ألغى المجلس الدستوري في كوت ديفوار "ساحل العاج" فوز مرشح المعارضة الحسن واتارا بانتخابات الرئاسة ليهدي الفوز إلى الرئيس لوران جباجبو في خطوة من شأنها أن تجدد العنف في البلاد. ورفض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون القرار قائلا: إن واتارا هو الرئيس المنتخب شرعيا. وهددت ساحل العاج بطرد رئيس بعثة حفظ السلام التابعة للامم المتحدة من البلاد بعد ساعات من رفضه الاعتراف بقرار باعلان فوز الرئيس المنتهية ولايته لوران جباجبو بانتخابات الرئاسة. وخاض جباجبو وواتارا الذي سبق أن تولى رئاسة الحكومة كما شغل منصبا رفيعا بصندوق النقد الدولي الانتخابات التي تهدف إلى وضع حد لشبح الحرب الأهلية عام 2002 وهي الحرب التي أدت إلى انفصال الشمال الذي تقطنه أغلبية مسلمة والجنوب الذي يتألف غالبية سكانه من المسيحيين. وأعلن المجلس أن جباجبو حصل على 5ر51 بالمئة من الأصوات. وكانت لجنة الانتخابات أعلنت الخميس أن واتارا حصل علي 54 بالمئة من إجمالي الأصوات. وجاء القرار بعدما ألغى المجلس الذي يترأسه بول ياو ندري حليف جباجبو الأصوات في سبع مناطق في معاقل واتارا في شمال البلاد معقل التمرد فيما مضى. ويدفع جباجبو بأن مؤيديه منعوا من التصويت في العديد من المناطق الشمالية. وقال المجلس إن النتائج ألغيت نتيجة لمخالفات صارخة "عابت صدق الاقتراع". ورفض المجلس الدستوري النتائج التي أعلنتها اللجنة الانتخابية قائلا إن اللجنة ليس لها الحق في إعلان فائز بالنظر إلى أنها لم تلتزم بإعلان الأرقام المتعلقة بالانتخابات الرئاسية في الموعد النهائي الذي حددته وهو يوم الأربعاء الماضي. وأغلق النظام بعد ذلك كل الحدود وحجب كل ترددات البث التليفزيوني والإذاعي الأجنبي. ودعا واتارا البلاد إلى الالتزام بالهدوء لكنه قال إنه لم يقبل قرار المجلس الدستوري وإنه يعتبر نفسه الرئيس الجديد لكوت ديفوار. وترددت تقارير عن احتجاجات للشباب بشوارع العاصمة الاقتصادية ابيدجان حيث قاموا بإحراق الإطارات وإلقاء الحجارة. وأيد رئيس بعثة الأممالمتحدة في كوت ديفوار واي جيه تشوي اللجنة الانتخابية في أول موجة لما ينتظر أن يكون مصادقة دولية على فوز واتارا المعلن في وقت سابق. وقال تشوي "النتائج...التي أعلنتها اللجنة الانتخابية في 2 كانون أول/ ديسمبر لم تتغير وهذا يؤكد على أن المرشح الحسن واتارا كسب الانتخابات". وأيد بان كي مون قرار ممثله الخاص في كوت ديفوار وهنأ واتارا وحثه على "العمل نحو تحقيق السلام الدائم والاستقرار والمصالحة في كوت ديفوار". ودعت فرنسا والولايات المتحدة جباجبو وواتارا إلى قبول نتائج الانتخابات بينما حذر مجلس الأمن أيضا في وقت سابق من أنه سوف يتخذ "إجراءات مناسبة" ضد أي شخص يحاول عرقلة سير العملية الانتخابية. وطالب الرئيس الأمريكي باراك أوباما باحترام نتائج الانتخابات مهنئا واتارا ومشيرا إلى تأكيد الاممالمتحدة ولجنة الانتخابات والمراقبين الدوليين لنتيجة الانتخابات. وقال اوباما "كوت ديفوار الآن على مفترق طرق". وأضاف "أحث جميع الأطراف، بما في ذلك الرئيس الحالي لوران جباجبو، على الاعتراف بهذه النتيجة واحترامها، من أجل السماح لكوت ديفوار بالمضي قدما نحو مستقبل سلمي وديمقراطي، وترك سنوات طويلة من الصراع والفرص الضائعة في الماضي. المجتمع الدولي سيحاسب أولئك الذين يعملون على عرقلة العملية الديمقراطية وإرادة الناخبين على أفعالهم". وحذر الاتحاد الأفريقي في بيان صدر بعد وقت قليل على قرار المجلس الدستوري من أنه على كوت ديفوار "احترام إرادة الناس". وقال البيان "أي طريق آخر ينذر بإيقاع كوت ديفوار في أزمة لا يمكن حساب تبعاتها على البلاد وعلى المنطقة والقارة ككل". وألقت الانتخابات الضوء على التوترات بين الشمال والجنوب ويواجه كلا الرجلين اتهامات بتحريض أنصارهما من خلال تبادل الاتهامات. وساد العنف بالفعل في الانتخابات حيث قتل أكثر من 12 شخصا خلال اشتباكات. ومن المتوقع أن يشعل القرار الجديد غضب مؤيدي واتارا. وقالت رئيسة المفوضية السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي والمحكمة الجنائية الدولية أنهما يتابعان الموقف عن كثب محذرين الزعماء من انه قد تتم محاسبتهم على أي أعمال عنف تتم من جانب مؤيديهم. وتشهد كوت ديفوار أزمة منذ عام 2002 عندما نجا الرئيس جباجبو /65 عاما/ أستاذ التاريخ السابق الذي تولى السلطة في أعقاب مظاهرات عنيفة في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام2000، من محاولة انقلاب. وأدى الانقلاب الفاشل إلي نشوب حرب أهلية قصيرة تسببت في تقسيم البلاد إلى جنوب يخضع لسيطرة الحكومة وتقطنه أغلبية مسيحية وشمال يسيطر عليه المتمردون وأغلبيتهم من المسلمين. وجرى تأجيل الانتخابات الرئاسية ست مرات منذ عام 2005 عندما انتهت ولاية جباجبو رسميا. إلا أن كوت ديفوار مضت في الصراع وأدى اتفاق سلام ابرم في عام 2007 إلى إشراك المتمردين في الحكومة.