ما أن ولد "مجد" منذ قرابة ال 22 عام، حتى وجد الأطباء أنه يعاني من حالة قليلة الحدوث، تتلخص بوجود أعضاء تناسلية أنثوية "المبيض" على الرغم من امتلاكه صفات ظاهرية ذكرية، وهي الحالة التي يطلق عليه طبياً باسم "الخنوثة الذكرية الكاذبة" بحسب ما وصفه الدكتور "سعد نانو" رئيس شعبة العقم وطفل الأنبوب في مشفى التوليد الجامعي بدمشق، حالة أوصلته إلى أن يشعر بأنه مخلوق مجهول الهوية حتى في اسمه الذي يرى بأنه يشابه حالته فمن الصعب تحديد ما إذا كان صاحبه ذكراً أو أنثى. تشخيص مشكلة "مجد" التي قال عنها بأنه لا ذنب له فيها وأنها إرادة الله تعالى أوصلته ليعيش حياة العزلة والبعد عن الناس الذين رفضوه ومن كلا الجنسين ذكوراً وإناث على مدار الأعوام ال 22 الماضية باعتبار أنهم يرونه شاذ الأمر الذي رفضه الدكتور "جلال نوفل" الأخصائي في الطب النفسي معتبراً أن مشكلته فيزيولوجية من الممكن أن يترتب عليها بعض المشكلات النفسية كالكآبة والعزلة والابتعاد عن الناس ومستنداً في رفضه على أن الطب النفسي يحدد الأمراض النفسية بناءاً على تصنيفي "الموسوعة الأميركية" بالإضافة إلى تصنيف الأممالمتحدة" التين خلتا من هذا النوع من الحالات. رفض الدكتور "نوفل" لكون أن مشكلة من يصعب تحديد جنسهم ليست مشكلة نفسية تأكد من خلال تشخيص الدكتور "نانو" لسبب حدوث هذه المشكلة بعدم التحسس للأندروجين نتيجة طفرات في مورثة مستقبل الأندروجين، فبالرغم من وجود الأندروجين المنتج من الخصية إلا أن تأثيره لا يمكن ترجمته إلى الأعضاء الانتهائية فيتم التطور الظاهري إلى حالة أنثوية، مشيراً وخلال شرحه لحالة "مجد" أنه قد يؤدي غياب أنزيم "5 ألفا ريدوكتات" المسؤول عن تحويل "التستسيرن" إلى "ديهيدروتيستوستيرون" الذي يمثل الشكل الفعال للأندروجين الذي يطور الأعضاء التناسلية الخارجية إلى الحالة الأنثوية، لافتاً إلى وجود حالات نادرة تعرف "بعوز العامل المثبط" لقناتي مولر ما يؤدي إلى تطور الأعضاء التناسلية نحو الشكل الأنثوي وهو ما يصطلح عليه طبياً ب"الخنوثة الذكرية الكاذبة "أو" False male hermaphroditism". وأوضح الدكتور "نانو" أن جميع المصابين بهذه الحالة يتمتعون بسلامة بدنية كاملة تمكنهم من القيام بأعمال يقوم بها الناس العاديين. إقرأ قصة: اليمنية أشجان تتحول الى أسامة بعد معاناة 14 عاماً أنواع الخنوثة وكما يؤكد الدكتور "نانو" فإن حالة "مجد" لا تمثل النوع الوحيد في مسألة الخنوثة فهي تقسم من الناحية الطبية إلى عدة أقسام إلى جانب "الخنوثة الذكرية الكاذبة" التي يعاني منها "مجد" أولها الخنوثة الحقيقية أو True Hermaphroditism"" وهي الحالة التي يملك فيها المولود النسيج الخصوي إلى جانب النسيج المبيضي، مشيراً أنها تنتج عن وجود اضطرابات في الصبغيات الجنسية "Genetic sex" التي تتمايز إلى الأنثى في حال كانت صيغتها "XX" وإلى ذكر في صيغة ""XY وهي ما يعرف بالجنس الجيني "Genetic sex" الذي يسيطر على الجينات الصبغية. في حين أن النوع الثاني هو "الخنوثة الانثوية الكاذبة" الناتجة عن وجود فرط في تصنيع الكظري الخلفي نتيجة عوز أنزيمي في الغدة الكظرية بما يمنع الغدة من انتاج الكورتيزول الذي سيعود إلى ارتفاع الهرمون الموجه لقشر الكظر الذي سيحرض الغدة لشكل من فرط التنسج والانتاج المتزايد من ل 17 هيدروكسين بروجسترون وبالتالي إنتاج كميات زائدة من الأندروجين مما يؤدي إلى التطور نحو الاسترجال موضحاً أن هناك حالات نادرة للخنوثة الأنثوية مثل تناول الأم الحامل للأدوية الأندروجينية أو في حالة إصابتها بورم للأندروجين. أما النوع الأخير فهو "الخنوثة الذكرية الكاذبة" والذي شرحه الدكتور "نانو" في تشخيصه لحالة "مجد". كما تطرق الدكتور "نانو" إلى ما يطلق عليه علمياً "الجنس الدماغي" أو "Brain Sex" والذي ذكر بأنه يتحدد بالتركيبة الجينية والذي يمكن أن يتأثر بالتعرض للأندرو جينات أو عوامل أخرى وراثية أو بيئية. ونظراً للخلط الكبير الحاصل بين المثليين وحالات التخنث ميز الدكتور "نوفل" بين الخنثى بأنواعها الثلاثة التي ذكرها الدكتور "نانو" وبين من يرفض ذاته بالقول:"الخنثى بكل أنواعه ليست مرض نفسي بحد ذاته وإنما مشكلات صبغية أضاعت هوية جنسه في حين أن رافضي الذات هم أناس سليمون جسدياً وعضوياً وقادرين على ممارسة حياتهم وخاصة الجنسية إلا أنهم يعانون من عدم تصالح مع الذات كأن يشعر الشاب بأنه فتاة أو العكس وهم في بعض الحالات لا يوجد علاج لهم سوى عمليات تحديد الجنس. علاج مثير للجدل عمليات تحديد الجنس التي توصل إليها الطب في فترة ليست بالبعيدة وعلى الرغم من حصولها على تأييد من قبل بعض الشخصيات الإسلامية كالدكتور "عبد المنعم السقا" الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة دمشق والذي أجازها تحت عنوان أن الإسلام لا يقف عقبة أمام كل ما من شأنه أن يعيد الإنسان إلى حياته الطبيعية، إلا أنها أثارت جدلاً واسعاً بعد لجوء عدد من الناس السليمين عضوياً والذين يطلق عليهم الطب النفسي اسم "رافضي الذات" إليها لقلب الجنس وهو ما أفتى به فضيلة الشيخ "عبد الله رحال" أستاذ الفقه الإسلامي في معهد الفتح الإسلامي بالقول:"إذا كانت مجرد الشبهة بالجنس الآخر حرام فكيف إذا كان الأمر يتعلق بتغيير الجنس من أصله". الطب النفسي من جهته كان له رأي آخر في موضوع عمليات تغيير الجنس بحسب ما شخصه الدكتور "جلال نوفل" عن حالة الناس الذين يلجؤون إلى هذا النوع من العمليات بأنهم يعانون من عدم تقبل للذات كأن يكون الرجل مقتنعاً بأن صفاته صفات أنثى ويميل للنساء أكثر من الرجال ويشعر بوجود خلل بين شكله الرجولي ومضمونه الأنثوي على الرغم من أنه سليم عضوياً وجسدياً وحتى أنه قادر على الزواج والإنجاب، معتبراً أن عمليات تغيير الجنس هي الوحيد لخلق التصالح بين الذات والجسد أمام تأكيده على عجز الطب النفسي عن معالجة هي الحالات في معظمها، مشيراً في نهاية حديثه إلى أنه يتكلم من وجهة نظر الطب النفسي وليس من وجهة نظر شخصية. كشف مبكر حديث الدكتور "نانو" عن إمكانية الكشف المبكر عن هذه الحالات والذي أشار إلى أنه يتم تقييمه بتحري الصبغيات وحالة الغدد الصم للمولود والتصوير بفائق الصوت للأعضاء الداخلية مما يقود إلى إمكانية تشخيص واضح للطفل إذا كان أنثى مع حالة استرجال أو ذكر مع ناقص الذكورة طرح إشكالية جديدة تتعلق برأي الشرع في تحليل الإجهاض أو تحريمه الأمر الذي رد عليه الشيخ "عبد الله رحال" بالقول:"بأن عدد من علماء المسلمين أفتى بجوازها ما لم تنفخ فيها الروح بيد أنهم أجمعوا على تحريمها في حال نفخة الروح في الجنين ولأي سبب كان"، لافتاً إلى أن عملية الإجهاض في حال نفخ الروح في الجنين يعتبر قتل شرعاً وإن لم يترتب عليه ما يترتب على القتل بالمعنى الشائع. وأشار "رحال" أن موضوع نفخ الروح في الجنين هي محل خلاف لدى علماء المسلمين فمنهم من يقول أن نفخ الروح يتم بعد مضي 40 يوماً على الحمل ومنهم من يؤيد مقولة الطب الحديث في أن الروح تنفخ في الجنين بعد مضي 120 يوم. عن "دي برس"