يلبس بدلة جميلة، أنيقة، وقد تكون من ماركة عالمية، ومع ذلك يمتلك قلباً أسود، ولا يعرف في هذه الحياة سوى الجشع والطمع!!. يحاول أن يخفي صورته الداخلية، ويظهر - فقط - بصورة خارجية تلمع كثيراً، وتسطع أكثر، وهو في الأصل يعرف دواخله وأعماقه، ويدرك أن حب الذات يسيطر عليه، وأنه أقرب إلى عبادة مصالحه!. يبتسم على مضض عند من هم تحت مسئوليته - إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك - وعند من يفوقونه يبتسم دائماً، يضحك، يجامل، ليصل إلى ما يريد، وهو يظن أن حاله سيستمر، مع أنه مكشوف على الآخر!. يحرص على النظارة - الباهظة الثمن - وهي في الأصل «سوداء قاتمة» تحكيه بوضوح، وتشرح وضعه المأساوي وإن ظهر أو تظاهر بالانبساط!. يأمر، ويوجّه، وكل ما يهمه هو أن لا يسقط من كشوفات المكافآت، وأن لا يتراجع الرقم، مفضلاً أن يكبر وأن يزيد. لا يكتفي بما يأتي من باب (المكافآت) بل ينظر بنهم إلى المقاولين، ويخضعهم لإجراءات الفحص والتدقيق، ولا يتم المرور إلا بالشيء المعلوم، ومع أن كل شيء يمشي بهدوء وبنظام في إجراءات إتمام الصفقة وتسليم المشروع!. لا يتلمس همّ موظف (غلبان) ولا يهتم بحق (مدير) في كشف المكافآت، وفوق هذا يوعد ويرعد عندما يكثر المطالبون لحقوقهم.. ويتحاشى الجميع بالهروب من السلم الخلفي!. لا يبالي بأحوال الآخرين، ولا يؤثر فيه ما يتعرضون له من الألم والحزن، ولا يراعي شعور من يتولى عليهم وهو يظهر بسيارات متعددة؛ جميعها جاءت تحت مبررات عدة، وكلها تم تجيير ملكيتها إلى أملاكه الخاصة رغم أنه لم يدفع فيها فلساً!!. إذا ما حضر اجتماعاً أو ترأس طاولة مناقشة المشاريع؛ تأخذه أبعاد البحث عن المصلحة الشخصية.. ولا ينظر إلى المصلحة العامة، فهو أشد حرصاً على أن يستفيد قبل أن يُقال أو يُبعد أو يُغيّر!. الوجه الآخر للجشع.. رجل ذو مال وجاه.. كان في الزمن القريب يبحث عن قوت يومه، وفجأة تحول إلى مليونير!. ورجل آخر.. وجد ظهراً قوياً، فأخذ يتلاعب بقوت ولقمة عيش الآخرين، ويفوز بأموال طائلة ليس فيها ريال واحد جناه بالحلال!. ورجل ثالث.. اعتاد على النهب والسطو؛ يقفز في يوم وليلة بالباراشوت على أراضي الخلق، ويجد من يسنده ليأكل الحرام!. كل أولئك نماذج معروفة للجميع تمثل الجشع في أدق تفاصيله، وتؤكد للناس أن الجشع والطمع متلازمان في نفوس من لا يخافون الله، ولا يتورعون عن حق المساكين، ولا يجدون من يردعهم، ويوقفهم عند حدودهم!. حالات الجشع تؤكد فساد الذمة والقلب واليد والأخلاق، وهذا بلاغ مسجل في هيئة مكافحة الفساد. وبالتأكيد هو مسجل في قائمة الحساب المهم الذي لن ينجو منه أحد.. ويا رب عليك بكل جبار وظالم ومتكبر وفاسد وطماع وجشع!!.