رغم أن التغيير هو سنة الكون منذ أن خلق الله الأرض بمن عليها، إلا أن الإنسان مجبولٌ على التخوف من التغيير، والتهرب منه ما استطاع لذلك سبيلا، كونه –التغيير- يعتبر خوضاً في المجهول، ويحتاج من الجهد الكثير لكسر الرتابة التي تعود عليها، بالإضافة إلى صعوبة وجود الإرادة القوية التي لا بد منها لإحداث التغيير. إلا أن التغيير يكون أحياناً ضرورة لا بد منها، ولا مناص عنها، توجبها علينا معطيات الحياة المختلفة، التي لا نختارها بأيدينا وإنما تفرض علينا. وبمناسبة الحديث عن التغيير، أورد هنا قصة رواها مسؤول في البنك الدولي عند زيارته لليمن، وقد أورد هذه القصة للتأكيد على ضرورة إحداث إصلاحات ضرورية لا بد منها، وتقول القصة: ((كان هناك ربان ماهر يقود اسطولاً كبيراً يسير في بحرٍ عظيم في ليلة ضبابية لا يكاد الإنسان أن يرى فيها كفه إذا وضعها أمام وجهه، وفجأة أضاء الرادار في السفينة مشيراً إلى وجود جسمٍ على مسافة قريبة من السفينة، فحاول الربان التواصل مع هذا الجسم عن طريق اللاسلكي قائلاً له: (غير اتجاهك) فرد عليه صوت هادئ (غير اتجاهك)، فغضب الربان وارتفع صوته صائحاً: (أمامك أسطولٌ هائل، غير اتجاهك أنت)، فرد عليه صوت هادئ: (غير اتجاهك)، لم يتمالك عندها الربان أعصابه، وصاح مهتاجاً: (معك ربان أعالي البحار بأسطوله العظيم، آمرك أن تغير اتجاهك)، فرد عليه الصوت الهادئ: (غير اتجاهك أمامك منارة!) )). وأنا بدوري أبعث تحية إلى مسؤول البنك الدولي، وأقول له: أعلم أن على "أسطولنا" العظيم أن يغير اتجاهه وإلا اصطدم بالمنارة، إلا أن معرفتي الوثيقة بمسؤولينا تحتم عليّ أن أترجاك أيها المسؤول في البنك الدولي أن تحاول بقدر الإمكان أن تقنع المنارة بتغيير اتجاهها، فربما كان ذلك أسهل!!