خلص المشاركون في ندوة ( زواج الصغيرات والمواقف المختلفة منه) التي نظمتها منظمة نود لتنمية المجتمع بالتعاون مع مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز يوم الخميس إلى ضرورة ايلاء زواج الصغيرات في اليمن أهمية قصوى لما يترتب عليه من أثار صحية ونفسية واجتماعية بالغة الخطورة. الندوة التي شهدت ثلاث أوراق عمل مهمة، الأولى قدمتها الدكتورة أروى يحيى بهران- مديرة المستشفى الجمهوري بتعز تحت عنوان (الأضرار الصحية للزواج المبكر)، تناولت فيها ظاهرة الزواج المبكر في اليمن وتعارضه مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل التي تحدد سن الطفولة حتى ال18. كما تناولت الأضرار الصحية الناجمة عن هذا النوع من الزواج والمراحل التي تمر بها الفتاة قبل البلوغ وكذا التغيرات المصاحبة لفترة البلوغ، إلى جانب العوامل المؤثرة على البلوغ مثل التغذية والصحة العامة والوراثة والمناخ. وأوضحت بهران من خلال الدراسات الحديثة التي أجريت في هذا الموضوع أن الزواج في عمر اقل من 18 عاما يعرض الفتاة مستقبلا إلى سرطان عنق الرحم ناهيك عن المشكلات الخطيرة الناجمة عن زواج الصغيرات من نواحي صحية ونفسية واجتماعية والتي قد يلاحظ أثارها مستقبلا على الأم والطفل والمجتمع والدولة. من جانبه قدم الدكتور طالب غشان المحمدي- استشاري الأمراض النفسية والعصبية ورقته تحت عنوان (زواج الصغيرات.. التأثير النفسي والسلوكي) عرج فيها على ماهية الزواج من نواحي بيولوجية واجتماعية ونفسية ووجدانية، كما استعرض بشكل موسع المراحل العمرية التي تمر بها الفتاة والتغيرات المصاحبة من نواحي بيولوجية ونفسية والأسباب التي أدت إلى انتشار مثل هذا النوع من الزواج مثل الفقر وزواج الستر والحفاظ على شرف الأسرة إضافة إلى أسباب أخرى تدفع بالأسر إلى تزويج بناتها وهن صغيرات مثل العدد الكبير لأفراد الأسرة والمستوى المعيشي المنخفض والجهل وتعليم الفتاة والثقافة الشعبية المغلوطة التي تشجع على زواج الصغيرات. كما تناول عشان الأضرار النفسية الناجمة عن زواج الصغيرات في اليمن منها الحرمان العاطفي لحنان الأبوين وكذلك تعرضها للاكتئاب والقلق والاضطرابات الشخصية والهستيريا، وعدم قدرة الفتاة على إنجاح الزواج من نواح بيولوجية أو نفسية أو اجتماعية ما يعرضها إلى الإدمان كنوع من الهروب ناهيك عن أثار ما بعد الصدمة أو ما بعد ليلة الدخلة التي قد تلازمها طوال العمر. وبين المحمدي بالدراسات الحديثة احصائات مخجلة في هذا الموضوع من ذلك وجود دراسة حديثة تبين أن 39 % من النساء اللاتي تزوجن في سن مبكرة في اليمن يعانين من أثار انفعالية ونفسية ناتجة عن صدمة ليلة الزفاف فيما تشير الدراسة إن معظم هؤلاء السيدات يذهبن إلى المشعوذين وليس إلي الأطباء التقليدين حيث 10 % منهن يذهبن إلى الأطباء و 15% منهن يذهبن إلى المشعوذين والبقية لا يتلقين أي علاج وإذا عرضن أنفسهن لطبيب فهو لعلاج أمراض الصداع التي قد تكون ناتجة عن معاناتهن من أمراض نفسية. وقال المحمدي أن المسح القاعدي للصحة الإنجابية لعام 2000م بين أن 24,6 % من النساء تزوجن من 10 إلى 14 سنة وان 66% تزوجن في عمر 15 الى 19 سنة في حين تقارير الجهاز للإحصاء لعام 2001م تشير الى أن الفئة العمرية من 10 إلى 19 عاما شكلت نسبة 75 % من النساء اليمنيات المتزوجات. وأوضح انه كلما ارتفع المستوى التعليمي للمرأة كلما ارتفع سن الزواج عند الفتاة وكذلك كلما انخفض المستوى التعليمي لدى الرجل كلما زاد الإقبال على زواج الصغيرة، واختتم المحمدي ورقته بان هناك ضرر أخر قد يلحق بطفل الأم القاصر فهم يشعرون بالحرمان العاطفي كونها ام لا تقدر ان تقوم بوظيفتها كأم مكتملة ما يؤدي إلى أضرار نفسية عند الكبر لدى هؤلاء الأطفال مثل الاكتئاب وأمراض الرؤاب والاضطرابات الشخصية بعد ال18 عاما. من جانبه أشار عبد العزيز العسالي– أستاذ جامعي وباحث وكاتب صحفي في ورقته التي تناول فيها رأي الشرع في زواج الصغيرات، لافتا إلى أن هناك محورين الأول يتضمن أدلة المتحمسين للزواج المبكر ويناقش ذلك بأدلة شرعية والأخر أدلة المانعين لهذا الزواج. ولفت إلى أن الإسلام يتعارض في مبادئه مع زواج الصغيرات كونه ينطلق في أحكامه من الأضرار النفسية والاجتماعية والصحية التي تلحق بالفتاة الصغيرة نتيجة هذا الزواج وقال العسالي أن ظاهرة الزواج المبكر مشكلة اجتماعية ينبغي ان ينظر إليها مثل ظاهرة الزواج السياحي أو العرفي فالغالب الضحايا هم من القاصرات مشددا عل المجتمع ان يقوم بدوره كون الأرقام تتزايد كل يوم بسبب انتشار الفقر , منوها إلى تفضيل استخدام فقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. وكان فيصل سعيد فارع- مدير عام مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز قد أشار في مستهل افتتاحه الندوة الى أن اليمن وهي تناقش ظاهرة زواج الصغيرات اليوم ما زالت غير مرئية بالفعل ولفت فارع إلى أننا نحتاج جميعا مشاهدة التفاصيل وتلمس المسافة التي تفصلنا عما يحدث فعليا على هذه الأرض وتربية حساسية تجاه الألم الذي ينؤ تحته الناس بينما نحن منهمكين في معاركنا الصغيرة وانجاز انتصارات لا تحدث فرقا في حياة أحدا ابدا. حضر الندوة التي ادراتها تيسير عقلان– من منظمة نودز عدد من المهتمين والباحثين والمثقفين بتعز.