حبّان كانا في حياة بدر شاكر السياب: لميعة عباس عمارة والمطر؛ وكان ثمة أفق كبير يجمعهما اسمه: العراق .. وإذا كان الحب الأول قد خذله فلم يحظ بشاعرته التي يكتب لها وهو على فراش المرض في عاصمة الضباب: "ذكرتك يا لميعة والدجى ثلج وأمطار ولندن نام فيها الليل, مات تنفس النور رأيت شبيهة لكِ شعرها ظلم وأنهار وعيناها كينبوعين في غاب من الحور مريضا كنت تثقل كاهلي والظهر أحجار أحن لريف جيكور, وأحلم بالعراق ". فإن حبه الثاني ظل معه حتى مثواه الأخير في مقبرة الحسن البصري؛ فيوم توفي في 24 ديسمبر في المستشفى الأميري في الكويت وجيء بجثمانه إلى البصرة كان المطر يرافق السيارة التي حملته؛ ويقال لم تر المنطقة يوما ماطرا مثله مدة سنين عديدة. فكأنّ المطر أراد أن يطمئن السيّاب: ها أنا معك إلى النهاية وسأبقى وفيا أغسل تمثالك المطل على "شط العرب". أما العراق فلم ينقطع عن تذكّر شاعره منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم: "الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام حتى الظلام هناك أجمل فهو يحتضن العراق واحسرتاه؛ متى أنام فأحس أن على الوسادة من ليلك الصيفي طلا فيه عطرك يا عراق". المسكوت عن قصة حبه إلى الآن لا تزال كتب الأدب التي تتناول السياب تتناول قصة عشقه للشاعرة لميعة عباس عمارة . المفكر اللبناني البارز كريم مروة والذي كان شاهدا "محايدا" يذكر عن المجالس الثقافية البغدادية ووجود بدر ولميعة فيها فيقول:" كانت الشاعرة تحضر معظم تلك اللقاءات وكانا يتبادلان قصائد الحب، التي كان فيها بدر أكثر صدقاً من لميعة، وهو الأمر الذي كان يجري تداول الحديث عنه بين أدباء تلك الحقبة". قصة الحب هذه تنكرها – بشكل أو بآخر – الشاعرة لميعة عمارة؛ في حين يؤكدها – بشكل أو بآخر أيضا - الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد فيكتب " أول مرة رأيت فيها بدر كانت في مستهل العام الدراسي 47/1948.. عرفتني به ابنة خالي الشاعرة لميعة عباس عمارة.. وكان بينها وبين بدر إعجاب فيه الكثير من المودة والزهو من جانبها، وما هو أكثر من ذلك من جانب بدر! ولعل تعلق بدر بلميعة بذلك الاندفاع المحموم هو الذي جعلني أثيراً عنده، عزيزاً عليه منذ أول أيام تعارفنا". وما يزيد التأكيد هذا هو زيارة لميعة لبدر في قريته "جيكور" والبقاء معه بصحبة خالها لمدة ثلاثة أيام !! إذن هو حب لم يكتب له النجاح ربما بسبب اختلاف الدين والتعصب المجتمعي في ذلك الوقت، حيث كان السياب "مسلما" في حين كانت حبيبته لمعية "صابئية " " ستمضي, فمن لي بأن أمنعك ستمضي, فهل لي أن أتبعك فشعري, وحبي, وعمري سدى إذا لم أمتع بعيشي معك". هكذا كانت تكتب له لميعة !! 2014 العام الدولي للسياب يقول" للعربية.نت" الناقد ماجد السامرائي والذي اشتغل طويلا على السياب وحقق رسائله "على الرغم من كل ما كتب عن السياب، وهو يفوق ما كتب عن عصره الشعري بالكامل، أجد أنه لم يُقرأ بعد القراءة التي تتقصى أبعاد تجربته الشعرية في حقائقها الفنية والموضوعية، أي من حيث البناء فنياً والتكوينات موضوعياً. فقد ظلت معظم الدراسات التي كُتبت عنه تحوِّم حول ظواهر، من دون أن تستغور هذه الظواهر كما ينبغي". وأضاف "وهنا أتساءل: هل سيكون العام المقبل، الذي يصادف مرور نصف قرن على رحيله، باعثاً لنا على تجديد قراءته قراءة حية ومتفاعلة مع الحقائق الشعرية الكبرى التي أكدها في ما كتب؟ آمل ذلك، ففي مثل هذه القراءة، إذا ما تمّت بمنظور نقدي معمّق، قد نحقق الاكتشاف الفعلي لشخصيته الشعرية". ولد السياب في قرية جيكور في 24 ديسمبر 1926، وتوفي في الكويت عام 1964 وللشاعر مكانة عربية وعالمية، خاصة بعد أن أقر اتحاد الأدباء العرب في إمارة أبوظبي قبل ثلاثة أشهر الاحتفال بمرور 50 عاما على ذكرى رحيله. ..... .....................