أشعلت ثورة الياسيمن في تونس وبعدها ثورة 25 يناير في مصر وما بعدها من تداعيات مظاهرات كل من اليمن والبحرين وليبيا والمغرب وإيران بيئة خصبة للقنوات الإخبارية العربية في إطلاق عصر جديد أسميه بعصر الإعلام وقضايا الإصلاح السياسي في الوطن العربي ليفرز بذلك خطاب إعلامي عربي جديد ذو توجه مكثّف لقضايا الإصلاح السياسي في الوطن العربي وجد هذا التوجه الجديد إهتمام ملحوظ من قبل معظم شرائح المجتمع لم يعد هذا الإهتمام كما كان قبل ثورة الياسمين حكرا على نخب سياسية مثقفة بعينها من المجتمع بل أمتدّ هذا الإهتمام إلى الغالبية العظمى من قبل أفراد المجتمع لنجدها اليوم قد أصبحت تعوم في ثقافة الإصلاح السياسي وبكل شجاعة. هذه البيئة الخصبة لمواكبة عصر الإعلام وقضايا الإصلاح السياسي تفاعلت معها القنوات الإخبارية العربية وشمّرت عن سواعدها وجنّدت في ذلك أفضل مراسليها لتحقيق تغطية إعلامية متميزة محاولة منها لتفوز بالسبق الإعلامي من قلب الحدث، وأصبح المشهد الإعلامي العربي مدشّن بالتغطيات الإخبارية المكثفة لقضايا الاصلاح السياسي في الوطن العربي فقد أفردت هذه القنوات الإخبارية في ذلك نشرات خاصة وبرامج إخبارية متخصصة إستضافت فيها خبراء ومحلليين دوليين وشخصيات أكاديمية من أجل وضع رؤية كاملة لما يجري على أرض الواقع، وكما نعرف فقد حرصت هذه القنوات الإخبارية على تحقيق مزيد من الخدمة الإخبارية بكل ما أوتيت من قوة عن طريق مشاركة خدمتها الإخبارية كل وسائل الإعلام الجديد (فيس بوك، تويتر، يوتيوب) لنقف أمام مشاهدة تنافس إعلامي جديد للحصول على أكبر جمهور عربي مشاهد لكل قناة من هذه القنوات الإخبارية. يتراءاى لنا هذا المشهد الإعلامي العربي المشحون بالتنافس الإخباري والذي يخرج أحيانا عن المعقول في محاولة كل قناة من القنوات الإخبارية جمع أكبر عدد ممكن من الأخبار وبأي وسيلة ممكنة لتظهر بذلك سبق إعلامي جديد أمام نظيراتها من القنوات الإخرى لنرى أنفسنا أننا ربما أصبحنا أمام ركام من الضجيج الإعلامي من هنا وهناك لا نستطيع أن نتبيّن من مصداقية ما يحدث أمامنا، لنضطر إلى طرح تساؤل هام ربما ننجو من هذا الضجيج الإعلامي بالقول: (هل إستطاع الخطاب الإعلامي العربي للقنوات الإخبارية العربية في تقديم التغطية الإخبارية لقضايا الإصلاح السياسي في الوطن العربي من مصداقية ودقة المهنية الإعلامية أم سقط هذا الخطاب الإعلامي في فخ أيديولوجيات التسويق السياسي لهذه القنوات الإخبارية؟؟ للأسف ربما لا أجد أجابة واضحة وصريحة لهذا التساؤل الهام لإننا لا ندري ماذا يحدث في صالات التحرير الإخبارية لهذه القنوات الإخبارية لتوجيه لغة الخطاب الإعلامي في معالجته لقضية معينة من قضايا الإصلاح السياسي في الوطن العربي أن يقول في معالجته لقضية معينة في دولة معينة ب (نعم) ، ولنفس هذه القضيه في دولة أخرى ب (لا) .. وتكثيفه لتغطية إعلامية موسعة لهذه القضية في تلك الدولة بينما نجد تعتيم نفس هذه القضية لإنها حدثت في دول أخرى .. في إعتقادي الشخصي ربما أستطيع القول أن لغة الخطاب الإعلامي العربي في هذه القنوات الإخبارية قد تحكمها أيديولوجيات واستراتجيات التسويق السياسي لملاك ورجال أعمال هذه القنوات وفقا وأجندتهم السياسية الخاصة ووفقا وولاءاتهم السياسية نحو كل دولة من دول الوطن العربي .. وللأسف الشديد أن المهنية الإعلامية الصادقة ربما قد تناقصت بفعل أن الأجندة السياسية لملاك هذه القنوات هي التي تحكم وتسيطر في الأول والأخير على طبيعة التناول الإعلامي وطبيعة المعالجة الإعلامية للغة الخطاب الإعلامي لقضايا الإصلاح السياسي في الوطن العربي وبنسب كبيرة جدا...