ألقى الزعيم الليبي معمر القذافي السبت خطابا شاملا تطرق فيه إلى عدد من القضايا تخص الشان الليبي والعربي والدولي. واستعرض الزعيم الليبي معمر القذافي، خلال خطاب احتفال ليبيا بالذكرى الأربعين لإجلاء القوات والقواعد الأميركية، تاريخ قاعدة الشهيدة امعيتيقة التي كانت تسمى بالأمس بقاعدة "ويلس" التي تداولت على احتلالها إيطاليا وبريطانيا إلى أن استلمها الجيش الأمريكي. وقال إن الذي حصل وكان الأسوأ من كل ذلك هو يوم ما سمي باستقلال ليبيا يوم 24 / 12 / 1951، عندما وقعت ليبيا في نفس اليوم، معاهدة مع أمريكا بإعطائها هذه القاعدة، مع أن أمريكا موجودة فيها من زمن الحرب العالمية الثانية. وذكّر القذافي بأن هذه المعاهدة جعلت الأرض الليبية تحت السيطرة الأمريكية بالكامل، مقابل مليون دولار في السنة، مشيرا الى أن قاعدة امعيتيقة مر عليها بالتداول أكثر من ثمانين ألف جندي أمريكي تناوبوا على العسكرة فيها، لخدمة القواعد الأمريكية في البحر المتوسط وفي الدول المطلة على البحر المتوسط، من إيطاليا إلى اليونان إلى تركيا، وحتى في الشرق الأوسط من قاعدة الظهران "في السعودية" إلى باكستان. واستغل القذافي مناسبة إجلاء القوات والقواعد الأمريكية من ليبيا، ليدعو العرب إلى طرد القوات والقواعد الأجنبية المتواجدة في منطقتهم من المحيط إلى الخليج. وأبدى الزعيم الليبي أسفه لوجود دول عربية محتلة بالقواعد الأجنبية تماما مثلما كانت ليبيا محتلة بوجود الأمريكيين في قاعدة امعيتيقة "قاعدة "ويلس" سابقا". وتساءل القذافي عن المبرر لوجود القوات الأجنبية في الأرض العربية إلى درجة أن العرب لم يعد بإمكانهم دخول أراضيهم لأنها تحت السيطرة الأجنبية. وقال القذافي إن هدنة الشعوب العربية مع الوجود الأجنبي والعسكري في الأراضي العربية"، لن تستمر إلى ما لانهاية له. واعتبر القذافي في خطابه أن وجود تلك القوات حالة مؤقتة، محذرا من انه " في حالة عدم خروجها سلما فإنها ستخرج بالثورة مثلما حصل في ليبيا منذ أربعين عاما مضت". وأكد أن "الهيمنة في الوطن العربي لن تستمر.. وعليهم أن يغادروا بالتي هي أحسن". وتطرق القذافي في خطابه إلى علاقات بلاده مع أميركا، مستعرضا هذه العلاقات مع رؤساء أميركا منذ قيام الثورة في بلاده، مذكرا بالأحداث التي جرت بين ليبيا وأميركا والتي قال أنها "وصلت إلى حد المواجهة العسكرية إلى جانب المعارك السياسية والاقتصادية". واستعرض الزعيم الليبي تاريخ الرؤساء الأمريكان وعلاقتهم بليبيا منذ قيام "الثورة" وكان وقتها نيكسون رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية، وكيف حصلت المواجهة العسكرية في عهد ريغان والذي أعتبره عهد حرب، والمشكلة الخطيرة والعويصة بين ليبيا وأمريكا في عهد بوش الأب، ثم كلينتون، ثم بوش الابن الذي في عهده انتهت مشكلة لوكربي، ومتسائلا بالقول وإلى حد الآن أنا لا أعرف ما هو السبب القوي الذي يجعل كارتر يقطع العلاقة مع ليبيا، وهو من الديمقراطيين. وأثنى القذافي على التقدم الذي شهدته هذه علاقات ليبيا بالولايات المتحدة في عهد الرئيس باراك أوباما.. واصفا أيها بأنها "علاقات ممتازة"، ودعا إلى تشجيع الأخير على سياسته التي اعتمد فيها على التغيير والتي من بينها أمله في تخليص العالم من أسلحة الدمار الشامل. وأبرز الزعيم الليبي التحول في العلاقات الليبية الأمريكية بالإشارة إلى أن العلاقة بين ليبيا وأمريكا الآن مختلفة تماما، والسبب جاء من أمريكا، لأن أمريكا حكمها شاب أسود من إفريقيا، منّا نحن، نحن الأفارقة قدمنا حاكما لأمريكا، هذا نصر لنا في الواقع، لم نكن نحلم بأن أمريكا يحكمها شاب أسود من إفريقيا، من كينيا، من قرية منسية في الغابة الإفريقية. ودعا القذافي أوباما "إلى العمل على إعادة 4 ملايين فلسطيني إلى فلسطين" مشددا على أن "حل قضية فلسطين يجب أن يكون من الداخل عن طريق إقامة دولة واحدة تجمع اليهود والفلسطينيين". وطرح الزعيم الليبي في خطابه، رؤيته لتحقيق للسلام الدولي قائلا: "إذا أردنا أن نستكمل، وأن نستمر في صنع سياسات عالمية تحقق السلام للشعوب، وتبعد شبح الحرب والمصادمات المباشرة.. ما زلنا نقول إنه يجب، وسنناضل من أجل هذا الهدف، إن البحار الداخلية مثل البحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج الفارسي العربي والبحر الأسود، وممكن تضاف إليها أخرى، لكن هذه بالتحديد، إذا أردنا السلام يجب أن نعمل على منع تواجد أساطيل أجنبية داخل هذه البحار وهذا الخليج، إلا للدول المطلة عليها.. سنناضل من أجل هذا الهدف، ويمكن أن يقتنع العالم في يوم ما أو يصل إلى اتفاق بأن البحار الداخلية يجب أن لا تدخلها الأساطيل الأجنبية، باستثناء الدول المطلة عليها. وهذا يساهم مساهمة كبيرة في تعزيز السلم الدولي". وصب الزعيم الليبي في خطابه غضبه على ال"فيفا" وقال "إن المنظمة التي تشرف على كأس العالم، التي اسمها ال"فيفا"، الاتحاد العالمي لكرة القدم، هذه منظمة عالمية فاسدة، بل أفسد مؤسسة عالمية، وأفسدت العالم، ولا يمكن أن نرحمها، ولا نحترمها". وتساءل القذافي عن السبب الذي يجعل مايقارب ال"200" دولة محرومة إلى الأبد من استضافة كأس العالم. ودعا ال"فيفا" التي "تملك المليارات من المتاجرة في البشر، ومن المباريات التي تشرف عليها إلى أن تساعد الدول الفقيرة على استضافة كأس العالم عندما تكون غير قادرة". واختتم الزعيم الليبي خطابه بالقول "نحن واثقون من أطروحاتنا، واثقون من سياساتنا، واثقون من أنفسنا، ونحن نعلن دائما أننا نعادي من يعادينا.. أمريكا الآن بقيادة أوباما ليست دولة معادية، ونحن الآن أصدقاء، ونحن نحافظ على هذه الصداقة، وليس لنا مصلحة في المصادمة مع دولة كبيرة، ولكن في نفس الوقت نقول للأمريكان حتى بعد أوباما إن عدتم عدنا".