تذكر الإحصائيات الرسمية أن (1.056.707) امرأة اقترعت في الانتخابات الرئاسية الماضية، مقابل (2.716.234) رجلاً، فيا ترى هل سيبقى الرجال مصرون أنهم أصحاب قرار المشاركة في الانتخابات من عدمها !؟ لفتت هذه الإحصائيات انتباهي ، لكن الذي أدهشني أكثر هو أن نسبة النساء المقترعات في الانتخابات الرئاسية قياساً الى أعداد المسجلات بلغت (62%) ، بينما نسبة الرجال المقترعين قياساً للمسجلين بلغت (69.69%) ، أي أن هناك تكافؤ نسبي في المشاركة بصنع القرار، وفي الوعي بأهمية الاقتراع.. إذن لماذا أقصت الأحزاب النساء من الحوار، ومطابخ اللعبة السياسية؟ ولماذا تجتهد بعض القوى السياسية في مصادرة حق المرأة في اتخاذ قرار المشاركة الانتخابية من عدمها؟ مع بدء مرحلة القيد والتسجيل ينبغي إعطاء المرأة الأولوية في عمليات الدفع بالناخبين، لأنها ما زالت غير مشاركة بثقلها الطبيعي الذي نقيسه على أساس نسب النوع الاجتماعي، إذ أن الأرقام المذكورة لا تمثل الحجم الطبيعي، وأن الوضع الاجتماعي اليمني للمرأة لا يتيح لأعداد كبيرة من النساء تلقي التوعية الانتخابية اللازمة كونهن رهينات المنازل، أو أميات، أو لم يسعفهن الحظ لتلقي التعليم والثقافة الكافية. مسئولية الدفع بالمرأة في مرحلة القيد والتسجيل غير مناطة بالأحزاب وحدها، ولا بالمنظمات غير الحكومية ، بل أنها مسئولية متكاملة تناط بكل أجهزة المجتمع وفئاته، بدءً بوسائل الإعلام المختلفة، ثم المؤسسات الثقافية والفكرية، والمساجد، وانتهاءً بكل فرد يحمل قلم، ويتمتع بقدر من الوعي والثقافة التي تؤهله لتوعية المجتمع بأهمية المشاركة في العملية الانتخابية. يجب في هذه المرحلة توضيح حقيقة أن المشاركة الانتخابية هي واجب وطني وليست حق دستوري وحسب، وإذا ما تنازل المرء من حقه الدستوري في الاقتراع فإن لا مناص له من إعفاء نفسه من الواجب الوطني.. وهذا الواجب ينبع من مسئولية المساهمة في صنع القرار الوطني الذي يحدد مستقبل الوطن، ومستقبل كل الأجيال القادمة.. لأن المشاركة الانتخابية تعني أن كل فرد في المجتمع تحمل أمانة اختيار الأجهزة التي تتولى إدارة شئون البلاد والعباد بدءً من رئيس الجمهورية وانتهاءً بالمجالس المحلية للقرى والعزل؛ وبالتالي فإن المشاركة هي صمام الأمان الذي يكفل لليمن قيادات شريفة، ومخلصة، ومتفانية في خدمة أبناء شعبها. الكثير من القوى السياسية لديها وسائلها الخاصة في الدفع للقيد والتسجيل، إذن لماذا لا يكون للآخرين وسائلهم الخاصة أيضاً في الدفع بالناخبين بعيداً عن حسابات الأحزاب ، وإنما طبقاً لحسابات اليمن – الوطن- فقط، وحسابات الديمقراطية الخالصة، البعيدة عن الانفعالات والأنانية والحساسيات التي تعيشها بعض القوى السياسية اليوم..! اليوم لدينا في اليمن مؤسسات ثقافية مستقلة، واتحادات أدباء وفنانين وغيرهم ، ولدينا منتديات دأبت على إقامة الأنشطة الثقافية الواعية.. وهذه الأجهزة بمجموعها تستطيع عمل الكثير لإيصال صوتها الى المرأة داخل البيت، وحثها على الحصول على البطاقة الانتخابية.. لا أعتقد أن الناس الذي يقودون هذه المؤسسات بحاجة الى أجر أو تحفيز ، لأنهم اعتادوا البذل والعطاء غير المحدود وبغير حساب الأجر، ومن هنا يكون تطوعهم ومبادرتهم لمساعدة المرأة في القيد والتسجيل هو بمثابة التتويج الحقيقي لكفاحهم في الحياة وتضحياتهم التي دأبوا على تقديمها لأجل الوطن . لابد لنا من أدوار حقيقية ومسئولة في هذه المرحلة، ولابد للمثقف والصحافي من إثبات وجوده في ساحة الرأي العام ومثلما تتنافس الأحزاب على تأكيد ذاتها، لماذا لا ننافسهم نحن أيضاً على تأكيد وجودنا، وثقلنا في الساحة.. أما أن نبقى متفرجين ، فلن يتبدل من حالنا شيء وسيبقى الجميع يتجاهلنا ويهمش أدوارنا في كل حساباته السياسية.