كانت الساعة تتجاوز الثامنة مساء بقليل يوم 7من شهر فبراير عام 2009 حين وقفنا بالسيارة في شارع صفر في مدينة حده السكنية.. يوجد هناك مكان لبيع سندوتشات الطعمية الممتازة وهو يجاور محل "الصرخة" لبيع أفلام السي دي. كان الشارع يضج بالسيارات والمارة والإضاءة القوية. أما الواقفين فكانوا يتزاحمون في انتظار دورهم لشراء الطعمية. وصلنا علي تجمع كبير. سألنا عن السبب فقيل لنا تم اختطاف بنت قبل لحظات! خرجت فتاة أو أمراءة لا ندري لأنها كانت منقبة من محل "الصرخة". وقفت لتقطع الشارع فربما كان منزلها في الجهة المواجهة. أو ربما كانت تنوي استئجار سيارة تاكسي. نحن لا ندري. فجاءه وفي لمح البصر وقفت سيارة هيلوكس وفتح الباب يمين السائق وجرت الفتاه إلي الداخل. صرخت صرخة سرعان ما تم كتمانها غير إنها كانت مدوية. ما أن ألتفت المارة والمنتظرين "للطعمية" إلا وقد فات الأوان حيث كانت السيارة قد ابتعدت. حاول أحد المارة أن يمسك بصدر السائق لكنه سرعان ما دفعه وولي هاربا بغنيمته التي لن يدفع لها أي ثمن لأنها ليست "عروس" ولن يعاقب عليها أي عقوبة لأنه ولأنها ليسوا في "بلد" الجميع له الله. هذه الحوادث تحدث للأسف في كل زمان وفي كل مكان. من يقول غير ذلك كاذبا! نحن أيضا نسمع بين الحين والأخر، حادث هنا وحادث هناك. إننا لا نستطيع إنكار ذلك. إلا أن ما كاد يمزقني ألما ووجعا هو ردة فعل الشارع والسيارة تبتعد. هل يعقل أن يعود البعض إلي انتظار دورهم لشراء الطعمية؟؟ هل يعقل أن يلوم البعض "الفتاة" وهي الضحية علي خروجها في ذلك الوقت المتأخر، بينما كانت الثامنة مساء، ويحملها مسئولية ما حدث لها؟؟ هل يعقل أن يلعن الناس "الناس" و"الزمن" و"أولاد الحرام"؟ هل يعقل أن يتأثر الجميع ويعود إلي منزله ليحذر أهل بيته من الإناث في عدم الخروج بمفردهن؟ هكذا وأنتهى الموضوع بكل بساطه؟؟ أنا حزنت علي الفتاة واستغاثتها المسكينة. كانت تريد أن مشاهدة فيلما فهل أجرمت؟ وإذا كانت خرجت في وقت يعتبره البعض متأخرا فكيف لم يشفع لها إنها فعلت ذلك في شارع يضج بالسيارات والمارة؟؟ والإضاءة قويه جدا فكيف لم يشفع لها ذلك؟ كيف لم يشفع لها أن في الشارع بيت مسئول ولديه "حراسة" تأكل الوحوش الضارية ولكن "في تقاسم المال" وليس في حماية شرف بنت لا حول لها ولا قوة. سمعت الحارس الهمام يقول: "ولماذا تخرج بمفردها؟" هكذا إذن؟ أهي ارتكبت معصية، أهي زنت، أهي خرجت عارية في الشارع؟ لم يشفع لها تغطية وجهها وجسمها. لم يشفع لها "طمأنينتها".. لذا لم يجد الشارع إلا أن يلومها هي! لأن الشارع حالته ترحم! مهان، يتضور جوعا، لا يستطيع أن يقول بخ ولا "بس"!! الشارع هو الذي صدمني وأبكاني. أين "الحمية" التي كان يتصف بها أهل اليمن؟ أين الشهامة والرجولة؟ أين الإسلام في ضمائر المسلمين؟ أين عدم السكوت علي الظلم؟ أين مناصرة المظلوم والوقوف بجانبه؟ لماذا لم تسرع السيارات في محاولة لإيقاف سيارة المختطفين، لماذا لم يركض المارة والواقفين منتظرين"للطعمية" خلف السيارة ولو حفاة.. لماذا؟ أريد أن أعرف لماذا؟ ما الذي مات بداخلهم؟ أي شئ أخافهم؟ ما هذا الذي باتوا يتعلمونه في المدارس؟ أيعقل أن يكون الإسلام؟ أي ذل وأي انكسار وأي أهانه صاروا يرضعونها مع حليب الأمهات؟ ماذا خربت القنوات الفضائية؟ هل جعلت الجسد مباح ومحت مفهوم العورة والشرف؟ هل القات حولهم إلي حيوانات؟ هل رأى الناس قادتها يؤثرون السلامة ويكذبون وينافقون حفاظا علي كراسيهم؟ ثقافة الفقر هل سادت بحيث أصبح كل شخص عبد للقمته ولقمة من يعول. فإذا تحركت "الحمية" بداخلة أهال عليها تراب "لا أتدخل فيما لا يعنيني" و"لدي أسرة أنا مسئول عنها" و"يومااااه" ولا أنسي "أنا يا رحمتاه غلباااان". تعازي القلبية الصادقة علي وفاة النخوة في قلوب الشعب اليمني.. رجاء أتمنى أن لا أجد من التعليقات من يلوم الفتاة لأن "الضرب في الميت حراااام"!!