كان الصباح ندياً، وحزيناً فغيابها عنا كسر شيء جوهري داخلنا لم نكن نعيه إلا بعد رحيلها! الراديوا الصغير يصدح فوق طاولة "مطبخها" بأغنية "يا صباح الرضى" تردد هي بعده بصوتٍ عال كي نسمعها نحن، فنصحو، بعضنا يظل لدقائق يتمطى في فراشه، وبعضنا يسترق دقائق آخرى ليعود للنوم مرة آخرى وهي تتابع بصوتها الجميل "جداً".... (صبوح وه يا صبوح ...!) (مدرسة .... وه يا مدرسة!) بأعلى صوتها، علنا ننهض من فراشنا ونلحق بأعمالنا، مدارسنا، جامعاتنا.... والخ من الذكرى التى لا تنتهي!! لي خاطر بفنجان " بن "، من الذي كانت " أمي " رحمها الله تحبه ! رحمها الله، تعالي أصنعه لك ... ولو أنه لن يكون له نفس الطعم الذي كنا نشربه "سرقة" منها! أعرف..! كل شيء تغير طعمه... ! ليس هذا فقط ... كل شيء غلى ثمنه! لم ار شيء في اليمن تغير، كأنكم تبالغون منذ جئت كل شيء كما هو! حتى راتب الموظفين لم يتغير ..." تبعتها بضحكة صغيرة " من حسن الحال "!!! حسناً... الكيلو البن الذي كانت أمي تأتي به من "باب اليمن" ذهبتِ أنتِ عندما كان سعره .... وصمتت ! "أوه تنتظرين أجابتي أنا ! حسناً كان "ثمانون ريال" تقريباً إن لم أبالغ، اظنه كان أقل" ضحكت طويلاً.. ثم تابعت وهي تسترق النظر الى ردود فعلي البطيئة! "الكيس السكر... عندما كنت موجودة .... كم كانت قيمته!؟ "أعتقد كان بين 900 ريال، و 1000 كانت " أمي تشكو من غلاء السكر وقتها، أتذكر هذا جيداً" "ودبة الغاز" "أوه دبة الغاز كانت " ثلاثون ريال " يا أبنة رجل الأقتصاد... !" وضحكنا ! وبدأت بسرد الأسعار، فظننت إما أنها تحاول مداعبتي، بطرافة غير طريفة ... أو أن الحقيقة "المرة " فعلاً تقول، ما قالته، تخيلت كيف يعيش المواطن البسيط براتبه، إذا كانت هذه أسعار المواد التموينية الضرورية في المنزل ! ناهيك عن الإيجارات التى أرتفعت الى مافوق المعقول ! وما أكثر "مالكي البيوت في بلادنا والحمد لله " حتى راعي الأرض، مستأجر! المواصلات، فواتير التلفون، الكهرباء....والخ والخ من المسميات التى أصبحت لازمة في وقت كهذا!! كيف يعيش هؤلا !؟ ومن المسؤول عن كل هذا الدمار في بلادي...! من!؟ جاء صوتها "الحنون" ليجعلني أفيق من "صدمتي"! "أما ما ضحكتِ بشأنه بخصوص راتب الموظف، فهو فعلاً لم يتغير، بقي كما هو ...! ها ماذا قلتِ هل أصنع لك فنجان "بن"! "لا...لا.. سأكتفى بنكهته في ذاكرتي...!"