجودون لكنهم مضطرون للاصطفاف والتصفيق والتطبيل وفي أحسن الأحوال الصمت داخل مؤسسات ليست أكثر من ذنب أو ذيل للحكم والحاكم..
أقول يضطرون لا للتبرير لهؤلاء الأدباء والأديبات، لكن للإلماح لدور السياسات المحلية التي أوصلت مستويات المعيشة إلي مصاف التهديد، تهديد يطال جميع شرائح المجتمع وطبعا شريحة الأدباء والكتاب هي الأكثر تضررا، كأنما يتوجب علي الأديب اليمني أن يكتشف بغتة أو بعد حقبة قصيرة من لذائذ الكتابة أنه أضاع عمره في كلام فارغ .. وعليه أن يصوب مساراته ويهادن الواقع ويعيش مفروغ منه؛ لقد انتهي زمن البطولات في العالم كله هل نتوقع بطولة أو أبطال في بيئة، ما يقارب ال 70% من سكانها تحت خط الفقر ونسبة الأمية لم تبارح 80%، لا يوجد لدينا شارع يعضد اختيارات الأديب لصالح الكتابة، في الحين الذي فيه يضخ الحكم والحاكم عشرات ومئات الملايين لمؤسسات ومنابر لم يعد لها من عمل غير التطبيل له، ولأخطائه تحديدا.
* لاقي مهرجان الأديب اليمني بعدن، الذي نظمته أمانة إتحاد الأدباء والكتاب اليمني مؤخرا ردود فعل مستاءة، بلغ بعضها حد نعي الاتحاد.. ما رأيك أنت؟
-- لم أرد الكلام عن الاتحاد، في دورته الراهنة، حيث صعدت إلي أعلي هرمه صديقة، جمع بيننا ود وتقدير كبيران، ولهذا التغاضي أسبابه، فأولا أن تدير الإتحاد أديبة (أي امرأة) أمر حين انقسم إزاءه الوسط الأدبي كنت في الصف الذي دعمه وشجع عليه بل ودفع واشتغل لأجله علي ما كنت وزميلات أخريات نتوقعه من أخطاء في الإدارة وضعفها، لكن الأخطاء مع الأسف تجاوزت الإدارة كأداء.. إلي الإدارة كتوجه، ثانيا بحكم علاقتي بهذه الصديقة فإنني أعرفها، وأستطيع أن أجزم أنني أعرف مقاصدها ونبل هذه المقاصد من حيث المبدأ، لطالما استغرقتنا نقاشات حول إمكانية التقريب بين ما هو سياسات حاكمة وبين ما هو ثقافة وأدب وأدباء وعلي الرغم وصم معارضة التي يصر البعض علي وصمي بها، إلا أنه في تلك النقاشات المطولة (دامت لسنوات مع هذه الصديقة بحكم عملها في الوسط الحاكم) كان هنالك إيجابية وتقارب وجهات نظر.. حماس، وأراء، وصل حد تقديم مقترحات بعينها وبتفاصيل، لكن.. يبدو لا يكفي أن يكون هناك مقصد نبيل في علاقة يغلب فيها الطرف الأقوي في المحك، في العملي من المواقف والاتجاهات كانت الغلبة للسياسات الحاكمة علي حساب ما هو أدب وأدباء..
المهرجان الذي أشرت إليه، كان المفترض أن يخصص الاحتفال ليوم الأديب اليمني الذي هو موجود في كل اليمن.. بكل محافظاتها.. لكن الفعالية الوحيدة التي أقيمت في ذلك اليوم اقتصرت علي مكان محدد، فيه كرم (74 أديبا) لكن حتي هؤلاء، بدا تكريمهم مجرد فعالية علي هامش تكريم الاتحاد للرئيس، بدا الرئيس هو الأديب اليمني الوحيد الذي استحق التكريم في يوم الأديب اليمني، علي أن المفترض في الصورة هو أن الرئيس يكرم الأدباء علي سبيل تقريب مسافات ما بين الحاكم والأديب، بعد هذا المهرجان كان احتفال الاتحاد بذكري 30 تشرين الثاني (نوفمبر) كان يفترض باسهام الاتحاد في مثل هذا اليوم أن يكون بأوراق عمل، بحوث ودراسات وفعاليات شعر وقصة وفنون تشكيلة، لكنه بدلا عن كل هذا كان احتفال حاكمي أقامه وزراء ومنابر وأصوات حاكمة وليت الأمر يقف عند مثل هذه المهرحانات، أخطاء الاتحاد بلغت حدا غير متوقع وغير مغفور، اعتدنا من الاتحاد ومنذ أواخر الثمانينيات أن لا يكون له موقف مناضل أن لا يتكلم.. لكنه اليوم تكلم، مع الأسف تكلم مع الرئيس يطالبه أن يضرب بيد من حديد في حروب صعدة، وتكلم يناشده ويعضده للفوز في الانتخابات الرئاسية، ومؤخرا في أزمة الجنوب تكلم يؤنب الرئيس علي تسامحه وتهاونه إزاء الجماهير الغاضبة وكان عليه حسب رأي الاتحاد الجديد ألا يسمح بمثل هذه المنابر الغاضبة.
والنتيجة؛ هوذا الرئيس يخطب في النخب، والجماعات الأدبية تماما كما يخطب في الجيش والعسكر بنفس النبرة، بل وبنفس الجمل والألفاظ خذ هذه النماذج: نثمن المشاعر الطيبة للأخوة الأدباء .. عليكم واجب ورسالة عظيمة وكبيرة وهي إرساء ثقافة وحدوية داخل صفوف الشباب .
وأضاف: إن فضل الوحدة وخيرها كثير وملموس فهناك الأمن والأمان والاستقرار والتنمية... ان رسالتكم كأدباء ومثقفين ومبدعين رسالة كبيرة وعظيمة ومؤثرة ولا تقل شأنا عن أي عمل سياسي كبير .. ومن هنا يأتي دور المثقفين والأدباء والسياسيين في التصدي بالكلمة الشجاعة للمحاولات التي تفتعلها عناصر وجماعات معادية للوحدة والوطن، وأنا اشد علي أيدي إخواننا وأخواتنا من الأدباء في كل أنحاء اليمن وعلي بركة الله لما فيه مصلحة الوطن.
بينما ليس على الأدباء في المقابل إلا أن يشيدوا معبرين نثرا وشعرا عن سعادتهم وما حظي به الأدباء والكتاب اليمنيين من تكريم ورعاية، منوهين بدور الكلمة المبدعة في الحراك السياسي والاجتماعي العام.. إلي آخره وكما تري هذه المقتطفات التي بين الأقواس هي واحدة من تلك الفعاليات التي تنظم بمعية الاتحاد والأخير يحضرها بصفته أداة حاكمية بامتياز.
* إجمالا.. لنقل هكذا تقرأين وتقيّمين واقع الأدب اليمني عموما، ماذا عن الأدب النسوي في اليمن؟
-- الكاتبات هن جزء من المشهد، وفي الخضم منه، تحققات وصعوبات، أضف إليه معاناتهن في الراهن واليومي وأنه يترتب علي الواحدة منهن أن تبذل جهدا في أكثر من جبهة في البيت بما فيه من التزامات وأمومة وفي الدرس، وميادين العمل والإنتاج المجتمعي، كل ذلك إلي جانب اشتغالها الإبداعي ثم نجيء إلي النوع الاجتماعي بما ينسحب عليه من اختلاف وخصوصية ومكابدات وفرص تعبير أقل توافرا في معترك الحقوق والحريات. وعلي الرغم من كل ذلك؛ الأدب النسوي في اليمن، ينم عن طموح، ومواكبة، وتطلع لما هو أبعد من المحلي.
* ما هي أبرز نتاجاتك الأدبية؟ وما هي أقربها إلي قلبك ولماذا؟
-- بمعايير ما سبق طرحه، يكون كل كتاب صدر لي هو .. وإلي الآن كتابي الأول الذي لم ينشر بعد.. لكن، نتفادي ذلك المعيار القاسي بآخر لا يجافي الواقع علي أية حال فكل كتاب جديد يعد جديدا أو يكتسب جدته من كونه تجاوزا لما سبقه تجربة وانجازا.. بهذا المعيار أكون أقل قسوة علي ست مجاميع شعرية وغلافين سرديين، ودراسة قيد النشر..
* حازت روايتك (إنه جسدي) علي جائزة نجيب محفوظ للرواية والقصة الأولي للعام 2002، هل تعتبريها أفضل نتاجاتك حتي الآن؟
-- دعنا نردد مع ناظم حكمت: أجمل الأيام تلك التي لم نعشها بعد.. وأجمل القصائد هي تلك التي لم نكتبها بعد.
عن: "القدس العربي"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.