أكدت السلطات المصرية السبت10/9/2011 "التزامها الكامل بتأمين" البعثات الدبلوماسية على أراضيها وقررت تطبيق بنود قانون الطوارئ الساري العمل به منذ ثلاثين عاما لحفظ الأمن، غداة اقتحام متظاهرين لمقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة. وقال بيان صدر في أعقاب اجتماع مشترك للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الممسك بالسلطة منذ إطاحة مبارك في شباط الماضي، ومجموعة الأزمات في الحكومة حسبما ذكرت وكالة فرانس برس" إن "مصر تؤكد التزامها الكامل باتفاقياتها الدولية بما في ذلك تأمين كافة البعثات الدولية" الدبلوماسية. وأكد البيان، الذي تلاه وزير الإعلام أسامة هيكل وبثه التلفزيون المصري، انه تقرر "تطبيق كافة بنود قانون الطوارئ" الساري في مصر منذ أكثر من ثلاثين عاما للحفاظ على الأمن ومواجهة "خروج عن القانون". ويحظر قانون الطوارئ الذي أعلن عقب اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات في تشرين الأول 1981 القيام بتظاهرات، وكان إلغاؤه من مطالب "ثورة 25 يناير" التي أطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك. كما نص البيان على "قيام أجهزة الأمن من الآن فصاعدا باتخاذ ما يلزم" من إجراءات للحفاظ على الأمن "بما في ذلك حقها الشرعي في الدفاع عن النفس حفاظا على امن الوطن". ولم يحدد البيان طبيعة الإجراءات التي يمكن أن تلجأ إليها الشرطة في إطار هذا الدفاع الشرعي عن النفس، وأوضح البيان انه سيتم إحالة من "يثبت تورطهم" في اقتحام السفارة الإسرائيلية والمواجهات التي وقعت في محيطها مع الشرطة إلى "محكمة امن الدولة العليا-طوارئ" وهي محكمة استثنائية تشكل بموجب قانون الطوارئ ولا يمكن الطعن في أحكامها. واعتبر البيان أن "مصر شهدت (السبت) يوما عصيبا وبات وضحا أن تصرفات البعض أصبحت تهدد الدولة المصرية" وان "مصر تتعرض لمحنة حقيقية تهدد كيان الدولة كلل وهو ظرف استثنائي يستهدف إجراءات قانونية حاسمة". وأكد البيان أن "ما حدث بالأمس خروج عن القانون ولا يمكن ان يوصف من ارتكبوا هذه الأفعال بأنهم شرفاء" كما انه من شأنه "المساس بصورة مصر أمام المجتمع الدولي". وكان متظاهرون اقتحموا مساء الجمعة مقر السفارة الإسرائيلية ووقعت اشتباكات عنيفة بينهم وبين قوات الشرطة أوقعت ثلاثة قتلى واكثر من الف جريح. وسمع دوي إطلاق نار غزير في الحي فجر السبت، أرجعته مصادر أمنية إلى إطلاق قوات الأمن النار في الهواء لتفرقة المتظاهرين الذين أشعلوا النيران في عدد من سيارات الشرطة. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن شهود عيان قولهم ان المتظاهرين اقتحموا غرفة مخصصة للأرشيف الدبلوماسي وقاموا برمي وثائق "سرية" منها احد مكاتبها الواقع في أعلى مبنى مؤلف من عشرين طابقا. وكتب بعض هذه الوثائق باللغة العربية لكنه يحمل أختاماً دبلوماسية إسرائيلية وبدا واضحا أنها برقيات من موظفين إسرائيليين إلى نظرائهم المصريين. وقام متظاهرون في وقت سابق الجمعة بهدم جدار بارتفاع مترين ونصف كان تم بناؤه خلال الأيام الماضية أمام البناية التي تقع السفارة الإسرائيلية في أعلى طوابقها كما انزلوا العلم الإسرائيلي من فوقها. وغادر السفير الإسرائيلي في مصر اسحق ليفانون فجر السبت عائدا إلى إسرائيل على متن طائرة أقلعت من القاهرة عقب اقتحام مبنى السفارة الذي انتشرت قوات الشرطة والجيش بكثافة في محيطه صباح السبت. وفي القدس، أعلن مسؤول حكومي إسرائيلي رفيع السبت أن المسؤول الثاني في السفارة الإسرائيلية بمصر سيتابع مهامه في القاهرة على رغم الهجوم على مبنى السفارة موضحاً أن وحدات خاصة مصرية أنقذت ستة إسرائيليين كانوا في مقر السفارة عند إقتحامها. وقال هذا المسؤول لوكالة "فرانس برس" طالبا عدم الكشف عن هويته، "سنبقي في القاهرة مساعد السفير لمتابعة الاتصالات مع الحكومة المصرية". ووصف الحادث بأنه "ضربة مؤلمة للسلام بيننا وانتهاك خطير للمعايير الدبلوماسية". وأضاف "كان ستة أشخاص محتجزين في السفارة وكان ثمة قلق حقيقي على حياتهم. وأخيرا أنقذتهم وحدات خاصة مصرية". وذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية أنهم موظفون أمنيون في السفارة وقد عادوا إلى إسرائيل. وتابع المسؤول الحكومي الاسرائيلي "عندما خرجت أعمال العنف عن السيطرة، تم إجلاء 80 إسرائيلياً. وجميع عناصر طاقمنا سالمين". إلى القاهرة قريباً وأعلن متحدث حكومي اسرائيلي السبت أن السفير الاسرائيلي في مصر اسحق ليفانون سيعود الى القاهرة ما أن "يتم ضمان امن السفارة"، وقال رون سوفر لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن "اسرائيل ستعاود إرسال سفيرها في مصر ما أن تقوم مصر بتوفير الظروف التي تضمن امن السفارة" في القاهرة التي اقتحم متظاهرون مصريون مقرها ليل الجمعة-السبت. واعتبر المتحدث باسم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن "هذه القضية من الخطورة بمكان بحيث لا يمكننا الاكتفاء بقلب الصفحة". لكن سوفر شدد على انه "في النهاية، فان جنودا مصريين أنقذوا عناصر أمنيين (إسرائيليين) من السفارة المحاصرة". وأسفرت المواجهات العنيفة التي وقعت خلال المساء والليل في القطاع بين قوات الأمن والمتظاهرين عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة نحو ألف معظمهم بجروح بسيطة. كما أوقفت الشرطة 19 شخصا يشتبه في تورطهم في هذه الاشتباكات وأحيلوا إلى النيابة العسكرية التي بدأت التحقيق معهم، وأعلنت وزارة الداخلية المصرية حالة الاستنفار بين قواتها وقررت إلغاء جميع عطلات أفراد الشرطة للسيطرة على الأمن. وعبر الرئيس الاميركي باراك أوباما مساء السبت عن "قلقه الشديد" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وطلب من السلطات المصرية حماية السفارة الإسرائيلية كما أعلن البيت الأبيض. وجاء في بيان للرئاسة الأميركية أن أوباما "استعرض الإجراءات التي تتخذها الولاياتالمتحدة على جميع المستويات للمساعدة على إيجاد حل لهذا الوضع بدون عنف إضافي كما دعا الحكومة المصرية إلى الوفاء بالتزاماتها الدولية لناحية تأمين حماية السفارة الإسرائيلية". وتجتاز العلاقات بين مصر وإسرائيل مرحلة حساسة بعد مقتل خمسة من رجال الشرطة المصريين في الثامن عشر من آب بينما كانت القوات الإسرائيلية تلاحق أشخاصاً تتهمهم بارتكاب هجمات على إسرائيليين في إيلات في جنوب إسرائيل قرب الحدود مع مصر. وارتفع عدد ضحايا حادث إطلاق النار الإسرائيلي على الحدود إلى ستة اثر وفاة شرطي السبت متأثرا بجراحه