كتب/أحمد أحمد مطهر رياح التغيير القادمة من تونس الخضراء حاملة بذور الياسمين ذي الرائحة العطرة والتي تزكي الأنوف برائحة الحرية والديمقراطية، مرورا بأرض الكنانة "مصر" لتعصف بالفساد والديكتاتورية المتجذرة وتطيح بفرعون العصر الحديث فترتوي بمياه النيل لتواصل مسيرها ورحلتها الطويلة لتحط برحالها في يمن الحكمة وها هي تلك البذور والمرتوية بمياه النيل تغرس في أرض عانت الويلات والحروب من فساد وظلم وقهر واستبداد. رياح التغيير نثرت بذور الياسمين في كل شبر في أرض الوطن وبدأت في النمو سريعا وبشكل مفاجئ لتعيد لليمن اسمها القديم "بالعربية السعيدة" كما أعادت لتونس ومصر رونقها وجمالها الأخاذ . يكاد الإنسان اليمني أن ينسى شيئاً أسمه الكرامة لأن كرامته أهينت وزلزلت وانتهكت بفعل حكم جائر لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن، ها هو الإنسان اليمني يخرج من ثكناته ومن ظلماته، يخرج حاملا زهور الياسمين بنكهة مياه النيل ليصرخ بأعلى صوته " إن للإنسان كرامة ويجب ان يعيش في هدوء واستقرار وحرية تكفل له حياة كادت ان تتبخر من ذاكرته وقاموسه ولا يتذكرها إلا إذا قرأ التاريخ اليمني العظيم، كم يحن ويشتاق من عاش حينا من الدهر وعاصر العصر الذهبي لليمن " فترة حكم المقدم- إبراهيم الحمدي" وكم يتمتع شباب اليوم عندما يقرأون مكانة الإنسان اليمني قبل حكم الطاغوت وكم ينصتون عندما يحكى لهم عن ذلك الزمان الوردي والحياة الهانئة . طوال أكثر من ثلاثة عقود، واليمن مهددة وقنبلة موقوته وربانها لم يستطع أن يصل بها إلى بر الأمان، الربان وجميع الطاقم في السفينة تاهوا في عرض البحر والتوهان هنا ليس من دون إرادة طاقم السفينة وربانها فقد كانت هناك خارطة واضحة لأن تواصل السفينة رحلتها ولمواجهة العواصف والأمواج العاتية إلا أن الربان وطاقمه لم ولن يريدوا ذلك، فهو مغامر ويحب المغامرة ، ويتمتع بوجود عواصف هوجاء لانه لا يستطيع ان يظل ربانا إلا في ظل تلك العواصف ، ويفكر أن خلق تلك العواصف سيبقيه حيا وربانا وقائدا مدى الحياة وقد يشيخ ويهرم ويسلم الراية لمن يثق فيه، والربان بطبعه لا يثق سوى بمن رباه وعاش في كنفه . المعادلة تغيرت الآن، وأصبح اليمنيون يستنشقون ورود الياسمين لتنتفخ وتمتلئ صدورهم برائحة زكية، ها هم اليمانيون يشعرون أن اليمن غنية وتمتلك إمكانيات جبارة ، الإنسان اليمني الآن بدأ يكتشف نفسه ويرى أن له حقوقاً كما عليه من واجبات.. أن من حقه ان يتنفس فعلا.. أن من حقه أن يتنفس ويكتشف أن الكرامة من حق الإنسان ويجب ان تكون ملازمة له طوال حياته وحتى بعد مماته . إذا كانت هذه الرياح إنفلونزا ويخافون منها فهذه الانفلونزا سوف تجعل الإنسان اليمني يعطس ولكنه عندما يعطس فسوف يلفظ كل الجراثيم العالقة في صدره والقابعة هناك لأكثر من ثلاثه عقود، لذا من كان يعتبرها انفلونزا فسوف تلفظه وتطرده لكي يشعر الجسم اليمني بعدها براحة واطمئنان كبيرين ويتنفس الصعداء بعد طوال انتظار . أجمل من تلك المناظر الخلابة والغابات والتلال الخضراء، ذلك المنظر للجبال البشرية الشامخة والقابعة في ساحات التغيير والحرية والمصممين على حمل الورود من أجل أن يقدموها لربان فشل وبشاهدة العالم أن يقود السفينة ويرسو بها في شاطئ الأمان، يا له من شعب عظيم وكريم.. فلم يعد أمام ربان السفينة سوى أن يؤمن بأن شعبه رأى النور ولا يمكن بعدها أن يعود إلى الكهوف بعد أن استنشق رائحة الياسمين ، فليأخذ الربان هذه الزهرة المشبعة بمياه النيل ويرحل .