ستعانق «مدينة عقبة بن نافع» موعدها التاريخي الكبير الذي سيجعلها عاصمة للثقافة الإسلامية لهذه السنة، وهو الحدث البارز الذي كان أعلنه الرئيس التونسي زين العابدين بن علي سنة 2006 بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة للتحول مجددا من خلال دعمه لهذه المدينة ذات الماضي المجيد وحرصه على تعزيز مكانتها الإسلامية. ومع اكتمال البرنامج العام لهذه التظاهرة الدولية بدأ العد التنازلي اقرب من أي وقت مضى بالنسبة لحفل الافتتاح الرسمي الذي سينطلق يوم الأحد 8 مارس 2009 بجامع عقبة بن نافع،هذا المعلم الإسلامي الشهير الذي يشكل بطرزه الفنية البديعة وطابعه المعماري العتيق منارة الإسلام المشرقة بافريقية التي انطلق منها الدين الإسلامي الحنيف بربوع المغرب العربي. * مشاريع جديدة ومظاهر جمالية في كل المواقع: احتفاء بهذا الحدث المتميز تجملت القيروان، واتخذت زينتها في كل المواقع، خصوصا وأن هذه التظاهرة تأتي تزامنا مع احتفالاتنا بذكرى المولد النبوي الشريف، فقد حظيت البنية الأساسية باهتمام خاص حيث تم تعبيد عدد من الطرقات الهامة بالمدينة وإصلاح وتجديد جانب من الشبكة الكهربائية إلى جانب مد الأرصفة وتهيئة مجموعة من الساحات التي أصبحت تشكل مظهرا جماليا رائعا بالمدينة نذكر منها ساحة زروق بالجرابة، وساحتي أولاد فرحان، وساحة الغسالة، وساحة الشهداء، وساحة الدهماني، وساحة المغرب العربي. كما تم انجاز مشروع تهيئة شارع الثقافة يضاف إلى ذلك الأشغال الجارية حاليا لإتمام انجاز المشروع الخاص بإعادة تهيئة المركب الثقافي أسد ابن الفرات خصوصا على مستوى تغليف الأرضية، وتجديد مقاعده وتجهيزاته الحالية، وإعادة بناء عدد هام من الأجنحة المخصصة للمعارض والأنشطة الثقافية ونوادي الاختصاص. ومن المنتظر أن يخرج هذا الانجاز الثقافي في صورة أنيقة، وبشكل عصري مشرف وبأكثر قدرة على احتضان البعض من فقرات هذه التظاهرة الدولية. وفي السياق ذاته تواصلت منذ مدة عمليات التجميل داخل المدينة العتيقة وخارجها حيث تم غراسة مجموعة من أشجار التصفيف في عدة مواقع بمدينة القيروان بينما تم تزويق المفترقات بالأزهار ونباتات الزينة المختلفة الألوان والتي أضافت بعدا جماليا لافتا، كما زادت الكثافة الضوئية في الليل القيروان تألقا فأينما ذهبت إلا وتغمرك أضواء المدينة ولاسيما تلك التي شملت بطريقة فنية أبواب وأركان المساجد والجوامع والأسوار وامتدت أيضا إلى عدد من الأشجار التي انخرطت في اللعبة الضوئية فغدت مشرقة ومزركشة بألوان ضوئية مختلفة.
* ربيع القيروان يشكل باقته للزائرين إنه ربيع القيروان، الذي تشكل بإرادة وطنية صادقة وبعزيمة جهوية فالجامع الكبير الذي شملته عناية العهد الجديد، تم مؤخرا تبليط الفضاء المحيط من حوله، وتجديد الشبكة الصوتية له وذلك بعد أن تم منذ مدة ليست بالبعيدة تجهيزه بالإنارة الفنية، وهاهو اليوم في إطار تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية يحتضن أول خيمة كبرى في صحنه ستشهد حفل الافتتاح الذي ستنقله عديد القنوات التلفزية والفضائيات في العالم وسيكون ذلك منطلقا لبرنامج ثري ومتنوع من السهرات الفنية الكبرى والندوات الدولية، والمعارض، والمهرجانات التي ستجعل من القيروان عاصمة للفكر والفنون والإبداع، وواحة ممتدة ومفتوحة على الثقافة الإسلامية وحوار الحضارات، ولأول مرة في تاريخها ستشهد القيروان فعاليات الدورة الأولى للمهرجان الدولي للإنشاد الصوفي الذي سيشارك فيه عدد كبير من الدول العربية والإسلامية. كما سيتم هذه السنة إصدار موسوعة عن القيروان ومصنفات وإصدارات عديدة على غرار الأعمال الكاملة لابن الجزار. ومما استأثر بالانتباه أيضا هو الوجه الجديد الذي أصبحت عليه الأحياء الشعبية المتاخمة لمعلم الإمام سحنون الكائن بالناحية الشرقية لمدينة القيروان ومؤسس المذهب المالكي بافريقية، حيث حظيت هذه الأحياء المعروفة «بحي الجنان» بمشروع رئاسي بكلفة 6.5 ملايين دينار انفق في مجال العناية بالبنية الأساسية والمرافق والتجهيزات الجماعية إلى جانب تدخلاته التي لامست المظهر الجمالي العام والذي تكامل في الواقع مع ما شهده معلم الإمام سحنون صاحب كتاب «المدونة» من ترميمات وأعمال تهيئة وتهذيب جعلت منه اليوم مزارا رائعا لكل الوافدين على القيروان وتحفة فنية ومعمارية جديرة بالاطلاع ومن المبادرات الجهوية المتميزة ما نلاحظه من مجهود يومي وليلي للعناية بالنظافة والبيئة سواء على مستوى إزالة الفضلات وتسييج الأراضي البيضاء وتبييض ودهن المباني واستبدال بعض الواقيات الشمسية القديمة للمحلات التجارية أو على مستوى تركيز الحاويات حيث تم إلى حد الآن تركيز ما لا يقل عن 400 حاوية منها 300 حاوية اقتناها المجلس الجهوي لمعاضدة البلدية، ويضاف هذا طبعا إلى المجهود الذي بذل مؤخرا من اجل إحداث المزيد من المناطق الخضراء، ووضع أنواع جديدة من الزهور بأهم المفترقات والمواقع الرئيسية بالمدينة. وهكذا فإن القيروان من خلال هذا الحدث قد استعادت توهجها الحضاري لتعيش عرسها التاريخي من جديد من احتفالية فرجوية مشهودة تجمع بين معانقة الماضي والانصهار فيه، وبين الأخذ بمكتسبات الحداثة. * البرنامج المفصل لتظاهرات “القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2009” تتميز احتفالية القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2009 بمجموعة هامة من التظاهرات المتنوعة من ضمنها التي ستقام من شهر مارس الحالي إلى شهر جوان المقبل. وقد تم اختيار الاحتفال بالمولد النبوي الشريف للإعلان يوم 8 مارس الجاري عن الافتتاح الرسمي لتظاهرة “القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية” والذي سيحتضنه صحن جامع عقبة بن نافع يليه عرض المشهدية “القيروان الخالدة” يوم 10 من نفس الشهر في الساحة الواقعة خلف مئذنة جامع عقبة والمسماة بالمصلى. كما ستحتضن مدينة القيروان بالمناسبة نفسها عدة مهرجانات من بينها الدورة الأولى لمهرجان الإنشاد الصوفي من 11 إلى 14 مارس يليه مهرجان المسرح الحديث من 15 إلى 19 من الشهر ذاته ثم المهرجان الوطني للزربية ﴿السجاد﴾ من 26 إلى 31 مارس فمهرجان ربيع الفنون الدولي من 13 إلى 19 أبريل وتختتم سلسلة المهرجانات بمهرجان المونولوج من 1 إلى 7 مايو. وفي إطار المعارض سيكون الانطلاق بمعرض المخطوطات الإسلامية الذي يشرف عليه المعهد الوطني للتراث ويتواصل من 8 إلى 14 مارس يليه معرض ينظمه المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية حول “القيروان ودورها في الحركة الوطنية” من 16 إلى 21 مارس إلى جانب معرض “القيروان في عيون الرسامين” من 23 مارس إلى 12 أبريل بمساهمة جمعية الفنانين التشكيليين بالقيروان التي تساهم بمعرض آخر عنوانه ”جدارية الحب السلام الأخوة” وذلك من 18 إلى 25 مايو. كما تنظم المكتبة الوطنية من 6 إلى 12 أبريل معرض الجرائد والدوريات الصادرة بالقيروان وتساهم منظمة الايسيسكو في برنامج المعارض بمعرض التراث المعماري وفنون الزخرفة الإسلامية من 27 أبريل إلى 10 مايو. أما مشاركة مدينة العلوم بتونس فتتمثل في معرض يتواصل من 10 مايو إلى 31 ديسمبر حول أهم المحطات التاريخية العلمية التي شهدتها القيروان خلال العهدين الأغلبي والصنهاجى كما تساهم بمعرض ثان عنوانه “مشاريع في الهندسة المعمارية حول القيروان” وذلك من 10 إلى 25 مايو. ويقام معرض حول “أدوات الطب والجراحة عند الأطباء عامة وأطباء المغرب الإسلامي” يتواصل من 18 إلى 30 جون وذلك ببادرة من وزارة الصحة العمومية بالتعاون مع الجمعية التونسية لتاريخ الطب والصيدلة. وفى خصوص الدورات والورشات التدريبية يتضمن البرنامج من 25 إلى 26 أبريل دورة تدريبية وطنية تساهم فيها وزارة الثقافة والمحافظة على التراث والايسيسكو والجمعية التونسية لحماية حقوق المؤلفين حول “حماية حقوق التأليف والملكية الفكرية والنشر الثقافي عبر الانترنت”. كما ستنظم الايسيسكو بالتعاون مع وزارة الثقافة والمحافظة على التراث والمعهد الوطني للتراث ورشة تكوين إقليمية حول “توثيق رصيد متاحف دول المغرب العربي باستخدام المعلوماتية” وذلك من 11 إلى 15 مايو. كما تساهم نفس الأطراف إلى جانب المكتبة الوطنية بدورة تدريبية إقليمية من 2 إلى 7 جون لترميم المخطوطات وصيانتها. وتنظم الايسسكو واليونسكو واللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة من 15 إلى 17 جون دورة تدريبية لفائدة العاملين في اللجان الوطنية للتربية والعلوم والثقافة في الدول العربية الأعضاء في الايسيسكو. وتحتضن القيروان بمناسبة التظاهرة جملة من الندوات والموائد المستديرة تبدأ بندوة ينظمها المعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية من 16 إلى 17 مارس حول “القيروان ودورها في الحركة الوطنية” تليها مائدة مستديرة يوم 17 مارس تنظمها مدينة العلوم حول “الخاصيات المعمارية للقيروان”. وتقام يومي 10 و11 أبريل تحت إشراف الايسسكو والجمعية التونسية لعلم الأنتروبولوجيا والمعهد الوطني للتراث ندوة علمية موضوعها “الأنتروبولوجيا في الثقافة الإسلامية”. كما يعقد المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون ﴿بيت الحكمة﴾ من 20 إلى 24 أبريل ندوة بعنوان “القيروان وإشعاعها عبر العصور”. وتساهم وزارة الصحة العمومية بالتعاون مع الايسسكو ووزارة تكنولوجيات الاتصال بندوة إقليمية حول “تطبيقات العناية الصحية بواسطة الانترنت” وذلك من 26 إلى 28 أبريل كما يشارك مستشفى ابن الجزار بالقيروان يوم 2 مايو بندوة حول “الموروث الحضاري وانعكاساته وتأثيراته في الطب النفسي”. ويشكل “دور القيروان في عمران بلاد المغرب” محور لقاء تنظمه مدينة العلوم يوم 14 أبريل كما تعقد يوم 22 مايو مائدة مستديرة حول “السياسة المائية في العهد الأغلبي” وسيتابع جمهور تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية عرضا موسيقيا كل نصف شهر وعرضا مسرحيا شهريا.