ضمن مسلسل فضائح الانتهاكات الأمريكية البشعة لحقوق الإنسان ، وفي إطار تمادي البيت الأبيض في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، كشفت "منظمة العفو الدولية" أن السلطات الأمريكية قامت بتعذيب ثلاثة يمنيين كانوا معتقلين في سجون في أوروبا الشرقية بعد أن رحّلتهم إليها على متن رحلات جوية مدنية سرية، وأساءت معاملتهم، ضاربة بكل المواثيق الدولية عرض الحائط. وربط تقرير منظمة العفو الدولية الذي استند على مقابلات مع معتقلين سابقين بين ترحيل المعتقلين اليمنيين إلى سجون سرية، والتعذيب، وبين المعتقلين وإساءة معاملتهم، في الوقت الذي كانت واشنطن قد أصرّت على أنها لا ترسل أي معتقل إلى دول قد يتعرّض فيها للتعذيب، فيما قالت "وكالة الاستخبارات الأمريكية" إنها علمت بالتقرير ولكنها رفضت التعليق عليه. ويضم التقرير معلومات وتفاصيل عن تجارب لثلاثة يمنيين يدّعون أنهم اعتُقلوا في أربعة سجون سرية أمريكية على الأقل في الفترة بين (أكتوبر/ 2003 ومايو/ 2005م). ويقول المعتقلون السابقون إنهم احتُجزوا لفترة ثلاثة عشر شهرا، قبل أن يعودوا إلى اليمن، في ما أسموه "المركز الأسود"، وهو مبنى سري يُعتقد أن "السي . آي. أي" تديره. وقد أعطى اليمنيون الثلاثة معلومات مفصّلة عن تغيّر الطقس وساعات الطيران، مما حمل "العفو الدولية" على الاعتقاد بأنهم كانوا معتقلين في جيبوتي وأفغانستان ومكان ما في أوروبا الشرقية، بالرغم من عدم إمكانية الجزم في الموضوع. ولم توجه لأي من الثلاثة أي تهمة متعلّقة بالإرهاب. ويتّهم التقرير الولاياتالمتحدة باستعمال شركات طيران مهمة لنقل الأفراد إلى دول واجهوا فيها التعذيب. وتقول "العفو الدولية" إنها تملك بيانات بحوالي (100) رحلة لطائرات تستخدمها الوكالة الدولية تحت اسم شكلي معظمها مرّ فوق المجال الجوي الأوروبي. كما كشفت أنها تمتلك معلومات عن حوالي (600) رحلة لطائرات تستخدمها ال"سي. آي.أي" بشكل مؤقت. وتقول الأمينة العامة ل"العفو الدولية" إيران خان: "هذا الدليل الأخير يُظهر أن الولاياتالمتحدة تستغل اتفاقات تجارية لنقل أشخاص و هو ما يشكّل انتهاكا للقانون الدولي". أما الحكومة الأمريكية، فتقول إن نقل المشتبه فيهم يتم وفقا للقانونين الأمريكي والدولي. إلا أن " العفو الدولية " تشير إلى أن ال"سي. آي.أي" تستغل وجود اتفاق خاص يسمح للطائرات الخاصة بأن تحطّ في مطارات أجنبية من دون إعلام السلطات المختصة، بعكس بقية الحكومات أو الطائرات الحربية". ويرى النقاد أنه من الصعب إثبات هدف تلك الرحلات ويشيرون إلى أن الطائرات قد تكون قد استًخدمت من قبَل السي. آي.أي لنقل مسئولين. وتقول " العفو الدولية "إنها ربطت بين تلك الرحلات والأشخاص الذي تمّ ترحيلهم بشكل غير شرعي. وقد حذّرت المنظمة من أن بعض الحكومات قد تجد نفسها "شريكة في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" وحثتها على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الترحيل. وأضاف التقرير: "على الحكومات أن تصرّ على إعلان كل طائرة تُستخدم في مهمة إستخبارية "رحلة رسمية" ومنع استخدام الأجواء والمطارات للترحيل". وطالب التقرير كذلك الحكومات بالكشف عن كافة الممارسات المتصلّة بترحيل مشتبه فيهم إلى سجون سرية وعن مصير الذين لا يُعرف مكان وجودهم. ويأتي تقرير منظمة العفو الدولية بعد أقل من شهرين من إصدار الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي الذي تتهم به دول عديدة في العالم بانتهاك حقوق الإنسان ، وتضييق فرص الحريات وتتحدث عن اعتقالات جزافية، وهو الأمر الذي أثار سخرية المراقبين من محاولات الولاياتالمتحدة بذر الرماد على العيون وتضليل الرأي العام عما تقوم به من انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية في الوقت الذي تروج لنفسها كوكيل وحيد للديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان في أسواق دول العالم الثالث.