شهدت العاصمة صنعاء بعد عصر يوم أمس الأربعاء توزيع منشورات تروج للرئيس العراقي السابق وتصف حكومة المالكي ب"العميلة"، قام بتوزيعها عدد من الشباب اليمنيين على دراجات هوائية كانوا يجوبون بها الحارات وسط العاصمة. وقد حمل المنشور المؤلف من ورقتين – تحتفظ "نبا نيوز" بنسخة منه- قصيدة طويلة تحت عنوان: (صرخة سجين عراقي يواجه الموت في سجون المحتلين والحكومة العميلة). وتضمنت أربع صور الأولى للرئيس السابق صدام حسين، والثانية لرئيس الوزراء العراقي المالكي، والثالثة يظهر فيها وجهي الحكيم والجعفري والرابعة للرئيس الأمريكي جورج بوش. القصيدة مؤلفة من (35) بيتاً غير موزونة شعرياً تبث شكواها بلسان صدام حسين، وتتذمر الذل والمهانة والتعذيب، وما طاله على يد قوات الاحتلال التي يهاجمها، ثم تهاجم بأسلوب غير مباشر حكومة المالكي لتصفها (وحوش ساقها الجيش المغير) وأنها (وحوش الغرب ليس لها خلاق.. ولا دين يصد ولا شعور). وتأتي هذه المنشورات في أعقاب منشورات صادرة عن (تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين) تم توزيعها يوم الاثنين الماضي في شوارع ومساجد مدينة "جعار" بمحافظة "أبين"، تعتبر العلمانية "على اختلاف راياتها وتنوع مذاهبها كالقومية والوطنية والشيوعية والبعثية هي كفر بواح مناقض للإسلام ومخرج من الملة"، وتصف الشيعة بقولها"الرافضة عندنا طائفة شرك وردة"، وتقول إن عقيدتها الجهاد، وتدعو "كل مؤمن أن يجاهد أعداء الله تعالى وإن بقي وحده"- بحسب ما أوردته "الوسط". وتشهد اليمن منذ منتصف نوفمبر الماضي نشاطاً متنوعاً فيما يتعلق بالعراق. فقد كشفت "نبأ نيوز" في وقت سابق عن دعم ليبي مقدم من عائشة القذافي – ابنة الزعيم معمر القذافي – لتنظيم بعثي "سني" من العراقيين المهاجرين إلى اليمن، يحرم انضمام البعثيين الشيعة إلى صفوفه. كما تتبنى جماعات إسلامية يمنية مع عناصر بعثية تنفيذ حملات منظمة لتكفير الشيعة، بعد أن سادت كلمة "الصفويين" كلفظ بديل للشيعة، وبلغت التعبئة على مستوى المدارس الثانوية من قبل الجماعات اليمنية؛ إلاّ أن مصادر سياسية يمنية تعتقد أن المستهدف في هذه الحملة اليمن نفسها من قبل حزب إسلامي معارض يسعى إلى إعادة إشعال فتنة داخلية مجدداً بغية توريط النظام وجره إلى تسويات حزبية من موقف الضعف، وتقول أن السلطات انتبهت إليها مؤخراً وبدأت بمعالجتها. كما حصلت وسائل إعلام يمنية على دعومات مالية من جهات مجهولة وبدأت بتوزيع أغلفة جلدية لإطارات السيارات تحمل صور ملونة للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، يرتدي فيها البزة العسكرية. مصادر خاصة ل"نبأ نيوز" أكدت قيام الأجهزة الأمنية اليمنية باعتقال عراقيين في صنعاء على خلفية نشاط سياسي تحرمه صنعاء على أراضيها. وكان الشيخ حارث الضاري- رئيس هيئة علماء السنة في العراق- زار اليمن أواخر الشهر الماضي والتقى العديد من المسئولين اليمنيين بينهم الرئيس علي عبد الله صالح، وأقام ندوة في جامعة صنعاء – غاب عنها العراقيون- وهاجم في كلمته حكومة المالكي متهماً إياها بالإجرام والاختطافات، في نفس الوقت الذي ألقى مرافقه – الكبيسي- كلمة "تكفيرية" للشيعة، حاول من خلالها إذكاء الأحقاد ضدهم، وهو الأمر الذي لم يكترث له اليمنيون ولم تجد كلمته أي صدى لدى وسائل الإعلام، خلافاً للشيخ الضاري الذي حرص على وزن ألفاظه بدقة. الجهات الرسمية اليمنية تراقب التطورات بحذر شديد، وتنظر إلى موقف البعض المناصر لصدام كجزء من الحريات السياسية التي يمتع بها مواطنوها بموجب اللوائح الدستورية، والذين مازال فيهم من يرفع صورة الزعيم جمال عبد الناصر، وأحياناً شخصيات سياسية قادت حركة انقلابية ضد الرئيس صالح نفسه في مقتبل عهده. أما من جانب السفارة العراقيةبصنعاء فإنها تقف من كل ذلك موقف المتفرج، رغم ما يردده بعض أبناء الجالية العراقية من وجود مسئولين فيها متورطين فيما يحدث.. لكن السخط العام لم يفارق أبناء الجالية العراقية التي يزيد عددها عن (26) ألف عراقي من الدور السلبي للسفارة التي لم تبادر حتى لاحتضان مواطنيها ولم شملهم أو مساعدتهم على تعزيز وحدتهم الوطنية بعيداً عن الصراعات الدائرة على الساحة العراقية، الأمر الذي تسبب بنقل نفس الفتنة المذهبية إلى أوساطهم.