أثار الزلزال الذي شرخ به الناقد علي ربيع كل أرضية يقف عليها من وصفهم "أدعياء المشهد الشعري اليمني" من كتاب قصيدة النثر الشباب، وكذلك النقاد "المنافقين" استياءً واسعاً في صفوف الكثير من الشعراء الشباب، إلاّ أنهم رغم قسوة الهجوم لم يجرءوا على الدفاع عن أنفسهم إذ أن طابوراً طويلاً من الأسماء العملاقة لم يجد بُداً بعد اندلاع المواجهة من الدخول الى خندق ربيع – ولم يكن ربيع هو القضية، بل أن الإبداع، وفن الصناعة الشعرية ما عادا يحتملان مزيداً من الوهم. (نبأ نيوز) التي رصدت المشهد عن كثب سألت الشاعر جميل مفرح عن رأيه بالحرب التي أضرمها ربيع على شعراء قصيدة النثر الشباب، فرد قائلاً: "علي ربيع لم يشعل حربا على قصيدة النثر كقصيدة نثر، وإنما أشعل حربا على نماذج من داعيي قصيدة النثر.. فقصيدة النثر قصيدة جميلة، ولها أعلام، ولها شباب يكتبونها بشكل جميل، وقد عرض عليهم الأخ علي ربيع في ورقته أسماء، مما يدل على أنه غير متحامل قط على قصيدة النثر أو على كتاب قصيدة النثر بشكل عام وإنما هو وضع نقاط وملاحظات على بعض الكتاب أو –المشاعرين- كما نسميهم". وأضاف: "ربما كان قاسيا قليلا لكنها القسوة التي تفيد.. واعتقد أن النماذج التي طرحها في محاضرته هي موجودة فعلا في الواقع؛ وكذلك تعرض للنقد، وانتقد النقد لان النقد هو الطريق الذي يسير عليه الإبداع، وهو الضوء، فلمّح ببعض التجارب النقدية بأنها تعطي الضوء الأخضر لتجارب ليست حقيقية.. وهذه التجارب النقدية هي تجارب كبيرة ولها ثقلها وحضورها في المشهد". وخلص الشاعر مفرح الى القول: "عموما كانت الورقة جميلة جدا غير أن الكثيرين مستاءون منها، لأنهم يعتقدون أن علي ربيع كان متحاملا على قصيدة النثر.. والحقيقة أن علي ربيع لم يكن متحاملا بقدر ما حاول أن يظهر بعض الفجوات الواضحة في المشهد الشعري والنقدي". أما الشاعر أمين يحيى أبو حيدر فقد علّق بالقول: "أوافق علي ربيع في كل ما قاله.. أنا سميت قصيدة النثر "النثيرة"، وكثير من النقاد يسموها بهذا الشكل.. أما بالنسبة للنقد فهو فعلا لا يخلو من تزلف، وانطباع، ومحاولة فرد عضلات فقط.. فهو يغلب عليه طابع التزلف أكثر من الموضوعية.. أرى فعلا أنه حتى بعض الكتابات الشعرية النثرية لا تخلو من التشبه بالكتابات العادية، ومع ذلك كثير من النقاد يعملون حولها ضجة وصولات وجولات وهي لا شيء". وعزا أبو حيدر حالة استشراء الظاهرة الى اعتقاده الى" أن عدم وجود النقاد الأصيلين هو الذي سمح لهؤلاء الشعراء بدخول البيوت بهذا الشكل"، مؤكداً: " لو وقفنا على نماذج من قصائد نثر لمحمد الماغوط وآخرين فأننا نجد أن هناك قصائد رائعة فعلاً .. لكن كل ما يكتب الآن هو كلام جرايد"! الشاعر محمد القعود وبحكم مسئولياته المتعلقة بالملتقى لم يكن لديه متسع من الوقت ليحدثنا بالكثير ، إلاّ أنه أكد أن "علي ربيع كان محقاً فعلاً فيما طرح، فعلى الرغم من وجود تجارب جيدة إلاّ أن هناك من لا يمكن أن نسميهم بشعراء، ولا نعرف كيف أقحموا أنفسهم في المشهد الشعري حتى تحولوا الى صورة مشوهة لحالة الإبداع القائمة لدى الكثيرين من الأسماء المعروفة" وبدا القعود سعيداً بأن هناك من فتح باب النقد، وبدأ يتعامل مع الأمر بهذا المستوى من الجدية والحماس، معتبراً النقد الموضوعي أساس التجارب الإبداعية الأدبية. لا شك أن الأدباء قرءوا ساحة المعركة الشعرية بقاموسهم البليغ ، وترجموا النقد بمعناه الرصين، ولكن هل سيقرأ الآخرون قضيتهم من نفس القواميس، ويترجموا دفاعاتهم بنفس الرصانة!؟ ذلك ما نتمناه رغم أن تجاربنا الإعلامية لا تعد بشيء من ذلك القبيل!