متى آخر مرة ابتسمت من قلبك في وجه أخيك اليمني؟ متى آخر مرة حضنته بصدق قلباً بقلب وعيناً بعين (بإستثناء العيدين والزواج)؟ متى نظرت في وجه طفل واحسست أنه يحمل في عينيه المستقبل الباهر والغد الأروع؟ متى آخر مرة تذكرت ان لك أماً أو اباً تتمنى أن تحمل أحدهما أو كليهما على رأسك وتلعق تراب أرجلهما وإنك بصدق ستعطيهما كل ما يحتاجان؟ بل متى آخر مرة لم تقل لهما أفِ، ولم تنهرهما؟ متى آخر مرة أحسست بالجوع وعرفت إحساس الجوعى الفقراء؟ وبردت وعرفت كيف ينامون في العراء؟ متى آخر مرة أعطيت محتاجاً، لوجه الله؟ متى آخر مرة أتممت صلاتك في الجامع ولم يتقافز من حولك الشحاذون والمتواكلون والنصابون؟ متى آخر مرة ذكرت فيها الله- الملحدون يمتنعون- وتتذكر أنه صاحب الفضل الأول والأخير عليك.. بل من أكثر واحد تذكره أكثر من الله: المال.. الأهل.. العمل.. الخوف..الرئيس؟ متى آخر مرة رأيت فيها شارعاً نظيفاً خالياً من الحفر والقبح والمطبات؟ ومتى دخلت منشأة طبية وقلت من قلبك، للعاملين فيها بارك الله فيكم؟ متى عدت من مؤسسة تعليمية وقلت «كاد المعلم ان يكون رسولا»، بل متى قلت في نفسك هناك مؤسسة مدعاة للفخر؟ متى آخر مرة هنأت فيها أحد زملائك حاز جائزة أو ترقيه؟ متى آخر مرة قلت الحمد لله أن فلاناً وزير، وأن علانا مدير وأن زعطاناً برلماني (الرجل المناسب في المكان والوقت المناسبين)؟ متى أخر مرة تمنيت أن تكون مسؤولا كبيراً، لا لتخدم الشعب بإخلاص ولكن «لتسرق كما سرقت أمم من قبلك»؟ متى آخر مرة أجابك طالب مدرسة أنه حين يكبر يريد أن يكون «شيخاً» (بمونيكا) و(حبه) بمرافقين، لا مخترعاً، لا طبيباً لا....؟ متى آخر مرة لم تفكر فيها بمغادرة البلاد الى الأبد، ولعن من فيها من الصغير الى الكبير؟ متى دخلت آخر مرة حدود الشقيقة الكبرى، طبيباً، أو استاذاً أو عاملاً متسللاً من أجل فرصة أفضل في الحياة، فكان الاستغلال والإهانات وقلة الاحترام تلاحقك لا لإخلاصك أو لعلمك ولكن لأنك من اليمن، فتستحق أن تذاق الويلات خصوصاً لو كنت عاملاً مسكيناً، فربما أطلق عليك النار -عند حدود الأشقاء- عسكري سمين كأنه شوال كبسه لا يعرف أنك تحلم فقط بحبة رز لك ولأبويك في البلاد؟ وربما تحشر مع العشرات في غرفة مظلمة؟ وربما تحرق في الاخدود كأجدادك الذين أحرقهم اليهود؟ متى آخر مرة رأيت فيها الإعلانات الباهظة المركبة في الشوارع، ومختلف المواقع «اليمن في قلوبناً» ولم تظنها «اليمن في جيوبنا»، بل متى مررت بالرافعات وهي تمارس دورتها البعثية في حفر وردم الشوارع بأموال المساعدات والقروض، وتذكرت أن الحكومة تستمر في طلب الصدقة والمساعدات من القريب والبعيد ، باسلوب أحقر شحاذ؟ متى آخر مرة تذكرت أنك من سبأ، ومن دار الحكمة والرحمة؟ متى تذكرت أن أعظم ملكة في التاريخ ليست إليزابيث) ولا (إيزابيلا) ولا كليوباتر، ولكن جدتك بلقيس قالت: ((قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ( 32 ) قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين ( 33 )). «قالت أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلو أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون». ومتى آخر مرة انتظرت فيها سحابة ممطرة ولم تقل (القات) سيرخص سعره، ولكن تذكرت قول جدك النبي نوح «فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموالٍٍ وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهاراً مالكم لا ترجون لله وقاراً». ومتى آخر مرة في إحدى مطارات العالم أو بلدانه إذا عرف أحدهم أنك من اليمن فإنه لا يتذكر التاريخ والتضاريس، ولامنبع العرب؟ بل يتذكر جميع مكونات«الغاغة الخلاقة»؟ متى آخر مرة بحثت عن مسؤوليتك في ذلك، وقررت أن تتحملها، من غير أن تقول (أهجع أحسن لك)؟ متى آخر مرة حاولت ان تنظر الى آخر المدى، وتطال عنقك السماء؟.. واختم كما بدأت:متى آخر مرة أبتسمت فيها بصدق في وجه أخيك؟ في مقيل قات، في خدارة قات، لا.. ربما انطفأت حينها الكهرباء!!. airyani @yahoo.com