عاشت محافظة الضالع سنوات طويلة عانت فيها من كل أنواع المناورات العسكرية والقهر والعنف والذل والمهانة والقتل والتشريد في عهد التشطير البائس وصناعه وأعوانه وأتباعه البائسين.. إلاّ أن الكارثة هي انه ما زال هناك من أبناء الضالع إلى اليوم- مع احترامي لكل أبناء الضالع الشرفاء والمكافحين- من يتعامل مع المجتمع من حوله بعنصرية ومناطقية وأنانية فرضتها الحزبية الخبيثة، والتعبئة الخاطئة برغم الاغتراب في مختلف دول العالم. وتعتبر الضالع إحدى مناطق اليمن الأكثر إغتراباً، إلا أن أخلاقيات تلك الدول العظمى لم تؤثر في تغيير عقول البعض من أصحاب تلك العقليات القروية التي أتت من الريف والشعاب إلى شوارع لندن وباريس وسان فرينسسكو.. من بين الحصون والقلاع والوديان مثل وادي بناء الشهير وحرضة دمت البركانية النادرة! وعلى العكس ما هو كائن في المحافظات المجاورة للضالع، غابت الكثير من الطباع والعادات غير الحميدة من عقول أبناء تلك المحافظات الجميلة الخضراء والبيضاء، التي رفدت الوطن بآلاف، بل بملايين المناضلين والأحرار؛ ولنا في الضالع أمثال المناضل عبد الرحمن شجاع الدين الذي بكى قبل أيام في ميدان السبعين عندما "شاهد الثورة اليمنية تنتصر" بانتصار الفقراء والمهمشين "الأخدام " اليمنيين.. فكيف سيكون بكاء المناضلين اليوم عندما يشاهدون أعراس جماعية للآلاف من أبناء الوطن الشباب والشابات..!! اليوم لنا وقفة مع الضالع والمناورات الإنسانية التي تختلف عن كل المناورات السابقة، مع انه منذ فترات طويلة ومناطق كثيرة في مختلف أرجاء الوطن تحتفل بالأعراس الجماعية التي تنظمها وترعاها جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية، وجمعيات وجهات أخرى ومحافظة ذمار تعتبر من المحافظات الأكثر احتفالاً بالأعراس الجماعية، حيث شهدت محافظة ذمار الخميس الماضي حفل لجمعية الإصلاح بزفاف 150عريساً وعروساً برعاية محافظ المحافظة اللواء يحي العمري ، وكذلك شهدت ريمة زفاف (300) عريس وعروسة، فيما أقام فرع جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية بالضالع يوم الاثنين القادم بعرس جماعي لعدد 100 عريساً وعروساً من أبناء مديرية جبن، وهذا يعتبر أول مشروع لعرس جماعي بهذا العدد الكبير تشهده المديرية وربما المحافظة الضالع ككل- وهذا الذي جعلني أقف أمامه بحرص! لقد وقفت كثيراً أتأمل في تلك الأخبار التي جعلت الآباء والأمهات في مديرية جبن يبكون من الفرح بزواج أبنائهم وبناتهم بعد طول معاناة وصبر وصيام وعفاف وهم وغم وضيق عيش، وتمنيت لو أن ذلك الخبر يكون بمثابة درس وبداية للمناورات الخيرية في الضالع بين الجمعيات والمنظمات المدنية بل وحتى بين الأحزاب والقبائل والشيوخ والتجار والمغتربين، وجميع أبناء المحافظة. إن لهذه المشاريع الإنسانية أثرها الطيب في عهد الوحدة المباركة بين أبناء محافظة الضالع التي شهدت سابقاُ مناورات عسكرية وقتالية وتشريدية ودموية عديدة في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، والذي لم يسلم منها احد، ولم يرغب أحد فيها، وكذلك نعتبرها فرصة للتسامح والإخاء والمحبة بعيداً عن إلقاء اللؤم وتوجيه التهم بدوافع حزبية وسياسية بغيضة وبعيدا عن التوجه لاستغلال مثل هذه المشاريع العظيمة للأعمال الحزبية التي بلا شك سوف يخسر العبد الأجر والثواب الذي يناله من خالقه على فعل الخير إن هو فعله لأسباب سياسية ودنيوية.. ونحمد الله أن الإخوان في جمعية الإصلاح- كما عهدناهم- ليسوا من هذا النوع فقط. أحببت تذكير بعضنا البعض، ودعوة المغتربين- الذين تعج المنظمات والجمعيات اليمنيةالأمريكية برؤساء ومدراء وسكرتارية ومسئولين كبار ورؤساء فروع من أبناء محافظة الضالع- إلى الالتفاف حول دعم مشاريع الأعراس الجماعية في مناطق أخرى مثل الحصين والشعيب ودمت والضالع وقعطبة ومريس والازارق والرياشية، وكل مديريات ومناطق المحافظة.. فلتكن مناورات جديدة نؤسس لها بين جمعية الإصلاح، والجمعية الشعبية، وبين مختلف الجهات المدنية الخيرية، وبين كبار التجار- سواء التجار في الداخل أو في الخارج- فمثل هكذا أعمال خيرية هي "تجارة مع الله ورسوله"، يكسب منها المرء ما لا يكسبه من أي تجارة أخرى.