شهدنا منذ أسبوع ذكرى عظيمة مرت علينا مرورا لكرام- بالرغم من الاحتفالات الدينية وتبادل التهاني الآلية- وهي ذكرى مولد سيد البشرية ومنقذها من الضلالة إلى النور "لو كان الناس يعلمون": محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم. وشهد، أيضاً، ذكرى كابوسيهة مريعة، وهيَ الذكرى الخامسة لحرب بوش (أحمق رئيس أميركي على مدى التاريخ بشهادة والده شخصياً).الحرب التي أشعلها من أجل نقل العراق من ظلمات الديكتاتورية إلى نور الديمقراطية. بمناسبة مولد سيد البرية كان أهم حدث مصاحب هو افتتاح العقيد معمر القذافي أكبر مساجد العاصمة الأوغندية (كمبالا) الذي بناه على نفقته الخاصة. فبعد أن كادت تحدث مجزرة بين حرس القذافي وحرس الرؤساء الأفارقة المشاركينى بسبب من سيكون أول الداخلين إلى الجامع، ستر الله وسكنت الفوضى، ثم صلى العقيد القذافي بالناس، وألقى خطبة طرح فيها أفكاره وفلسفاته المتجددة.. وكعادته فجر قنبلةً شديدةً، خلاصتها: "أن زيارة الكعبة حق مشاع لكل من يريد، من أي ملةٍ كان. ودعواه في ذلك أن الدعوة للحج شعيرة من عصر أبينا إبراهيم لكل الناس". ثم عرض وجهة نظره على شكل تساؤل: - ماذا لو أراد أحد من غير المسلمين أن يطوف في الكعبة المشرفة؟ ثم قرأ الجواب عنه في الآية الصريحة الوحيدة التي تتحدث عن هذا الموضوع في القرآن الكريم: (إنما المشركون نجس، فلا يقربوا المسجد الحرام ). ثم تساءل ماذا لو كان هذا الشخص هو الرئيس الأمريكي(جورج بوش) فهل سيتجرأ أحد من العالم الإسلامي، على منعه من زيارة الكعبة إذا أراد؟ وأجاب بثقة حقيقية "أن لا أحد سيستطيع". تساؤل العقيد القذافي الذي صادف الذكرى الخامسة لبدء غزو العراق، والتي لا بأس أن نكرر أنها سميت حرب تحرير العراق أو الحرب التي ستجعل العالم أكثر أماناً. و بعيداً عن المآل المأساوي الذي ترسخ في نهاية المطاف، وعند كل شعوب العالم تقريبا: قتل، خطف، ترويع، كره، فرقه، حقد، جوع، هروب، بالإضافة إلى ربط بغداد بآلاف الجنود الأمريكيين والمليشيات المتباغضة، والقاعديين والصحويين، إلى آخر أسماء المتفيدين التي أحضرها معه، هو وحلفاؤه الفاتحين تحت عنوانه المهيب الذي كانت نشرات الأخبار تطاردنا به (الصدمة و الترويع).. ما أريد أن أخلص إليه هو جواب على السؤال الافتراضي للعقيد القذافي، إذا كان الرئيس بوش وقد حقق ما أسماه نصراً استراتيجياً، وبكل قواته التي تملئ البحر والسماء، لا يجرؤ على دخول عاصمة فتحه بغداد، إلا متسللاً و خائفاً في قاعدة عسكرية بعيدة، فكيف بالله سيجرؤ على دخول بيت الله الحرام.في غاشية النهار وعلى رؤوس الأشهاد. إذا كان ما سبق هو(جواب افتراضي! على سؤال افتراضي)، فربما حملت لن القمة العربية المزمع انعقادها بعد يومين، أجوبة عمليه على السؤال الافتراضي نفسه من مثل ما أعلن مؤخراً عن التمثيل المصري والسعودي واللبناني الضعيف أوالغائب عن قمة دمشق، والذي فسره المحللون السياسيون- وليس أنا بالطبع- بأنه متناغم مع إرادة البيت الحرام الأمريكي، الذي سيرسل سادنته (كوندليزا رايس) في اليومين القادمين في (عمرة) تطوف بها العواصم: القاهره، بيروت، الرياض.. وليس مكة طبعاً..!