اذا كان اثنان لا يمكن التحديق بهما الشمس والموت .. فان الحقيقة تبدو أكثر استحالة في هيبتها ووهجها للنظر اليها بعين مجردة ..هذا الكائن الاسطوري الذي نبحث عنه ثم نكتشف الا حقيقة مطلقة على أرض الواقع .. انما تتعدد الوجوه والزوايا التي نراها منها ليس الا .. ومن ثم يأتي تعدد الثقافات واختلاف وجهات النظر كنتيجة حتمية لما تزخر به الحياة البشرية من تجارب ومعارف وثقافات ومفاهيم . ان التحديق بعين الحقيقة من زاوية واحدة قد يعمينا حتما عن حكمتها وادراك كل أبعادها ، لهذا كان حوار الحضارات والأديان والانفتاح على عالم جديد من المهرجانات والاحتفالات التي هي بمثابة عرس ثقافي وتزاوج بين الشعوب وتأسيس لآليات التواصل بينها . في ندوة ابداع المرأة العربية التي شاركت فيها مجموعة من كاتباتنا العربيات بدا واضحا في نهاية الندوة عندما احتدت الاسئلة وتعالت بعض الاصوات المعارضة لجرأة الطرح أننا لا نجيد فعل التواصل والحوار .. فنحن نصطدم بالآخر حتى مع توفر وحدة الانتماء والثقافة أحيانا ..
من السهل جدا أن تؤدي الاختلافات والتباينات الثقافية الى سؤ فهم والى أخطاء في التقييم لذا وجب الا نضع في اعتبارننا تحقيق التفاهم والاتفاق كهدف ..لكن الخروج من لحظات الصدام والصراع لفترات التفاعل والتعايش هدف أهم يحتاج الى وعي وارادة للتغلب على الحواجز التي قد تعرقل الحوار .لكن أسوأ ما قد يحدث هو انهيار هذا التواصل الذي يتم اليوم على المستوى الاعلامي والفكري والادبي والتجاري .. حيث جاء مدروسا لكي تستفيد منه كل الاطراف على المدى البعيد .
قد يتسآءل البعض .. هل من الضروري أن نعرف كل شىء عن الآخر ؟ الحقيقة كما أراها من زاويتي .. أننا نحتاج الى الاضطلاع على كل ما هو جوهري في ثقافة الآخر وكل ما هو أساسي في تشكيل هويته الحضارية والخاصة وتحديد المسافة بيننا وبينه من خلال ادراك الاختلافات والتباينات . ليس شرطا أبدا أن يتمتع جميعنا بكل المعلومات والمعارف بنفس القيمة والثقل .. لكن يكفي أن نعرف كل ما يمكن معرفته حول موقف الآخر من العالم والقيم وفلسفة الوجود وآفاق المستقبل . فهل ترون هذه الحقيقة من زاوية أخرى .. طبعا لكم حق الاختيار .