في ورقة "نووية" خاطفة، ماحقة زلزل الناقد اليمني علي ربيع عروش"أدعياء" المشهد الشعري اليمني بفصاحة ما عرفتها منصة نقدية قبله، أطاحت بعنق قصيدة النثر في أقل من ست دقائق، فيما فرت ألسنة "النفاق النقدي" الى بطون كراسيها في مشهد لم يجد الشعراء الشباب العرب بداً من الوقوف تحية لناقد اليمن- علي ربيع. فقد استعرض الناقد علي ربيع في صباح اليوم الثاني من فعاليات ملتقى الشعراء الشباب العرب المشهد التسعيني في اليمن ليقف على أعتاب القصيدة العمودية والقصيدة النثرية التي يكتبها الشباب، موضحاً أن القصيدة العمودية عندما يكتبونها الشباب "تجد فيها أنفاس البردوني" ولا تجد شاعراً واحداً ممن يكتب قصيدة العمود يوجد له نفسه الخاص، إذ أن جميعهم متأثرون بأنفاس البردوني .. وأشار الى أن هناك شعراء يكتبون العمود من غير المتميزين وهؤلاء لا يمكن ان يتطرق إليهم، لكن المتميز من الشباب يكتب القصيدة العمودية وهو غارق حتى أذنيه في شعر البردوني. وعرّج على الشباب الذين يكتبون قصيدة التفعيلة، مؤكداً أن (80- 90%) منهم متاثرون بألفاظ المقالح، وقاموسه - خاصة في "أبجدية الروح" ودواوينه الأخيرة ومعجمه الشعري.. فهم أسيرين فيه. مضيفاً هناك شباب يستنسخون بعضهم بعضاً، وكلهم يسيرون في مضمار واحد، وهم في هذا المضمار لم يتجاوز أحدهم الآخر، لكن الشاعر المتفرد الوحيد والذي تستطيع أن تقول انه خارج السرب هو الشاعر أحمد العواضي ، مستشهداً بمجموعته "مقامات الدهشة" . وبعد أن صارح ربيع الشعراء الشباب فيما هم غارقين فيه ، استجمع قوته النقدية الإبداعية مجدداً ليغير على "معاقل" قصيدة النثر، وكتابها في صولة استهلها بأن 90% ممن يكتبون في هذا الشكل هم "أدعياء على المشهد الشعري"، مبرراً "لأنهم - في الحقيقة- عاجزون معرفياً وإبداعيا لذلك لجأوا الى استسهال هذا الكار". ولعل هذه الصولة الجريئة التي صعقت شعراء قصيدة النثر وأججت حماس غيرهم بالتصفيق شجعت علي ربيع على مواصلة هجومه النقدي اللاذع قائلاً: من السهل أن تكتب عشرات المجلدات والقصائد على هذا النمط إذا تفرغت لهذا النوع.. لدينا روح عدمية، تهوم بعيداً عن الإبداع.. بعيدا عن التجديد الحقيقي.. واستشهد ربيع بما وصفها ب"نماذج مثيرة للضحك" مستعرضاً ما كتبه أحد الشعراء من نص جاء فيه: (قلت لصديقي الذي يعمل زوجاً في ألمانيا أريد أن أعمل لديكم مساعد زوج أنوب الأزواج في غيابهم أكنس وأطبخ وأنظف قال لي مستحيل.. أنت رجل محترم قلت له أنا محترم هناك لكنني هنا أريد أن اعمل مساعد زوج لا بزوج كامل ). وعلق ساخراً بتوجع: هذه قصيدة نثر أساءت للذوق والفهم ..ثم راح يصب جمّ استيائه على النقاد، قائلاً: هناك نفاق نقدي كبير .. هناك من جعل من هذا النص نصاً أسطورياً.. نصاً قومياً كاملاً وعابر للقارات..مستطرداً: هناك قصائد كثيرة من هذا الكلام.. "هناك نفاق نقدي يمارسه الأصدقاء مع بعضهم.. يمارسه النقاد حسب الطلب.. هناك من النقاد لو أعطيته نشرة الأحوال الجوية لألف لك فيها كتابا بأنها من عظائم الشعر". علي ربيع فجر بركاناً ما نظنه سيهدأ بعد سنوت، وغادر منصته الى خارج القاعة نجماً متألقاً محفوفاً بتصفيق حار، لكنه أيضاً أثار نقمة من طالهم ، وحز أعناق قصائدهم النثرية – ممن لم يكتموا استيائهم قط لكنهم لفظوه همساً مخافة أن يعود اليهم ربيع فيأتي على آخر زرعم في الأيام التالية فيحيله "عصفاً مأكولاً".