خلافاً لكل الأعوام السابقة، أحيا الاتحاد العام لنساء اليمن ذكرى اليوم العالمي للمرأة بفيض من الآلام تسابقت إلى حدقات الأمهات، بلوعة أفئدة يروعها هذا النزيف العربي المتدفق من فلسطين إلى العراق فالصومال، ولبنان القابعة تحت هاجس خوف البارجات. فالحفل الذي نظمه إتحاد نساء اليمن صباح أمس الأربعاء في المركز الثقافي بصنعاء، لم يستهل برامجه بالترحيب بنائب رئيس الجمهورية الفريق عبد ربه منصور هادي الذي قدم لمشاركة النساء بيومهن العالمي، بل أن فلسطين هي من تربعت الصدارة، فجاء أول اللفظ على لسان الأستاذة رمزية الارياني- رئيسة إتحاد نساء اليمن، رئيسة إتحاد النساء العربي- التي إعتذرت عن تأخير الافتتاح لكون النساء مشاركات في مسيرة شعبية لمناصرة الشعب الفلسطيني، وأكدت أن المرأة اليمنية "أبت اليوم والشعب اليمني إلا أن يخرج مناصرة للشعب الفلسطيني الذي يقتل ويذبح على أرضه"! السيدة الإرياني استدركت أمرها وعادت للترحيب بنائب الرئيس، مثمنة جهوده ودعمه وتأييده للمرأة اليمنية "إيمانا منه بأن المرأة شريكة أساسية في كل مناشط الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية".. ولأن المصاب العربي كبير، إستانفت السيدة الإرياني حديثها عن الجراح العربية قائلة: إن الاجتماع يتزامن مع الاحداث الدامية والمؤلمة على أرض فلسطين، والتي أغلب ضحاياها من الاطفال والشيوخ والنساء، وعلى مرأى ومسمع من المجتمع الدولي بكل منظماته الانسانية والحقوقية، وفي عصر الخذلان والاذلال العربي، وفي تفرقة بين القادة الفلسطينيين الذين اتاحوا الفرصة للنازيين الجدد باستغلال المواقف وتدمير الشعب الفلسطيني. ثم تطرقت- في كلمتها الافتتاحية- الى إحتلال العراق، وإباحة أرضه، وقالت أنه اليوم تغتال إنسانية أطفاله ونسائه وشيوخه وشبابه، ويباد شعب فلسطين باداة صهيونية وممارسة أمريكية..وناشدت- باسم كل النساء العربيات- الاممالمتحدة ومنظمة حقوق الانسان والمجتمع الدولي وكل الشعوب المحبة للسلام بالتدخل لايقاف المجازر في فلسطينوالعراق، وان تُحمي النساء والاطفال والشيوخ، داعية في الوقت نفسه كل الفرقاء الفلسطينيين "أن يتركوا الخلافات الشخصية ويحملوا هموم الوطن وأبنائه". وأكدت السيدة الإرياني: أن الاسرة العربية تواجه تحديات كثيرة، وعلى النساء العربيات أن يعملن لوضع حد لهذه التحديات، ووضع صورة واضحة أمام الرأي العام العربي لوضع ومكانة المرأة العربية، ومحو الصورة السلبية عن الدين الاسلامي الحنيف، مؤكدة أنه "علينا مسئولية كبيرة في محو الخلط بين الموروث الثقافي والعادات الاجتماعية السلبية، بين الثقافة الشعبية والثقافة الدينية، بين التراكمات الموروثة وبين التراكمات العصرية، وأن نعزز الحوار، ونعمق ثقافة الديمقراطية في الاسرة والمجتمع، ونعمل على وقاية الشباب من الصدام بالغزو التكنولوجي والواقع الاجتماعي ونعلم أولادنا ثقافة السلام والعدل والمساواة وحرية الرأي والتعبير والتمسك بالهوية العربية والولاء الوطني والقومي. وقالت أن الاجتماع المركزي وانتخابات الاتحاد هو "لنجسد الممارسة الديمقراطية بين المنظمات الجماهيرية"، مشيرة إلى أن المكتب التنفيذي والاتحاد سعوا الى النهوض باوضاع المراة واعداد الاستراتيجيات والخطط والمشاريع الهادفة الى تحسين وضعها التعليمي والمعيشي والاقتصادي بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية المانحة وبتعاون مع المؤسسات الحكومية والسلطة المحلية. وأضافت: وكون التعليم مفتاح التنمية فاولويات الاتحاد كانت مناصرة تعليم الفتاة ودعم خبراتها بتعليم مهارات حديثة وتدريبها على المهارات التكنولوجية حتى تتمكن من مواكبة العولمة ورفع الوعي المجتمعي، ومسايرة ثورة المعلومات، وأهمية حماية الدين من التخضرم الحضاري، وأهمية تدريب النساء على الادارات الحديثة وفن التفاوض لفض النزاعات والتشبيك وادارة الحملات الاعلامية والانتخابية، منوهة إلى أنه استطاعت اكثر من 30 إمرأة في الفوز بانتخابات المجالس المحلية من (33) ناجحة، كما عمد الاتحاد الى حشد مناصرة لدعم قضايا النساء، ونفذ خلال العام الماضي 245 ورشة تدريبية و176 ندوة توعوية في فروعه في كل محافظات الجمهورية لرفع الوعي المجتمعي بمكانة المرأة في الشريعة والممارسات الخاطئة من صغار الفتيات. وتابعت: كما عزز الاتحاد برنامج الحماية القانونية، وجند 170 محامي ومحامية للدفاع عن النساء السجينات والمعنفات، وعمل على إيجاد ارشاد نسوي وبرامج اعلامية حول المرأة العاملة وتعليم الفتيات وقضايا مختلفة، مستعرضة المواقع التي ارتقى اليها الاتحاد العام لنساء اليمن على الصعيد الدولي. وقالت أن الامن الغذائي للاسرة اليمنية نال اهتمام الاتحاد للتواصل مع الاتحاد الاوروبي والحصول على دعم لتوفير مشاريع دخل الاشد فقرا (29) قرية في محافظة لحج، و(29) قرية في محافظة تعز وتدريب النساء على المهارات الحياتية ومنح الاتحاد عشرة أسر قروض ميسرة، لاقامة مشاريع مدرة للدخل للنهوض بالاسرة، كما فتح مراكز الامية في كافة مديريات الجمهورية. وأشادت السيدة رمزية الإرياني بدعم القيادة السياسية للرئيس علي عبد الله صالح الذي أكد في برنامجه الانتخابي على ان المرأة شريك أساسي في ادارة عجلة التنمية الشاملة وتمكينها سياسيا، وان يكون لها 15% في مواقع القرار وخاصة في المجالس النيابية، مثمنة في الوقت نفسه مواقف نائب رئيس الجمهورية على دعمه المتواصل لاتحاد نساء اليمن وقياداته، وشكرت أيضاً المنظات والهيئات الدولية التي ساهمت في رفع المرأة. من جهتها، جميلة غالب الشرعي- الامين العام للتحالف الوطني للطفولة المأمونة- استهلت كلمتها بتوضيح مفهوم الطفولة المامونة ويقصد به تمكين المرأة من الحمل والانجاب في ظروف صحية سليمة بدون حدوث مضاعفات مرضية تؤثر على الام والجنين. وكشفت عن حجم المأساة عالميا، مبينة انه تموت ما يزيد عن نصف مليون امرأة لاسباب متعلقة باشكاليات الحمل والولادة، وكل يوم تتوفى في الدقيقة الواحدة 1400 امرأة من النساء من مضاعفات الحمل والولادة، وعالميا تموت سنويا حوالي اربعة مليون طفل. معدلات وفيات الاطفال هو 75 لكل الف ولادة حية ولحجم هذه الماساة جاءت فكرة انشاء التحالف الوطني للطفولة المأمونة 2004م كأحد مؤسسات المجتمع المدني. وقدمت تعريفاً بمكونات واهداف التحالف والجهات المنضوية تحته وانه انضم الى التحالف العالمي الذي تم انشاؤه في 1999م ويدعم التحالفات الوطنية، ودعت في ختام كلمتها الى تكاتف كل الجهود من أجل حماية الامهات ومساعدة التحالف الوطني للطفولة المامونة، معرجة أيضاً على المعاناة الفلسطينية، وما يطول أبناء غزة وغيرها من قتل وحشي وحصار لا إنساني. وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة أمة الرزاق علي حمٌد، ألقت كلمة أكدت فيها أهمية الاحتفال بيوم المرأة العالمي، وقالت أنه يمثل منعطفا هاما في الدفع بمسيرة المرأة اليمنية والوقوف على ما حققته من إنجازات على مختلف الأصعدة. وقالت: إن هذا الاحتفال الذي يأتي متزامنا مع انعقاد الاجتماع الرابع للمجلس المركزي لاتحاد نساء اليمن وإطلاق تشكيل اللجنة التحضيرية للإعداد والتحضير لعقد المؤتمر الثاني للاتحاد وإجراء الدورة الانتخابية القادمة في يوليو القادم بحسب النظام الاساسي والقانون. وتابعت الدكتورة حمد قولها: أربع سنوات مضت حقق فيها اتحاد نساء اليمن منجزات عديدة وتبوأ الدور الريادي كمنظمة مجتمع مدني يأتي منسجما مع أهدافه التي تؤكد على النهوض بوضع المرأة اليمنية ورفع مستوى مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقيامها بدورها الفاعل والاسهام في العمل التنموي في المجتمع، والإسهام في الجهود الوطنية والعربية والدولية لدعم مناصرة قضايا المرأة والدفاع عن حقوقها والإسهام في تغيير التشريعات والقوانين ورسم السياسات والاستراتيجيات الموائمة للتوجهات الجديدة التي تتيح لمؤسسات المجتمع المدني أن تكون شريكاً فاعلاً للمؤسسات الحكومية الرسمية في العملية التنموية بل منحتها في الوقت ذاته الرقابة غير الرسمية على السياسات والاستراتيجيات الوطنية. وقالت: يأتي هذا الدور في إطار منظنات المجتمع المدني التي تشهد حراكا كبيرا في مهامها واختصاصاتها وتناميا ملموسا في أدوارها وإسهاماتها المجتمعية في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وقد مثل قيام الجمهورية اليمنية وتحقيق الوحدة اليمنية المباركة انطلاقة جديدة تؤمن بالتعددية السياسية والممارسة الديمقراطية كسلوك حضاري بين المؤسسات الرسمية والمؤسسات الشعبية قائم على أساس التكامل والشراكة الحقيقية في العمل الاجتماعي والتنموي الذي شهد توسعا ملحوظا غير مسبوق، سواء في عدد منظمات المجتمع المدني التي وصلت إلى أكثر من 5 آلاف منظمة، أو في نوعيتها أو اختصاصاتها. وكشفت بان الوزارة تعكف حاليا على إجراء تقييم شامل لمنظمات المجتمع المدني في ضوء أنظمتها وأدوارها، كما تعمل على مراجعة القوانين والتشريعات ولوائح منظمات المجتمع المدني المنظمة لأدوارها بهدف تطويرها ومعالجة الاختلالات القائمة وموائمتها مع الأدوار الجديدة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي. كما تطرقت الى ما يعانيه العالم العربي من تطورات وصفتها بأنها "بالغة التعقيد" ونزيف دم في فلسطينوالعراق والصومال، مشيرة إلى ان احداث غزة لم يسلم منها المرأة والطفل والرضيع، وطالت الشجر والحجر، داعية الجميع إلى وقفة جادة على المستوى الرسمي والشعبي في مواجهة هذا المخطط الاستراتيجي الصهيوني. وزيرة الشئون الاجتماعية التي كانت القاعة تسمع صوت شحرجتها التي تكتم أنفاسها وهي تتحدث عن المعاناة الفلسطينية، إستوقفها مشهد طفلة عرضتها قناة الجزيرة تقول انها لم تستمتع بالنظارات التي أهداها لها والدها ولا بفرحة الاساور التي اشترتها لها أمها لانها مرعوبة وخائفة وترتجف من الاعتداءات الصهيونية، وقالت تعالوا شوفو حتى ملابسنا أصبحت وسخة! ما الذي عملناه لكم!؟ وأكدت الوزيرة: إن هذه هي صرخة طفل في ظل الخذلان العربي والتخاذل والصمت الدولي الذي لم يستجب الى أي نداءات ولا المواثيق والاتفاقات الدولية..!!
من جهته، نائب رئيس الجمهورية الفريق عبد ربه منصور هادي، ألقى كلمة أكد فيها إن ما تقوم به المرأة اليوم وما حققته من نجاحات يعتبر مبعث فخر واعتزاز للمجتمع اليمني كله، مشيراً إلى أهمية تعزيز مدارك القيادات النسائية بالمهارات الحديثة والمتطورة، مؤكداً أنه بدون التعليم لا يمكن أن نوجد تنمية، ولا وعي في المجتمع، ولن تتحقق المساواة والعدالة الاجتماعية وتزدهر الديمقراطية على أسس الوعي المجتمعي. وأضاف: لا أساس لأي تنمية أو تطوير بدون المشاركة الفاعلة من منظمات المجتمع المدني بما فيها القطاعات النسائية وكذلك القطاع الخاص بكل مكوناته ونشاطاته المختلفة، مشيراً إلى أن اتحاد نساء اليمن يعد أكبر منظمة جماهيرية بقواعده الشعبية على مستوى المحافظات، والمراكز والقرى، ويعمل في اطار استراتيجية وطنية بشراكة تعاونية بين الدولة والحكومة من جهه ومنظمات المجتمع المدني من جهة أخرى. وأكد قوله: إننا سندعم المرأة في كل مجالات التنمية وفي مواقع اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولفت إلى أن ذلك ترجم عملياً بتعيين وزيرتين وسفيرة وعدد من الكوادر النسائية في مناصب وكيلات وزارة بالإضافة إلى قاضيات في المحكمة العليا والمحاكم والنيابات وفي العديد من المناصب القيادية الوسطية في مختلف وحدات الجهاز الإداري للدولة. وثمن نائب الرئيس تثميناً عالياً الجهد الذي يقوم به اتحاد نساء اليمن من أجل رفع الوعي المجتمعي بحقوق المرأة ومناصرة انخراط الفتيات في حقول التعليم ومكافحة الأمية في صفوف المرأة اليمنية كأحد أهداف وشروط التطور والقضاء على الأمية؛ معتبراً الاهتمام بالمرأة مرتكزا محوريا للنهوض التنموي وباحتلالها مكانة مجتمعية يعتمد عليها في بناء ونماء الوطن. كما وصف نائب الرئيس مؤسسات المجتمع المدني بأنها تمثل قاعدة أساسية لعملية التنمية، باعتبارها الأقرب إلى حياة الجماهير والأقرب تلمسا لاحتياجاتها، داعياً الجميع إلى أن يكونوا صفا واحدا ويدا واحدة لتحقيق أهداف التنمية الشاملة، والسعي الحثيث الى تأمين الامن الغذائي والصحي والتعليمي. وأشار نائب الرئيس إلى أن برنامج الرئيس على عبد الله صالح أعطى المرأة حيزا مهماً، واهتماما خاصا بقضايا المرأة بإعتبارها الشريك الأساسي في مسيرة البناء والتطوير. ولم تغب المعاناة الفلسطينية عن موضوع حديث نائب رئيس الجمهورية ، إذ حذر من التداعيات الخطيرة للعدوان الصهيوني الغاشم على الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة الذي لم يسبق له مثيل، معرباً عن شجبه وإدانته لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان سافر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. وعبر عن أسفه للصمت الدولي وتجاهل الشعوب المتحضرة أو التي تدعي أنها متحضرة عن ما يجري في فلسطين، مؤكداً إن ذلك الصمت والتجاهل يتنافى وكل القيم والمبادئ الإنسانية والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، محذراً من أن تصعيد الأحداث قد يقود العالم إلى حرب عالمية ثالثة. الحفل الذي إحتشدت الى قاعته القيادات النسائية من مختلف محافظات الجمهورية، تخلله أوبريت فني لعدد من الأطفال، وقصيدة شعرية، وإختتمه نائب رئيس الجمهورية بتكريم الرائدات اليمنيات. كما تم على هامش الفعالية تنظيم معرضاً لمنتجات المرأة اليمنية من فروع مختلفة، افتتحه نائب الرئيس، وأشاد بحسن تنظيمه، وجمالية معروضاته، مؤكداً إستعدا القيادة السياسية لدعم مثل هذه الانشطة، وتوفير كافة الامكانيات التي من شأنها مساعدة المرأة والأسرة اليمنية على الارتقاء بمهاراتها، وبناء قدراتها المعيشية.