تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية حدة الخلافات بين قيادات ما يسمى ب"تيارات الحراك الجنوبي"، على خلفية المشروع الذي ترعاه معارضة الخارج، الرامي إلى تشكيل فروع "هيئات النضال السلمي" بالمحافظات الجنوبية، و"هيئة عليا" تشرف على تنسيق حراكها السياسي. وحمّل مصدر قيادي في هيئة النضال السلمي بأبين- في تصريح ل"نبأ نيوز"- مسئولية فشل "تيارات الحراك" في الضالع وشبوةوعدن وحضرموت في تشكيل هيئاتها على عاتق من وصفهم ب"القيادات التاريخية" في الخارج، مبيناً: أن تدخل تلك القيادات ومحاولتها تمرير رأيها وحساباتها بشكل أو بآخر على من هم في الداخل تسبب في تعميق الخلافات، وتضييق فرص الوفاق، مؤكداً أن عدداً من "القيادات التاريخية" في الخارج تتسابق حالياً على استقطاب قيادات الحراك في الداخل لخلق مراكز نفوذ لها "تحسباً لمرحلة ما بعد الإطاحة بالنظام"- على حد تعبيره. وأعرب عن أسفه أن ينساق بعض "القيادات التاريخية" وراء "تعصبات مناطقية، وحساسيات سياسية تعود إلى أيام اليمن الديمقراطي (التشطير)، وأقطاب الصراع آنذاك، وحرص البعض على العودة للتكتلات رغم اعترافهم بأخطاء تلك الفترة". وكشف المصدر عن "خيبة أمل"- كما وصفها- مُني بها الحراك الجنوبي بعد أن كان متوقعاً تشكيل هيئات النضال السلمي في جميع المحافظات الجنوبية الستة في فترة لا تتجاوز أسبوع واحد، إلاّ أن الشهر الثاني شارف على الانتهاء ولم تتشكل سوى هيئة النضال السلمي في لحج برئاسة ناصر الخبجي، وهيئة النضال السلمي في أبين برئاسة العميد عيدروس أحمد حقيس، بينما ظلت أربع محافظات "غارقة بالمجادلات والخلافات، وكل يوم برأي، ولا يمر يوم إلاّ وتزداد هوة الخلافات"- على حد تعبيره. وأكد القيادي المذكور: أن المهندس حيدر أبو بكر العطاس وعدد من "قيادات الحراك في الخارج" ناقشوا خلال الأيام القليلة الماضية في اجتماع رعاه العطاس في إحدى دول الجوار- رفض كشفها- موضوع الخلافات الدائرة، واقترحوا تعديل مشروع هيئات النضال السلمي، وبدلاً من أن يبدأ بتشكيل الفروع كما كان مقرراً، اقترحوا بدء تشكيل الهيئة العليا للنضال السلمي أولاً لتتولى هي التنسيق والإشراف لاحقاً على تشكيل الفروع. وقال: أن المشاركين في الاجتماع رشحوا علي منصر محمد رئيساً ل"الهيئة العليا للنضال السلمي"، والعميد ناصر النوبة نائباً للرئيس، إلاّ أن هذا الترشيح لم يصمد سوى يوم واحد فقط، إذ أن علي ناصر محمد الذي تغيب عن الاجتماع كان أول المعترضين، واعتبر ذلك تهميشاً لقيادات أبين، وتنكراً لدورها في الحراك.. وقد وجد رأيه دعماً من محمد علي أحمد الذي كان له فضل التوفيق بين قيادات التيارات بأبين وتشكيل هيئة النضال السلمي فيها. ونوه إلى أن "لغطاً" أثير في الداخل والخارج على خلفية ذلك الترشيح، انحرف بعضه إلى تفسيرات مرتبطة بالخلافات القديمة بين جناحي حيدر العطاس وعلي ناصر- وهو الأمر الذي حاولت بعض قيادات الداخل تفادي عواقبه من خلال إقامة ندوات ومهرجانات في عدنولحج، والإدلاء بتصريحات صحافية تصب جميعها في الإشادة بالدور النضالي لأبناء أبين، وتعظيم شأن قيادات الحراك فيها، في "محاولة لترقيع الفتق". وتؤكد مصادر وثيقة الصلة ل"نبأ نيوز" أن التحركات والاتصالات المكثفة التي قام بها علي ناصر محمد، ومحمد علي أحمد مع قيادات تيارات الحراك الجنوبي في عدد من المحافظات خلال الفترة الماضية، بقصد التوفيق بينها لتشكيل هيئات النضال السلمي، أثارت شكوكاً لدى جناح العطاس، وتم تأويلها من قبل بعض القيادات على أنها محاولة للهيمنة وسحب البساط.. واتهمت تلك المصادر قيادات مقربة من العطاس بالسعي إلى تخريب علاقات علي ناصر مع قيادات الداخل من خلال الإيحاء لبعض الذين قامت السلطة بإطلاق سراحهم مؤخراً بأن على ناصر هو من أشار على الرئيس علي عبد الله صالح باعتقالهم- خاصة فيما يتعلق برفيق دربه القديم حسن باعوم، مؤكدة أن ذلك الإيحاء أحدث قلقاً لدى البعض، وأن مقربين من باعوم نقلوا على لسانه تهكماً واستياءً من تصرفات علي ناصر- رغم أن ذلك لم يتجاوز دائرة المقيل. ويبدو- بحسب المصادر- أن جناح علي ناصر يحاول احتواء الموقف، حيث ظهر حسن باعوم قبل يومين بين أنصاره، وألقى خطاباً هاجم فيه من وصفهم ب"الطابور الخامس"، الذين يسعون لشق صفوف الحراك الجنوبي، وإثارة الخلافات والفتن بين تيارات الحراك؛ وهو ما فسرته مصادر جنوبية بأنها إشارة غير مباشرة إلى التحركات الأخيرة التي قامت بها قيادات في جناح العطاس، معززة رأيها في ذلك بأنها المرة الأولى التي لم يصب فيها باعوم جم غضبه على السلطة، لأن خطابه كان موجهاً إلى جهات جنوبية.. وفي تطور جديد، أثار خطاب علي هيثم الغريب- أحد من تم إطلاق سراحهم مؤخراً- الذي ألقاه في مخيم بئر العروس في يافع- دهشة الكثير من القيادات الجنوبية، نظراً لدعوته إلى الحفاظ على الوحدة اليمنية، وقوله أنه "تحققت في عهد الوحدة اليمنية المباركة الكثير من الانجازات", ثم دعوته إلى الحفاظ على هذه المنجزات، مؤكدا "إن الوحدة اليمنية هي المدخل الطبيعي للوحدة العربية الشاملة"- وهو ما رفضت مصادر جنوبية اتصلت بها "نبأ نيوز" التعليق عليه. وعلى صعيد آخر، شن المهندس حيدر أبو بكر العطاس هجوماً على موقع "نبأ نيوز"، محملاً إياه مسئولية ما وصفه ب"تسريبات" إعلامية، وقال أنه "أحد المطابخ الإعلامية المتعددة التي تديرها السلطة والتي للأسف تستخدم سياسة الإعلام النازية.. اكذب فاكذب ربما تجد من يصدقك"، وقال: "أنها نفس السياسة التي ذهب ضحيتها العراق الشقيق". واتهم العطاس المحررين العراقيين العاملين في "نبأ نيوز" بأنهم "عناصر مخابراتية عراقية سابقة"، محملاً إياهم مسئولية "إسقاط نظام صدام" بقوله: "هذه العناصر نفسها التي أسقطت بسياساتها هذه نظام صدام حسين وراح ضحيتها العراق كله بسبب هذه السياسات الخاطئة، فهل لديها مهمة أخرى ؟!"- طبقاً لتصريحه لموقع "شبوة برس". "نبأ نيوز"، وفي ضوء احترامها الكبير للوزن السياسي الذي يحتله المهندس العطاس، ودوره في صناعة الوحدة اليمنية، وبغض النظر عن كل التطورات اللاحقة- تؤكد للسيد العطاس صحة وجود عراقي وزوجته في الموقع، وهما مقيمان في اليمن بشكل دائم منذ حرب الخليج عام 1991م، ولم يبرحاها إطلاقاً إلى أي جهة أخرى ليمارسا نشاط سياسي. كما توجه الدعوة للسيد العطاس بإرسال من يثق به إلى إدارة الموقع، للإطلاع على إمكانيات العمل، ومصادر التمويل، وكل السجلات والوثائق المحاسبية والإدارية منذ اليوم الأول لإطلاق الموقع، آملين عدم زج العاملين في الموقع بأي حسابات أو خلافات سياسية يمنية- يمنية؛ ومرحبين في الوقت نفسه بأي تصريحات، أو تعقيبات على الأخبار يدلي بها السيد العطاس أو أياً من الرموز السياسة اليمنية، ففي مساحة الديمقراطية والحريات المتاحة للإعلام في اليمن متسع رحب للجميع، ومن حق العاملين في موقع "نبأ نيوز" استثماره بغض النظر عن جنسياتهم- فليس للصحافة وطن- مثلما من حق اليمنيين في لندن استثمار الحريات المتاحة بنشاط سياسي مناهض لنظامهم.