يواصل آلاف المتظاهرين في ساحة الحرية بتعز تظاهراتهم المطالبة برحيل النظام وسط تزايد في أعداد المتظاهرين الليلة أرجعه مراقبون إلى قيام (الجزيرة مباشر) بنقل تظاهرات تعزوصنعاء على الهواء منذ عصر اليوم. تظاهرات تعز التي دخلت شهرها الثاني سادها عند صباح وظهر اليوم الاثنين هدوء نسبيا في حين شهدت المدينة مسيرة لمئات من المتظاهرين الذين جابوا شارع جمال وحوض الاشراف وصولا الى مقر المحافظة, مرددين هتافات تطالب باسقاط النظام قبل ان يعودوا الى ساحة الحرية, ونددت المسيرة بما وصفته بالمجزرة التي ارتكبها النظام بحق شباب ثورة التغيير أمام جامعة صنعاء والتي أودت بنحو ثمانية قتلى ونحو ألف جريح.
وبدت ساحة الحرية بتعز بعد شهر على اندلاع شرارة ثورة شباب التغيير المطالبة باسقاط نظام الرئيس صالح كما لو انها تتهيأ لبلوغ مرحلة أخرى جديدة على طريق اكتمال الهدف, حيث التمدد طال كافة الاتجاهات, واحتلت الخيام كافة المساحات المتاحة شمالا وجنوبا شرقا وغربا, واتسعت دائرة التظاهر لتشمل كافة شرائح المجتمع وطبقاته, فاكتست الساحة بصور شهداء الثورة والمختفين قسريا والمطلوبين للمحاكمة على خلفية احداث قبل وبعد العام 78م.
وشهدت الساحة نصب خيم جديدة للحركة الطلابية وصحيفة الجمهورية وشباب الحوبان ودبع والشويفة والزريقة والتعزية والنفط والمعادن بشبوه وكانت هي الاحدث في مشهد التخييم الزاحف بكل اتجاه, اذ بدا مشهد الحرية بدا جاذبا لكل الناس في المدينة.
ومن على منصة ساحة الحرية تسمع بين الفينة والاخرى انضمام العشرات ممن تصفهم الساحة بالاحرار الذين رفضوا البقاء في صف الحاكم القابض على البلد منذ ثلاثة عقود, ليكمل المشهد الثوري الفنان ايوب طارش باغانيه الملهبة لحماس المتظاهرين الذين دفعهم اليأس كما يقولون من نظام الرئيس الى الصمود طويلا حتى تتحقق مطالبهم ويسقط النظام.
ولم يعد المشهد مقتصر على مديريات المدينة والريف, حيث انضمت قرى بعينها وحارات بعينها فحارة المناخ وصينة وقرية الاكروف وبني شعب وعشرات اخرى نصبت لها خيام هنا, وقليل من الدعم يكفي لمواصلة الصمود, يؤكد الحاج على60 عاما - من اهالي الاكروف شرعب السلام- انه قدم الى ساحة الحرية لقناعته ان اليمن لن تتطور بوجود الرئيس صالح وانه حان له ان يرحل ويمنح غيره الفرصة لادارة شئون البلد, فيما يقول الشيخ سلطان - 65 عاما من اهالي مقبنة- ان ابنه العامل في السعودية يحثه على البقاء في الساحة حتى تتحقق مطالب الشباب في التغيير, ويضيف: كل أسبوع يرسل لي ابني مصاريف من السعودية الى تعز ولن اترك الساحة حتى تتحقق اهداف الثورة, بينما يرى- مجاهد من قرية قدس حجرية ان النظام سيرحل ولكن هي مسالة وقت ويدعوا الجميع الى الصمود وعدم اليأس.
وتصدر طلاب تعز المشهد الاحتجاجي خلال اليومين الماضيين وسقط منهم جرحى برصاص عناصر مدنية موالية للحزب الحاكم, وحسب رئيس الحركة الطلابية بتعز محمد الحكيمي فان مدارس الاحسان وعلى بن ابي طالب وسبا والمعهد الفني, 26 سبتمبر انضمت اليوم لتلحق بمدارس اخرى سبقتها الى ساحة الحرية, ولفت الى ان نحو 15 الف طالب انضموا اليوم الى المعتصمين, وعبر عن تضامن الحركة الطلابية بتعز مع شباب ثورة التغيير بصنعاء , مدينا اعمال العنف والبلطجة التي يتعرضون لها كل يوم.
مشهد التخييم في ساحة الحرية خلا من خيمة للمهمشين وان كان تواجدهم ملحوظ بشكل يومي, وطالب سامي النجار- رئيس منتدى كل الشباب من اجل التنمية والديموقراطية من اللجنة المالية في ساحة الحرية صرف خيمة للمهمشين وهم المعروفون اجتماعيا ( بالاخدام ) وقال: نحن احوج للتغيير لاننا اكثر الناس معاناة واطالب بصرف خيام للمهمشين مساواة بكافة الشرائح المجتمعية والطبقية التي انضمت الى ساحة الحرية.
ساحة الحرية بتعز التي لا تهدا على مدار 24 ساعة تشهد كل يوم جديدا سواء على مستوى انضمام النخبة من المثقفين او السياسيين او الاعلاميين او صور واشكال التعبير والهتافات والشعارات ويسود الساحة جو التسامح والمحبة حتى وان كانت المنصة الاعلامية احيانا محط خلاف بين الحين والاخر اما حول ادراتها او نوع الخطاب الاعلامي والشعارات المقدمة ولكن ذلك سرعان ما يتم احتواؤه من قبل العقلاء الذين يتدخلون في الوقت المناسب ليعود الجميع الالتفاف حول القاسم المشترك الذي يجمعهم وهو (رحيل النظام).
لكن الساحة التي بدأت مفتوحة للجميع بمن فيهم حتى موالون لنظام صالح إذ من الصعب محاكمة الضمائر وكشف النوايا, كشفت مصادر خاصة ان منتمين للحزب للحاكم من شرعب السلام شاركوا في اعتصام ساحة الحرية لعدة ايام وحين تم دعوتهم الى المؤتمر الوطني بصنعاء شاركوا ايضا تحت مبرر ان المبالغ المرصودة للمشاركين في مؤتمر الرئيس لم تكن هينة.
صمود المعتصمين في ساحة الحرية بتعز يعود الى شعور الناس باهمية اقتناص الفرصة التي كما يقولون جاءت لهم على طيق من ذهب فهم الاكثر حاجة للثورة من مصر وتونس وليبيا وكل دول المنطقة وذلك بالقياس الى كافة المستويات الحياتية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها والتي تحتل اليمن فيها المراتب الأخيرة, ولم يعرف الشعب اليمني من قبل توحدا وتماسكا حول نفسه وضد النظام كما يحدث اليوم. وحسب عصام الشميري- احد شباب ثورة التغيير بتعز فان ساحة الحرية تشهد حملة تبرعات يومية بالخبز والارز والسكر كان آخرها قافلة قادمة من مديرية مقبنة على متنها عدد من السلع الغذائية والاستهلاكية تبرع بها اهالي المديرية والمغتربون.