عندما يذهب المال العام لجيب مسئول حكومي يحق للجميع أن يسميه "فساداً".. لكن عندما يقف المانحون على أبواب المسئولين أذلة، يتوسلون لتمكينهم من تنفيذ مشروع مجاني لخدمة شعب اليمن، ولا يجدون من يفتح لهم الأبواب، فذلك يستحيل أن نسميه "فساداً"، بل "استهتاراً" بأرصدة وطنية خارجية، وبفرص تنموية، وبجهد رئاسي تجنيه القيادة اليمنية بشق الأنفس، عبر جولات مكوكية سنوية..! الصينيون، وبعد أن قرروا بناء مجمع تربوي أنموذجي في تعز، بتكلفة (5.000.000) يوان هدية من حكومة الصين الشعبية لشعب اليمن، وأبرموا عقداً مع الشركة المنفذة، لم يجدوا في هذه المحافظة من يسهل أمرهم، أو يفتح لهم طريق الوصول إلى موضع بناء المشروع.. فالكل يتنصل، والكل يتذرع، وكأن الأمر لا يعنيه، أو كأن المنصب لمسئوليات أخرى..! الصينيون، وفي كل مرة يأتون فيها إلى تعز لبدء التنفيذ تخيب ظنونهم، ويكتشفون أن الوعود اليمنية ليست إلاّ أكاذيباً رسمية.. غير أنهم وبعد أكثر من ثمانية أشهر من التوسل المهين بمسئولي المحافظة، والوقوف المذل في انتظار من يرحم حالهم، ويضع حداً لترحالهم، شعروا بالإهانة، وأوجعهم جرح الكرامة، فغادروا تعز وهم يهددون بسحب المشروع، وإلغاء المنحة.. فلن يكونوا أشفق على اليمن من أبنائها..!! "نبأ نيوز" تفتح ملف المشروع التربوي الصيني.. وبالوثائق الرسمية: فقد عبر أهالي صبر الموادم عن مخاوف عظيمة من إلغاء المشروع التربوي النموذجي المقدم منحة من الحكومة الصينية للمديرية، وارجعوا السبب إلى ما وصفوه ب: "فساد وتنصل الجهات المعنية بالمحافظة عن الاتفاق المبرم بين الحكومتين اليمنيةوالصينية، والذي يقضي بتقديم كافة التسهيلات للجانب الصيني، ومنها إصلاح الطريق المؤدية إلى موقع المشروع الذي صدرت به موجة من التوجيهات دون حسم يذكر حتى الآن. وناشد الأهالي عبر "نبأ نيوز" محافظ المحافظ حمود الصوفي، للبت في موضوع الطريق المؤدية إلى المدرسة الصينية النموذجية التي كان الجانب الصيني قد وافق على بنائها في المديرية بمبلغ 5 ملايين يوان صيني. محمد عبد الغني نعمان- من أهالي صبر الموادم، وكيل مدرسة المرحوم عبد الوهاب نعمان التي تما إزالتها من أجل تنفيذ المشروع- أفاد نبأنيوز: بأنهم منذ ثمانية أشهر وهم يتابعون إجراءات تنفيذ المشروع التربوي الهام، ولكن دون جدوى تحت ذريعة عدم توفر إمكانيات لتنفيذ الطريق الذي يشترط الجانب الصيني تنفيذه قبل تنفيذ المدرسة النموذجية. وقال: أنهم قاموا بإزالة المدرسة السابقة، وطلابها يدرسون حاليا تحت لهيب الشمس في العراء منذ موافقة السلطة المحلية على تنفيذ المشروع. وكشف: أن أهالي صبر الموادم طالبوا في شكوى رفعوها لمحافظ المحافظة ب إما إعادة المدرسة السابقة أو تنفيذ الاتفاقية السابقة الموقع عليها من قبل مجلس الوزراء، والتي من ضمنها تنفيذ مشروع الطريق المؤدية للمدرسة الصينية.. وهددوا بإحضار الطلاب إلى المحافظة للاعتصام للمطالبة بحقهم وتوفير مدرسة بديلة لهم. واتهم نعمان الجهات المعنية ومكتب الإشغال بالمماطلة والتسويف لحد الآن، واصفاً ما يحدث بأنه فضيحة بحق اليمن كون المهندسين الصينيين أرهقوا كثيرا من السفر بين صنعاءوتعز وعندما يحضروا يفاجأوا بعدم وجود طريق الاتفاقية والتسهيلات من قبل الحكومة اليمنية للجانب الصيني. إلى ذلك تؤيد مذكرات عديدة صادرة من جهات عدة بالمحافظة- حصلت عليها "نبأ نيوز"- أن توجيهات مختلفة صدرت تحث على سرعة انجاز لطريق المؤدية للمدرسة المزمع إقامتها بدعم من الحكومة الصينية.. ومن بين تلك التوجيهات مذكرة مدير عام مكتب التربية والتعليم بالمحافظة الدكتور مهدي عبد السلام والتي تشير إلى انه "بناء على الاتفاقية الموقعة بين الحكومتين اليمنيةوالصينية والمتضمنة قيام الأخيرة بتنفيذ مشروع مجمع ذي البرح صبر الموادم وتسليم الموقع الخاص بالمشروع للشركة الصينية المنفذة له بتاريخ 16/ 8/ 2008م، الآن الجانب الصيني يشترط لتنفيذ المشروع تعديل وإصلاح الطريق المؤدية إلى موقع المشروع. وطالبت المذكرة المرفوعة إلى محافظ المحافظة بتاريخ 18/8/1/2008م ب"التوجيه لمن يهمه الأمر بسرعة إصلاح الطريق ولو بصفة استثنائية حرصا على المصلحة العامة، وبما يمثل وجه اليمن". فيما حملت مذكرة ثانية من نفس مدير عام التربية إلى نفس محافظ المحافظة، المطالبة "بالتوجيه إلى مكتب الأشغال العامة والطرق بإصلاح الطريق بالشكل المطلوب كون ذلك يمثل وجه اليمن بشكل عام ومحافظة تعز بشكل خاص"، مشيرة إلى "أن الحكومة الصينية قدمت منحة للحكومة اليمنية تمثلت بمجمع تربوي نموذجي بالطراز الصيني لمدرسة المرحوم عبد الوهاب نعمان ذي البرح صبر الموادم". وذكرت: "إن الجانب الصيني زار موقع المشروع بعد مسح الطريق المؤدية إليه تنفيذا لتوجيهات سابقة، إلا أن المانحين طلبوا توسعة الطريق بحيث يمكن لسيارات النقل المرور دون صعوبة". ونوهت المذكرة إلى أن "الحكومتين وقعتا على أن تقوم الحكومة اليمنية بتذليل الصعاب وإصلاح الطريق بالشكل المطلوب". وتؤكد مذكرة مؤسسة صبر الموادم التنموية الخيرية ما ذهبت إليه مذكرات مكتب التربية العديدة، حيث تفيد في رسالتها المرفوعة للامين العام للمحافظة: "إن الفريق الهندي الصيني الذي نزل إلى موقع المشروع تفاجأ بعدم صلاحية الطريق، وأنهم ابدوا انزعاجهم من عدم تنفيذ ذلك بالصورة السليمة". وتفيد مذكرة مؤسسة صبر: "أن طلاب المدرسة الدارسين في العراء أرهقهم التعب وألهبتهم حرارة الشمس وهم ينتظرون حل إشكالية إصلاح الطريق حسب الطلب الصيني الذي أبدى انزعاجه من عدم استكمال المسح". وأفادت الشركة الصينية المنفذة للمشروع "أن الحكومة اليمنية لم تلتزم بالاتفاقية فيما يخصها، والتي صدر بشأنها قرار مجلس الوزراء رقم 252 لعام 2008م، وحدد اختصاصات الوزارات والجهات المعنية لتنفيذ المشروع". مكتب الأشغال بالمحافظة من جهته أوضح في مذكرته رقم 51 وتاريخ 24/9/2009م والمرفوعة إلى الأمين العام للمجلس المحلي محمد الحاج: "إن المشروع قد تم تصفيته وهو قيد استكمال الأعمال المكتبية لتصفيته"، مقترحا "أن يتم ذلك من الموارد المحلية المشتركة نظرا لعدم وجود مخصصات مالية لمواجهة إصلاح الطريق". مذكرة ثالثة صادرة من مكتب التربية والتعليم بالمحافظة بتاريخ 14/6/2008م مرفوعة إلى محافظ المحافظة رئيس المجلس المحلي حمود الصوفي، جدد فيها هذه المرة شكواه من "عدم إصلاح الطريق حتى الآن رغم المذكرات السابقة الموجهة له بهذا الخصوص"، وأشارت مذكرة قطاع المشاريع والتجهيزات إلى "احتمال قيام نائب رئيس جمهورية الصين بزيارة المنطقة المذكورة في حين لم يتم تجهيز الطريق المؤدية للمدرسة حتى اليوم". جدير بالإشارة إلى أن قرار مجلس الوزراء رقم 252 بشان الموافقة على ما تضمنه الخطابين المتبادلين بين حكومتي الجمهورية اليمنية وجمهورية الصين الشعبية حول إنشاء مدرسة نموذجية بمحافظة تعز صبر الموادم وافق على تنفيذ الجانب الصيني لمدرسة نموذجية في صبر الموادم بتكلفة تقدر 5.000.000 يوان صيني، وذلك من حصيلة المنحة المجانية المقدمة من الحكومة الصينية لليمن بموجب اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني الموقعة بتاريخ 3/12/2008م. كما تنص الاتفاقية: "على وزراء التربية والتعليم والمالية والداخلية والشئون الاجتماعية والعمل كل فيما يخصه اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ التزامات الجانب اليمني المنصوص عليها في البند 3 من الخطابين المتبادلين، وعلى وزير التربية والتعليم اتخاذ الاجراءت التنفيذية لما ورد في الخطابين وموافاة وزارة التخطيط والتعاون الدولي بمستوى التنفيذ أولا بأول". ونصت أيضاً: "سيقوم الجانب اليمني بمنح تأشيرات دخول وخروج تصاريح إقامة للمهندسين والفنيين الصينيين إضافة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز الحماية والأمن والسلامة لهم خلال فترة تنفيذ المشروع". وتضمنت الاتفاقية أيضا: "أن يقوم الجانب اليمني بتوفير موقع المشروع وإزالة ما عليه من بناء وحواجز فوق الأرض وتحتها، كما يلتزم بتوفير الماء والكهرباء، وتسوية الطريق المؤدية إلى موقع المشروع".