أكدت مصادر سياسية مطلعة ل"نبأ نيوز" قلق الولاياتالمتحدة من تصاعد حدة الارتياب اليمني- على المستويين الرسمي وغير الرسمي- من التواجد الأجنبي المتعدد الجنسيات في البحر الأحمر وخليج عدن، كاشفة النقاب عن تحركات أمريكية نشطة واتصالات واسعة مع جهات رسمية، وقوى سياسية أخرى لطمأنتها حول جدوى هذا التواجد، وأهميته لليمن ودول الإقليم. وأوضحت: أن الولاياتالمتحدة تبحث حالياً إمكانية إشراك الجانب اليمني في المشاورات التي تعقدها مع الأطراف الدولية الأخرى- وفي مقدمتها أوروبا- بشأن تطورات الأوضاع الأمنية، وأنشطة القرصنة في المنفذ الجنوبي للبحر الأحمر، في محاولة لتخفيف حدة قلق الجانب الرسمي اليمني، وتخفيف التوتر المتصاعد في الساحة الشعبية اليمنية تجاه التواجد العسكري البحري الأجنبي. وأفادت المصادر: أن وزيرة الخارجية الأمريكية "كوندليزا رايس" أوفدت نائبها المساعد لشؤون الشرق الأوسط "جيفري فيلتمان" إلى العاصمة صنعاء لإجراء مباحثات بهذا الصدد، وتوضيح بعض الحقائق حول الأمور التي كانت موضع ارتياب السلطات اليمنية. ونوهت إلى أن إجتماعاً عقد أمس بالعاصمة صنعاء بين السيد "جيفري فيلتمان"، ونائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن اليمني الدكتور رشاد العليمي، وضم عدداً آخراً من الخبراء الأمنيين، عرض فيه الجانب الأمريكي رفع مستوى الدعم المقدم لقوات خفر السواحل اليمنية، وتعزيز قدراتها الفنية والمادية، وتوسيع برامج الحماية والمراقبة الإلكترونية للسواحل اليمنية، بما يرفع من قدراتها في مكافحة الأنشطة الإرهابية وحماية مياه اليمن الدولية. كما أشارت المصادر إلى بدء اتصالات أمريكية مع منظمات وقوى سياسية يمنية لتنسيق عقد حلقات نقاشية وندوات لشرح خلفيات التواجد الأجنبي في البحر الأحمر، وأثر أنشطة القرصنة البحرية على الأمن والاقتصاد اليمني، والنشاط التجاري الدولي، في محاولة للحيلولة دون تصعيد الموقف الشعبي اليمني، وتأجيج النزعة الانتقامية لدى بعض الجماعات المتشددة. وأكدت المصادر المخاوف المشتركة لدى واشنطنوصنعاء معاً من إمكانية تحول المنطقة البحرية "الساخنة" إلى ميدان جاذب للتنظيمات الإرهابية- خاصة القاعدة المتوغلة بقوة في الصومال- التي قد تطمع ب"صيدٍ وفير" في ظل كثافة تواجد السفن الحربية الأجنبية التي من شأنها أيضاً أن تسيل لعاب الجهات الممولة للإرهاب من الجماعات الدينية المتشددة، وهو الأمر الذي حفز واشنطن على تأكيد استعدادها لتزويد خفر السواحل اليمنية قبل نهاية العام الجاري بمزيد من الزوارق الحربية لرفع قدراتها في منع أي نشاط إرهابي يستهدف التواجد الأجنبي من أراضيها. ولم تقتصر التحركات الأمريكية على هذا الحد، بل أن زيارة السيد "جيفري فيلتمان" إلى العاصمة صنعاء جاءت مشفوعة بحملة إعلامية أمريكية تروج ل"المنجزات البطولية" التي حققتها البحرية الأمريكية- منفردة أو ضمن قوات التحالف المشتركة- في الحرب ضد القراصنة الصوماليين. فقد استبقت قيادة قوات التحالف الدولية وصول السيد "جيفري فيلتمان" أمس الأربعاء إلى صنعاء ببضع ساعات، بإصدار بيان يؤكد حصول تراجع كبير في هجمات القراصنة التي كانت تستهدف السفن التجارية أثناء إبحارها في خليج عدن قبالة السواحل الصومالية، مرجعاص ذلك إلى "نشر العديد من الدول قطعها البحرية في المنطقة لتأمين تلك السفن". وقالت قيادة التحالف: إن القراصنة حاولوا مهاجمة عدد من السفن خلال يوم الثلاثاء، إلا أن تلك المحاولات فشلت في "اقتناص" أي سفينة، بسبب الاحتياطات الأمنية المسبقة التي اتخذتها أطقم تلك السفن. وكشف الأسطول الأمريكي الخامس- الذي يتخذ من العاصمة البحرينية المنامة مركزاً لقيادته الإقليمية- أن القراصنة حاولوا شن نحو خمس هجمات الثلاثاء، على سفن تجارية كانت تبحر في المنطقة الواقعة عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، إلا أنها كانت "محاولات فاشلة". وأشار البيان إلى أنه من بين الخمسة هجمات التي أمكن رصدها خلال الساعات الأربعة والعشرين السابقة لصدور البيان، هجومين تعرضت فيهما سفينتين لإطلاق نار من قبل القراصنة، إلا أن قادة السفينتين تمكنا من المناورة بهما بنجاح، كما نجحا في صد الهجوم. وقال نائب الأدميرال "بيل كورتني"- قائد القوات البحرية لقوات التحالف المشتركة: "تلك الاحتياطات المسبقة التي تم اتخاذها بالأمس، هي تحديداً ما أوصينا قادة السفن باتخاذه". وأضاف: "على مدار أكثر من شهرين، وقوات التحالف تعمل مع قطاع صناعة الملاحة البحرية، ومنظمات النقل البحري الدولية، للوصول إلى أفضل الممارسات التي يجب على السفن إتباعها لحماية نفسها ضد هجمات القراصنة". وبحسب البيان، فإنه منذ ذلك الحين، نجحت قوات التحالف في إحباط ما يقرب من 25 هجوماً كانت تستهدف السفن التجارية أثناء إبحارها في خليج عدن. وتابع كورتني قائلاً: "خطر القرصنة يهدد أمن جميع الدول، وبتطلب حلاً دولياً"، واستطرد: "وجود التحالف يساعد في الحد من تلك الهجمات، كما يسمح للسفن التجارية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان حماية أنفسهم، وكذلك يشجع المجتمع الدولي على التوصل إلى صيغة قانونية لملاحقة هؤلاء القراصنة على أنشطتهم الإجرامية". وكانت قيادة القوات البحرية الأمريكية نشرت عدداً من سفنها في خليج عدن، للقيام بدوريات أمنية في المنطقة اعتباراً من 22 أغسطس الماضي، تحت مسوغ "الاستجابة لدعوة المنظمة الدولية للملاحة البحرية IMO، بتقديم مساعدة دولية لوقف هجمات القراصنة على السفن قبالة الساحل الصومالي"؛ غير أن صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1838 لسنة 2008م أطلق أبواب البحر الأحمر للسفن والطائرات الحربية المتعددة الجنسيات التي ما زالت تتوافد تباعاً على المنطقة.