لا أعتقد أن هناك داء أخطر من داء الكبر الأكثر فتكا بالبشرية منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها وتسبب في فناء الملايين، كما كان سبباً رئيسياً لإهلاك الكثير من الأقوام السالفة، فهو من تسبب في طرد إبليس من الجنة، وهو من أغرق فرعون وقومه، وبسببه عذب قوم نوح وقوم هود .. أما في العصر الحديث فقد تسبب هذا المرض الفتاك في فناء أكثر من خمسين مليون نسمة في الحرب العالمية الثانية عندما رأى آدولف هتلر أن للألمان باعتبارهم الجنس السامي - بنظره - الحق في الهيمنة على العالم، وكذلك جورج بوش الذي لطخ سمعة بلاده وقتل مئات الآلاف من الأبرياء في العراق وأفغانستان، وهناك العديد من الأمثلة التي لا حصر لها. إلا أن ما يهمنا هو أننا صرنا نكتوي بنيران هذا الداء القاتل الذي يحاول أن يتفشى في بلادنا، وعن طريق جماعة ضالة تملك هذا السرطان عقول قياداتها التي لا تنظر إلى الدين الحنيف سوى من زاوية ضيقة، فلا تعيش إلا على نيران الفتن وأرواح الأبرياء ولا تفقه أبجديات السياسة، وإلا لاحتكمت للدستور الذي يسمح لها بالوصول إلى أي منصب عن طريق صندوق الاقتراع كباقي أفراد الشعب، بل إنها تظل تلهث وراء خرافات وأوهام شيطانية، نحصد آلامها في أجزاء من محافظة صعدة، فمنذ خمس سنوات وشهرين والبلاد تخسر خيرة شبابها ورجالها بسبب الاستعلاء الذي زرعه المتمرد الحوثي في أتباعه من الغوغاء، مستغلا جهلهم وفقرهم للزج بهم في براثن فتنته، فلولا الكبر والافكار الضالة والدخيلة على مجتمعنا ما وصلنا إلى هذا الإجرام، خاصة وأنه قد ربط إجرامة بعقائد باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، وهو يعلم يقينا بأن الشعب اليمني لن يسمح بأن يقسم وطنه، ولن يرضى بأن يعبد بشراً من دون الله كما يريد، أما آل البيت الكرام - الذي يدعي زورا أنه يمثل منهجهم - فهم بعيدون كل البعد عن أفكاره، وأجل وأسمى من هذا المنطق المعوج، وهم في حدقات عيوننا لأنهم تربوا في بيت النبوة، بيت العدل والتواضع والأخلاق الفاضلة الكريمة. فعندما يصدق الإنسان نفسه بأن البشرية خلقت لخدمته وأن الحاكمية له من عند الله وأنه أتقى من غيره، وعندما يجد من يمول مشاريعه الفاشلة ومن يناصره من ضعاف النفوس، ولا يهمه ما سيترتب على ذلك من نتائج حتى وإن كانت إبادة الأرض ومن عليها، أهم شيء عنده ان يصل إلى مقصده وغايته. علمنا ديننا الحنيف أن المتكبرين هم أول من تبحث النار عنهم يوم القيامة، وانهم من حطب جهنم ووقودها وأن «الكبر بطر الحق وغمط الخلق» وأن ازدراء الآخرين، والانتقاص منهم سلوك شيطاني يخالف الفطرة والقيم والأخلاق. فكيف ننساق وراء من يروجون لهذه الأفكار؟ وكيف نسكت عن جلب المصائب إلى يمن الحكمة والمحبة والتآخي ؟. قاتل اللَّه الكبر والمتكبرين والمتربصين، وهدى اللَّه الساكتين لقول الحق، وهدانا جميعاً إلى طاعته والاقتداء بسنة رسوله الكريم عليه وعلى وآله وأصحابه الصلاة والسلام، وكل عام وأنتم بألف خير، وبلادنا بألف ألف خير.