أكد مصدر أمني ل"نبأ نيوز" أن الأجهزة الأمنية بمحافظة تعز ضبطت شحنة أسلحة متوسطة وخفيفة كانت على متن قاطرة قادمة من ميناء "المخاء"- أنشط منافذ التهريب اليمنية على الإطلاق- كاشفاً النقاب في الوقت نفسه عن مزارع ومنافذ ومهربين ومرتشين يشتركون جميعاً في عمليات تهريب السلاح الى اليمن. وأوضح المصدر: أن شحنة الاسلحة المضبوطة كانت متوجهة إلى أيدي مخربين، كانوا يعتزمون القيام بتنفيذ عمليات تخريبية داخل وخارج محافظة تعز، مشيراً إلى أن القاطرة تم ضبطها على مقربة من وسط المدينة، وبعد عبورها بسلام من (3) نقاط تفتيش تابعة لجهات أمنية مختلفة. وعلى نفس الصعيد، كشف المصدر عن قاطرة أخرى محملة بمواد مهربة، تابعة للمدعو (ع. ش.)، تمكنت من الإفلات من أيدي الأجهزة الأمنية والمرور بحمولتها الى وجهة غير معلومة، وعلى متنها سجاير وموتورات وطرود مجهولة، رجح أنها شحنات أسلحة كان قد تم إنزالها من صنبوق في منطقة واحجة- 7 كيلومتر من ميناء المخاء- وذلك عند الساعة الثانية من فجر يوم الخميس الماضي.
ولفت المصدر الى ان المهرب (ع . ش.) يعد واحداً من أخطر المهربين في المنطقة، وقد اشتهر بتهريب صفقة (أسلحة المسدسات للحوثيين) من دولة أرتيريا، والتي احتوت على (1700) مسدس، وتم ضبطها في صعده من قبل أجهزة الامن اليمنية قبل بضعة أشهر, اضافة الى شهرته بتهريب المخدرات والمبيدات والسجائر.
وأرجع المصدر نجاح كثير من المهربين من بلوغ أهدافهم الى تغاضي كثير من جهات الضبط الامني في نقاط التفتيش المؤدية الى الساحل الممتد بطول 2400كم، وذلك مقابل مبالغ مالية "رشاوى"، غالبا ما تكون من العيار الثقيل- على حد تعبيره. كما كشف المصد ذاته- الذي رفض كشف هويته: ان عمليات تهريب الاسلحة تتم عبر سفن صغيرة الحجم تابعة لمهربين من العيار الثقيل، يقيمون في سواحل "ذباب" و"المخاء" و"واحجة" و"الخوخة" و"ميدي" و"جزيرة ذي حراب" و"اللحية" و"التحيتا"..!! وبيّن: أن المهربين يقومون بإخفاء مهرباتهم لمدة أربعة أيام بعد وصولها الى الساحل في مزارع خاصة بهم، منها مزارع البصل التي أصبحت تدر دخلا وفيرا للمتنفذين والمهربين.. وقال أيضاً: ان احد المهربين الكبار ويدعى (ع. ش.) الآنف الذكر يمتلك لوحده س(70) مزرعة تحتوي على محاصيل مختلفة، وتؤدي تلك المزارع وظيفة أخرى، وهي استخدمها من قبل المهربين لتمويه المهربات على السفن او الشاحنات او تغطية تلك المهربات لفترة زمنية محددة، ثم اخراجها مرة أخرى ضمن بضائع تحملها قاطرات نقل وبضائع متعددة المهام.
جدير بالذكر ان ثنائي التهريب والفساد- وحسب احصائيات رسمية- يلتهمان قرابة 5 مليارات دولار سنويا من خزينة الشعب والوطن. وكانت "نبأ نيوز" كشفت في وقت سابق عن ضبط جيبوتي لسفينة سلاح كانت متوجهة للجماعات الحوثية، فيما أفلت زورق آخر يحمل (400) قناصة، ووصل أيدي الحوثيين في ميناء "ميدي".. وأعقب ذلك قيام البحرية السعودية بضبط زورقين صغيرين محملين بالسلاح.. فيما دأبت الأجهزة الأمنية اليمنية على ضبط عشرات الكيلوات من المخدرات المختلفة بين حين وآخر، وكانت تستهدف الوصول إلى أراضي الدول الخليجية. وترجع الدراسات الأمنية اليمنية ظاهرة انتشار الأسلحة في اليمن إلى الصراعات السياسية بالدرجة الأولى، كالصراع الملكي الجمهوري في الشطر الشمالي (1962- 1970) والصراع مع الاحتلال في الشطر الجنوبي (1963 – 1976)، والحرب بين الشطرين (1972 – 1979)، ثم الصراعات السياسية في الشطر الجنوبي (1978 – 1990)، وصولاً إلى حرب الانفصال (1994). وقد تبنت الحكومة اليمنية وبدعم من الولاياتالمتحدة برنامجاً لشراء الأسلحة من المواطنين، بتكلفة تزيد عن (20) مليون دولار، غير أن ذلك لم يكن كافياً، أو متوافقاً مع حجم الأسلحة الموجودة، والتي تشكل الحوادث الجنائية الناجمة عنها نسبة تزيد عن (77%) من إجمالي الحوادث التي تشهدها اليمن.. وبحسب تقرير- قدمه وزير الداخلية اللواء مطهر رشاد المصري- إلى مجلس النواب في يوليو 2007م: فإن معدلات الجرائم ارتفعت خلال الثلاث السنوات 2004-2005-2006 إلى 31 ألف و711 جريمة وحادثة، منها 24 ألف 623 جريمة بسبب استخدام السلاح الناري، وبنسبة 77.65%، و7 آلاف و88 جريمة استخدم فيها أسلحة وأدوات أخرى مثل السلاح الأبيض والمواد السمية القاتلة وبنسبة 22.35%. وأوضح أيضاً إن عدد تلك الجرائم والحوادث خلفت 23 ألف و 577 حالة وفاة وإصابة وبنسبة 84.72 % من الحوادث والجرائم الأخرى. وكانت وزارة الداخلية اليمنية باشرت منذ أبريل 2009م بإغلاق أسواق السلاح في عموم اليمن، ثم أعقبتها في أكتوبر 2009م بتعميم قائمة سوداء بعدد من تجار ومستوردي السلاح والذخيرة شملت عدداً من ابرز تجار الأسلحة في اليمن، وتزامنت مع الاعلان عن احباط أجهزة الأمن ادخال شحنة من الذخائر حاول تجار السلاح استيرادها من الصين مستخدمين وثائق رسمية مزورة. كما قامت وزارة الداخلية في أبريل 2010م بوضع كل تجار السلاح السابقين الذين يبلغ عددهم حوالي 250 تاجرا تحت المراقبة، للتأكد من عدم تورطهم بالاتجار غير المشروع بالسلاح، وقامت لاحقاً باعتقال عدد من التجار بالتهمة ذاتها.. يضاف إلى ذلك الإجراءات الأمنية المشددة في إغلاق منافذ تهريب السلاح. وطبقاً لتقرير قيادة وزارة الداخلية، فإن تطبيق قرار منع حمل السلاح في المدن اليمنية الذي تم في مختلف المدن وعواصم المحافظات اليمنية في أغسطس من العام 2007م، ساهم في ضبط أكثر من (720) ألف قطعة سلاح مخالفة منذ البدء بتنفيذ قرار منع حمل السلاح وحتى نهاية اغسطس؛ كما ساعد على اختفاء المظاهر المسلحة من المدن اليمنية بنسبة تتراوح بين 25-30%".