سؤالٌ يترددُ على ألسنة وأذهان كل أبناء الشعب فضلاً عن المتابعين والمهتمين بالشأن اليمني، عن الكيفية التي سيتعامل بها المعنيون من القوى السياسية بخصوص المبادرة الشجاعة التي أعلنها فخامة الأخ رئيس الجمهورية، وقطع من خلالها دابرَ الفتنة الذي كان يُنسجُ بعناية لجر اليمن إلى أتون محرقة لا يعلم نهايتها إلاّ الله. لن أتحدَّثَ عن المبادرة ولا عن رَجُلِها، وسنترك ذلك للتاريخ الذي لا شك سيُنصفُ العظماءَ، ويكشفُ زيفَ الأدعياء، وإن كانت قد نزلت على قلوبنا برداً وسلاماً، بسبب ما تضمنته من إصلاحات، إَضافة إلى تزامنها مع ما يعتملُ على الساحة العربية من تطورات متسارعة. من حقنا أن نتفاءل بالحكمة اليمانية التي راهنّا عليها كثيراً ولا نزال في احتواء الأزمات قبل انفجارها، لكننا ننتظرُ الكثيرَ من القادة السياسيين وزعماء الأحزاب والمعنيين بالحوار، ونأمل منهم أن يكونوا عند مستوى المسؤولية التي يتحملونها، وأن يدركوا أن من يتنازل لوطنه وشعبه بغية المصلحة العليا للوطن هم من يكسبون وِدَّهم ويحظون باحترامهم وتقديرهم. أقول لهم جميعاً : الشعب ينتظرُ الأمن والأمان والاستقرار والسلام والعدالة والتنمية والوفاق، ويطمع ألاّ تتركوا أيديولوجياتكم وأجندتكم الحزبية والجهوية تهيمن على عواطفكم وتوجهاتكم المستقبلية، فلندع الحسابات السياسية جانباً ونفكر جميعاً بعقل السياسي الحكيم والمواطن الغلبان والشاب الطموح والمستثمر المتردد.. لقد تحققت جميعُ المطالب السياسية التي توقفّ الحوارُ بشأنها وأكثر، فماذا سيُقدّم المتحاورون ومن تحققت مطالِبُهم لهذا الشعب ؟ أم أن الشياطين ستبقى في التفاصيل ؟ وسيبحث أمراءُ التأزيم عن فجوات جديدة للإبقاء على المشهد ضبابياً؟ علينا أن نفكر ملياً، كيف تحوّلَ الحلفاءُ إلى أعداء في ليلةٍ وضحاها ! وكيف قال بعضُهم عندما رأى الكفة تميل إلى الجهة الأخرى « إنّي بريءٌ منك» وهاهي الإدارة الأمريكية الواحدة الآن منقسمة بين مؤيد ومعارض تميل مع الريح حيث مالت. أخيراً .. في إطار التعدد الديمقراطي والحقوق الدستورية، من حق الجميع أن يطمح لمد تأثيره وتطبيق سياساته، ما دامت غير مخالفة لذلك، لكن الحكماء والعظماء هم من يستمدون قوتهم من الله أولاً والشعب ثانياً باعتبارهما مصدرَ القوة الحقيقي، كما أنهما مصدر الانتكاسة أيضاً لمن يُحلِّقُ في سماءٍ غير سمائه ويذهب بعيداً عما يريده الله والشعب، والله من وراء القصد.