كان يوما حزينا للاطفال والامهات في منطقة عصيفرة مدينة تعز .. بيارة مجاري تبتلع طفلين .. وتمنع ام من مشاهدة طفليها فوق سطح الارض.. ياللهول .. ماذا يحدث !! (صابر) ذو الثانية عشرة من عمرة يحاول انتشال جسد اخية الغارق في الوحل فلم يفلح .. (ايهاب) ذو العاشرة جسده مطمور بالمجاري فلا يكاد يرى نصفه ,, يكاد يلفظ انفاسه .. بالوعة عصيفرة لا ترحم ..وأم تلطم خدها وليس من منقذ .. الجميع في مساكنهم وقت الظهيرة يتابعون ما أل اليه الوضع في تونس حيث انتفاضة الفقراء تشتعل منذ ثلاثة اسابيع وتطيح بمنظومة فساد ,, واطفال هنا يطحنهم الفقر ويغتالهم الفساد تحت اقدام الموتورات وبيارات المجاري فيزداد عتاولة الفساد عتوا .. كانا صابر وشقيقه الاصغر عائدان من المدرسة أمس السبت , يشقان طريقهما في السائلة المليئة بعشرات الحفر والبيارات ذهابا وايابا وهكذا يفعل مثلهما الكبار من النساء والرجال . كان الجميع يدرك خطورة مرور اطفال المدارس بالقرب من المجاري المكشوفة ولكن سلبية المواطين وتقصير المسئولين في بناء جسور للاطفال كان هو سيد الموقف .
مرة اخرى يحاول صابر انتشال جسد اخيه الاصغر .. يصيح باعلى صوته ولا من مغيث .. فيما ايهاب يصارع الموت وحيدا تحت الارض , يصرخ طالبا النجدة .. صابر ... صابر .. انا شموت .. شموت .. خرجني .. خرجني .. زاد من ثقل جسده حقيبته المدرسية الممتلئة بالكتب .. تكررت محاولات الاخ الاكبر لكن جميعها باءت بالفشل .. فجأة يقرر صابر المغامرة بحياته ويرمي بنفسه الى الوحل ويمسك بيد اخيه ,, سحبه مرات عدة نحو الاعلى حتى اعياه التعب ليجد الصغير نفسه فوق اطار سيارة طاف فوق مياه المجاري , لكن صابر يسقط هذه المرة مغشيا عليه في الحفرة مضحيا بنفسه من اجل اخيه الاصغر . المكان موحش , والحياة مقفرة الا من راعية غنم هرعت الى موقع الحدث المهول لحظة مشاهدة ايهاب مرميا على الارض وملطخة ثيابه ,, استغاثت بسكان الحي ,, هرعوا الى المكان ليجدوا صابر غارقا في بيارة المجاري قبل ان يلفظ انفاسه ,, كانا الاثنين في حالة غيبوبة , تم اسعافهما الى المستشفي السويدي للامومة والطفولة ,, تدخل اطباء من هيئة مستشفى الثورة العام بتعز في محاولة لانقاذهما من الموت ,, لكن كميات مياه المجاري في جوفهما كانت كبيرة ,, وحتى اللحظة ما يزال الطفلين يصارعان الموت لينضما الى قائمة الاطفال الذين وجدوا انفسهم ضحايا اهمال وتقصير وفساد على كل المستويات.