بدأ يلوح في الأفق مستوي نضج معين في الشارع العربي بمعدلات مختلفة ومن مجتمع الي آخر، هذا النضوج المتشكل في المجتمع المدني العربي والمتسارع في التوجه نحو التغيير والإصلاح العام وبروز المطالبات الشعبية الفاعلة والأساسية للسعي لتحقيق متطلبات الحد الادني لكل مجتمع من متطلبات قيم الحرية والديمقراطية ومشاركة المرأة في صنع القرار. عزي هذا الأمر لتوجه الدول العظمي وجديتها الحقيقية في نشر الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان وقيم الحرية بعد أن كانت الدول العظمي تري أن مصالحها تكمن فقط في الحفاظ علي علاقات متينة مع دول وحكومات العالم الثالث مع غض البصر عن تلك القيم سالفة الذكر ومدي تطبيق حكومات الدول العربية والإسلامية في مجتمعاتها علي ارض الواقع. ومن ثمرة هذا النضج أخذت تطالب النساء اليمنيات من خلال ممثليها في المجتمع المدني ب 30% من المناصب السياسية في الدولة من خلال تطبيق مشروع الحصص (الكوتا) في تفعيل مشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية والاجتماعية في اليمن لتصبح المرأة من أصحاب القرار السياسي، في حين نري خطوة بطيئة للجارة المرأة السعودية المتمنية بتحقيق الإصلاحات في عموم المملكة، ولكن مع الأسف مطالب المرأة السعودية ما زالت مبتدئة ومقتصرة علي مطالب بديهية، مثل الحصول علي البطاقة الشخصية وجواز السفر والتنقل والسفر بلا محرم وإجراء المعاملات الرسمية بدون وصي (ذكر) والسماح لها بقيادة السيارة وحقها في التصويت والترشح والانتخاب. وبذلك تكون المرأة اليمنية قد تجاوزت بعقود نظيرتها السعودية من حيث نوعية المطالب وعلو سقفها والحقوق القائمة الفعلية التي تتمتع بها المرأة اليمنية في مجتمعها كواقع معاش، فما تطالب به المرأة السعودية تجاوزته المرأة اليمنية بزمن طويل منذ حقبة شمال وجنوب اليمن وكرست ذلك الوحدة اليمنية بالانفتاح السياسي علي مصراعيه ومحاولة ترسيخ النهج الديمقراطي، بحيث أصبحت الديمقراطية خيارها الاستراتيجي والوحيد، وكذلك بفضل نشاط الحركات النسائية المتعددة في المجتمع المدني اليمني وعمل الأحزاب السياسية المتنافسة في هذا الاتجاه ومن خلال التوجه الديمقراطي في البلد. وتعزز هذه الحقيقة دراسة بحثية أعدها مركز المعلومات التابع لمجلة اٍكونوميست، إذ بلغ مؤشر الحرية السياسية والمدنية لليمن 4.30 نقطة من عشر نقاط بينما حصلت السعودية علي 2.80 نقطة واعدت في أسفل ذيل القائمة من عشرين دولة في الشرق الأوسط وتصدرت اعلي القائمة إسرائيل ب 8.2 نقطة ثم لبنان 6.55 نقطة، فسورية 2.80 وليبيا 2.05. نقطة. وقد رصد اول تعاطي في السعودية مع الديمقراطية في فبراير/شباط 2005 عندما اجريت الانتخابات البلدية، لكن مازالت الملكية المطلقة تقاوم الضغوط من اجل الإصلاح. والطريف في الأمر أن الدول التي تم احتلالها عسكريا أو تخضع للاحتلال احتلت مكانة مرموقة في المؤشر اذ حصل العراق علي 5.5 نقطة، والأراضي الفلسطينية علي 5.5 نقطة، ولبنان أصبح حرا ولم يعد هناك أي احتلال عسكري.