احتدم النقاش بين مشاركين يمثلون التربية والتعليم ومنظمات المجتمع المدني وحزبيين وعلماء وإعلاميين حول ظاهرة الغش في الامتحانات في مدينة تعز، وتحول موضوع الندوة الى جدل وتبادل لاتهامات حول حجم المسئولية الملقاة في بروز الظاهرة بشكلها الخطير في محافظة تعز بشكل خاص واليمن بشكل عام. وغابت لغة الحوار وتجسدت نزعة المشاركين الى عشق الخطابة والتنظير حول ظاهرة تكررت الندوات بشأنها، وغابت الحلول الإجرائية على أرض الواقع، فاتخذت الظاهرة لنفسها أشكالا وتقاليعاً جديدة سابقت بها الزمن. المشاركون- الذين عبر بعضهم عن تذمره في عدم افساح إدارة الجلسة له للحديث حول الظاهرة لوقت أطول- تعالت أصواتهم بقوة بالدعوة الى مؤتمر وطني شامل لمناقشة ظاهرة الغش في الامتحانات وإيجاد الحلول والمخارج العلمية لها كونها اتسعت لتشمل بالمسئولية كل شرائح وفئات المجتمع بدا من الطالب محور عملية الغش ومرورا بالمعلم الذي أصبح اليوم يقوم بتغشيش الطلاب بنفسه داخل الفصل الدراسي، وكذا مدير المدرسة وعضو المجلس المحلي والبرلماني وولي الامر حتى أصبح الغش في الامتحان ثقافة مجتمعية سحبت نفسها على صور مختلفة من حياة الناس مهددة قيما وسلوكا كان الجميع يفاخر به فأضحى في مهب الريح. الندوة- التي قال منظموها انها ستتلوها ندوات أخرى أيضا كتهيئة لمؤتمر وطني قادم لمعالجة الظاهرة- عرض فيها الدكتور عبد الله الذيفاني– خبير تربوي من جامعة تعز- نماذجاً من غلطات إملائية لطلابه في كلية التربية التي أضحكت الحاضرين وكشفت عن حجم المأساة التي يعيشها الواقع التعليمي ومستوى التحصيل العملي والثقافي المتدني جدا لدى الطلاب القادمين من المراحل الدراسية الدنيا، وهو ما يتطلب معه وضع حد لكارثة تعليمية قد تهدد مستقبل الوطن كله وتنذر بعواقب وخيمة على مستقبل الاجيال القادمة. وعرض الخبير التربوي نماذجاً لمفردات من دفاتر الامتحانات كتبها طلاب في كلية التربية جامعة تعز مثل "سلام" التي كتبت "سلم"، وغيرها مما يدل على محصلة تعليمية ضعيفة كان الغش هو سببها الرئيسي. واضاف الذيفاني في سياق ورقته المقدمة الى الندوة أنه حينما نقول اليوم أن هناك فشلا في العملية التعليمية والتربوية فانما نوجه اللوم على كل الاطراف في المجتمع دولة ومجتمعا واسرة ولذالك علينا أولا ان نعترف أننا مرضى في جانب العملية الاختبارية والتعليمية ولدينا كثير من الاختلالات، فالمعلم والقيادات التعليمية بحاجة الى اعداد على حد سواء مشيرا الى ان التربية هي من مسئولية الأسرة اولا وليس من مسئولية وزارة التربية والتعليم موضحا ان هناك خلطا غير صحيحا بين التربية والتعليم من قبل المجتمع ويجب ان لا نحمل الوزارة مسئولية التربية ,وقال:- لو فتشنا عن من يتحمل مسئولية الغش في الامتحانات سنجد ان الجميع يتحمل المسئولية والجميع يمارسها دون استثناء المعلم والطالب والأجهزة الأمنية والمتنفذين، موضحا ان هناك قنوات امام المعلم الذي يدعي ان راتبه لايكفي فيلجا للمساعدة في عملية تغشيش الطلاب في المدارس وهى الاعتصامات والتظاهر هو حاصل اليوم وليس تقديم الوطن ومستقبله تضحية وفداء. وفيما أشار الذيفاني الى ان الطلاب اليوم أصبحوا يملكون الجرأة في تأليف وتكملة آيات قرآنية دون خجل وكل لك من أجل الغش في الامتحان، قال الدكتور مهدي عبد السلام مدير عام مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز: إن هناك اختلالات وتجاوزات مصاحبة للامتحانات تأخذ إشكال عدة منها اختلالات في الإعداد للامتحانات واختلالات في مرافقة إجراء تنفيذ الامتحانات واختلالات في تصحيح الامتحانات وتقدير النتائج، مستعرضا في ورقته المقدمة الى الندوة (الاختلالات في الامتحانات بين الواقع والإمكانيات والحلول )واقع الامتحانات ومظاهر الاختلالات وأسبابها والمعالجات موردا بعض الظاهر السلبية حسب تقارير المشرفين على الامتحانات منها : - تنامي الاتجاه نحو صياغة اسئلة موضوعية والعزوف عن وضع ئلة مقالية في امتحانات النقل . - بروز مظاهر عنف واعتداء على الملاحظين والمشرفين اثناء سير الامتحانات ولاسيما في الامتحانات العامة والقيام بالغش الجماعي - عدم وجود توازن بين حجم المقرر الدراسي وزمن تنفيذه والزمن اللازم لاجراء الامتحان والدرجة العظمى المخصصة له - تناقض نظام التقييم حيث يتم اعتماد النظام الفصلي لمراحل النقل ونظام السنة الدراسية لامتحانات الشهادة العامة الأساسية والثانوية - ظهور سلوكيات غير سليمة من قبل المجتمع المحلي مثل التجمهر امانم المراكز الامتحانية والمساعدة على الغش واختراق القاعات الامتحانية بالقوة - التأثير على سير الامتحانات وممارسة الضغوط على رؤساء المراكز من بعض الشخصيات الاجتماعية والوجاهات - وجود تدخلات من قبل رجل الامن المعنيين بحراسة مراكز الامتحانات - تقصير وسائل الأعلام في رصد الظواهر السلبية دون المشاركة في تقديم المعالجات ومحاربة الظاهرة ونشر الوعي في صفوف المجتمع. هذا وكان فيصل سعيد فارع- مدير عام مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز- قد افتتح وأدار الجلسة، مشيراً الى ان التعليم هو الركيزة الأساسية في نهظة الأمم ولابد من مناقشة وضع التعليم في اليمن برمته بما في ذالك العملية الامتحانية إذا اعتبرناها اداة من أدوات التقييم وتاتي هذه الندوة حسب فارع لتضع الظاهرة امام مزيد من المناقشة ووضع المعالجات المناسبة لها , يشار الى ان الندوة اثريت بعدد كبير من المداخلات التي شخصت واقعا تعليميا مخجلا رغم ما تنفقه الدولة من مليارات الريالات في هذا المضمار.