تواصلا لفعاليات برنامج منتدى السعيد الثقافي لمؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز ألقيت صباح أمس الخميس محاضرة تحت عنوان (أزمة الهوية والاندماج وديناميكية التنمية) ألقاها الأستاذ- احمد محمد الحربي نائب مدير المعهد الوطني للعلوم الإدارية سابقا، وحضرها جمع من المهتمين بالشأن الثقافي بمدينة تعز. المحاضرة التي أدارها الأستاذ فيصل سعيد فارع مدير عام مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز، سلطت الضوء على أزمة الهوية اليمنية عبر مراحل تاريخية مختلفة للدولة اليمنية القديمة والحديثة , وتطرقت إلى دور التحالف بين القبيلة والدين الذي مثله نظام آل سعود أو قبيلة آل سعود الحاملة للسيف، التي تحالفت مع ظاهرة إسلامية جديدة اسمها الوهابية والتي شكلت ظاهرة جديدة وهوية جديدة على مستوى المنطقة كلها وأحدثت فاصلا جغرافيا سياسيا اجتماعيا إسلاميا للأمة العربية ولثروتها القادمة. وأكد المحاضر تأثر اليمن بهذه الجيوسياسية الجديدة , فعملت الوهابية وما تزال تقاتل ضد الهوية اليمنية حتى اليوم على مستوى كل الجبهات السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية، ولم تعد اليمن منارا ثقافيا للعالم، ولم تعد زبيد منارة ثقافية للعلم والعلوم والجبر والرياضيات، ولم تعد لدينا جامعة كجامعة زبيد، ولم تعد لنا ثقافة أو هوية محددة، فقد تمزق كل شيء. وأشار المحاضر إلى أن الحضارة اليمنية شكلت هويتنا الكلية لكن الحديث عنها بشكل كامل ينقصنا في التاريخ الكثير من المعطيات الدالة على طبيعة الهوية اليمنية للحضارة القديمة (جامعتنا) كلنا، وقال: كل ما نستطيع أن نقوله هو أن الحضارة اليمنية هي الزراعة والنشاط التجاري الذي شكل المحور الرئيس لهويتنا اليمنية، فاليمنيين القدامى سيطروا على تجارة البخور وسيطروا على طرق القوافل ونقل البضائع إلى الهند والى البلدان الأوروبية الأخرى واوجدوا زراعة أحدثت فائضا اقتصاديا غير عادي من خلال مفاهيم وأساليب هندسية صحيحة بنظم الري مثل السدود وقنوات الري وهذه الظاهرة هي التي شكلت اقتصاد اليمن الزراعي الذي كان أساس الحضارة اليمنية القادمة بما شكلت من هندسة معمارية ومن استخدام المظاهر الطبيعية.. وكلها تظافرت لتشكل هوية حقيقية جامعة لليمنيين. وتابع يقول: إن الميزة الحضارية اليمنية القديمة انهارت مع دخول الفرس والديانة اليهودية والمسيحية والأحباش التي شكلت إحدى الصراعات الأساسية وخلقت لنا كيانات جديدة وولايات اسمها الأذواء والاقيال، وبالتالي أعقبها انهيار سد مأرب وانتشار الهجرات، حتى جاء الإسلام وشكل هوية جديدة للمجتمع اليمني وقضى على الاذواء والاقيال وعلى الكيانات الصغيرة وجعل من اليمن إمارة صغيرة مخلاف أعلى وآخر أسفل. وكشف المحاضر إن الرخاء الاقتصادي الذي كانت تعيشه اليمن شجع اليمنيين بقيام غزوات داخلية فيما بينهم وضد الخارج مثل غزوهم للحبشة، وهذا كان نوع من التهور أدى إلى حدوث انهيار للحضارة اليمنية، فالغزو المتكرر للحبشة من قبل اليمن أدى إلى رد فعل معاكس تمثل بغزو الأحباش لليمن وبدأت بعد ذلك أول معالم الانهيار للحضارة اليمنية التي تمثلت في غزو الفرس لليمن التي تشكلت بعدها ملامح القبيلة والهوية الجديدة التي جاءت على أنقاض الحضارة اليمنية. واعتبر المحاضر إن على محمد الصليحي هو من أوجد الهوية اليمنية الواحدة التي استمرت لمدة قرن كامل, مختتما محاضرته بالتأكيد على إن الهوية هي شعور بالفخر والكرامة والاعتزاز والقوة، ولا يمكن أن تقبل بأي غازي يفرض شروطه إذا كنت تملك هوية وطنية واحدة وتحاول أن تستعيد هويتها الحضارية لمواجهة أي غزو أجنبي, فالصراعات الداخلية تهدد الهوية الوطنية في أي بلد. هذا وقد أثريت المحاضرة بالعديد من المناقشات والمداخلات من قبل الحاضرين.