ما يُطلق عليه البعض تندراً بأنه طعام للأرانب هو في الحقيقة طعام صحي جداً للإنسان أيضاً، هذا ما يُؤكده لنا مجدداً باحثو جامعتي كاليفورنيا وولاية لويزيانا الأميركيتين حول قدرة الأمعاء على امتصاص العناصر الغذائية في الخضار الطازجة ضمن مكونات أطباق السلطات. وبالرغم من الإرشادات المتتالية للهيئات الطبية العالمية حول حاجة الجسم إلى تناول الخضار والفواكه، إلا أن الإحصائيات الأخيرة في المجتمع الأميركي تتحدث عن مستويات متدنية جداً في الإقبال على تناولها وفق الكمية المنصوح بها. وكانت قد أظهرت دراسة للباحثين من مركز أنظمة التغذية التابع لإدارة الزراعة الحكومية بالولاياتالمتحدة أن قلة من الأميركيين يتناولون الفواكه والخضار وفق الإرشادات الأخيرة للهرم الغذائي الصحي. وهي نتيجة غير مرضية على حد قول باتريشا غوينثر، الباحثة الرئيسة في الدراسة. وتضمنت الدراسة مراجعة معلومات تغذية أكثر من 8 آلاف شخص من الجنسين، أعمارهم تبدأ من سن سنتين وما فوق. ووفق النتائج التي صدرت في عدد سبتمبر من مجلة رابطة التغذية الأميركية تبين أن من في العشرينات من العمر هم أسوأ من يتبع الإرشادات الصحية للتغذية حول تناول الخضار والفواكه، إذْ أن أقل من1% منهم يتناول ما هو مطلوب منها. لكن الأطفال ما بين سن الثانية والثالثة من العمر كانوا هم الأفضل، حيث ان 48% منهم يتناولون الكمية المنصوح بها من الخضار والفواكه. أما بقية مجموعات الأعمار فلا تتجاوز نسبة من يتناول الكمية اللازمة 10%. * الأمعاء والخضروات * وفي بحث مشترك بين جامعة كاليفورنيا وجامعة ولاية لويزيانا الأميركيتين، شمل مراجعة معلومات التغذية لأكثر من 17500 شخص من الذكور والإناث، تبين أن تناول السلطات والخضار الطازجة يفيد في رفع مستوى دم الجسم لكل من الفوليت وفيتامين سي وإي ومواد لايكوبين المضادة للأكسدة ومواد بيتا كاروتين. وأولى النتائج العملية لهذه الدراسة هو إلغاء الشكوك والمزاعم السابقة بأن الجهاز الهضمي لدى الإنسان لا يستطيع أن يتمكن من هضم الخضار الطازجة ولا امتصاص محتوياتها من العناصر الغذائية النافعة فيها واللازمة للجسم. وهو أمر خاطئ، كثيراً ما نسمع عنه ويجعل البعض يرى أن لا فائدة صحية من تناول سلطات الخضار الطازجة طالما لا يستطيع الجسم امتصاص ما فيها من عناصر غذائية. وأضافوا في دراستهم، المنشورة في عدد سبتمبر من مجلة رابطة التغذية الأميركية، أنه مع كل حصة غذائية من السلطة يتناولها الإنسان، يتحقق تزويد جسم المرأة بنسبة 165% من حاجتها اليومية من فيتامين سي التي تنصح بها هيئات التغذية العالمية، وتزويد الرجال بحوالي 120% من تلك الحاجة أيضاً. وتُعتبر الدراسة كما تقول المصادر الطبية، هي الأولى التي بحثت في فحص العلاقة بين تناول السلطة العادية وارتفاع نسب العناصر الغذائية في الدم إثر ذلك. كما أنها الأولى في الفحص الدقيق لمدى تحقيق تناول السلطة لكفاية حاجة الجسم من العناصر الغذائية وفق الإرشادات الحديثة للتغذية الصادرة عن مجلس الأطعمة والتغذية التابع للأكاديمية القومية للعلوم بالولاياتالمتحدة. وقال البروفسور لينوري أراب، من جامعة كاليفورنيا والمشارك في إعداد الدراسة، بأن ارتفاع نسبة عناصر غذائية معينة في الدم بشكل مستمر لدى متناولي أطباق سلطات الخضار الطازجة في الوجبات الصحية يدل على أن محتوياتها يتم امتصاصها بكفاءة بالغة، ما يعني أن النتائج تقول بأن استهلاك السلطات والخضار الطازجة هي استراتيجية فاعلة في تشكيل وجبات غذائية غنية الفائدة. لكننا للأسف لم نجد عادة تناول السلطة بصفة يومية بين أي مجموعة عرقية، بل هي متدنية بين ذوي الأصول الأفريقية من سكان الولاياتالمتحدة. وأضاف قائلاً: في الحقيقة نتائجنا تدل على أن مجرد تناول حصة غذائية واحدة من السلطة أو الخضار الطازجة يومياً يُؤدي إلى تحقيق تزويد الجسم بالكميات التي تنصح به الهيئات الغذائية لبعض أصناف العناصر الغذائية. * «مرق» السلطة * وشملت الدراسة تأثير كل من السلطة الطازجة والخضار الطازجة وأنواع مرق السلطة المضافة إليها أو ما يُسمى بالانجليزية درسينغ Dressing والمكونة من الليمون أو زيت الزيتون أو الخل أو أوراق الزعتر أو المايونيز أو غيرها مما يستطيب البعض خلطه جميعاً أو إضافته بذاته. ولعل من الدراسات الطريفة والمهمة في هذا الصدد، دراسة للدكتورة ويندي وايت من جامعة ولاية أيوا الأميركية، حول دور إضافة قليل من الدهون إلى السلطات لتسهيل امتصاص الأمعاء للفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة فيها، ونشرتها في عدد أغسطس عام 2004 في المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية. وهو ما يدل على الحاجة إلى شيء من المرق أو دريسنغ المحتوي على زيت الزيتون أو إضافة بعض من المكسرات إلى السلطة أو تناول السلطة مع بعض الأجبان. والحقيقة أن السلطات الخالية من أي إضافات تظل صحية، لكن إضافة الليمون أو زيت الزيتون أو الجبن أو المكسرات أو الخل أو الأفاكادو أو المايونيز، هي أمور تُسهل على الأمعاء امتصاص العناصر الغذائية في خضار السلطة. كما أنها تُعطي طعماً محبباً، حسب اختلاف الأذواق، يجعل من المقبول للكثيرين الإقبال على تناول السلطة ضمن وجبات الطعام. وهو ما يطرح مجدداً أهمية الإعداد الجيد للأطعمة كي تكون مستساغة من ناحية ومفيدة للجسم من ناحية أخرى، كما أنها تبرر بشكل علمي تلك العادات للشعوب المختلفة في إعداد أطباق الطعام والإضافات المتنوعة إليها. وسبق لملحق الصحة في الكثير من مواضيع التغذية عرض أنواع منها. مثل إضافة الليمون إلى السمك لتسهيل امتصاص زيوت أوميغا 3 أو زيت السمك، وإضافة زيت الزيتون لسلطة الطماطم أو صلصة الإسباغيتي أو البيتزا لتسهيل امتصاص مواد لايكوبين المضادة للأكسدة، أو تناول البعض للبطيخ مع الجبن الأبيض لنفس غاية تسهيل امتصاص مواد لايكوبين في البطيخ الأحمر، وإضافة شرائح من الأفوكادو للسلطة لتسهيل امتصاص الفيتامينات في الخضار، وإضافة الأناناس إلى أطباق اللحوم عند طبخها لتسهيل تحلل البروتينات وتيسير هضم الأمعاء لها، وغيره كثير.