نظراً لافتقار المنهج اليمني لمفاهيم حقوق الإنسان أنشأنا المدرسة الديمقراطية كان إنشاء المدرسة الديمقراطية في اليمن حدثا مهما في تاريخ الطفل اليمني الذي أصبح يشارك في العديد من الفعاليات السياسية والاجتماعية داخل اليمن وخارجها في إطار الفعاليات التي تقيمها المدرسة وأنشطتها المختلفة وتعاونها مع العديد من الكيانات المشابهة لها في الدول العربية، وكان ابرز فعالية لهذه المدرسة هي تأسيس برلمان الأطفال الذي حضي بصدىً واسع على المستويين المحلي والعربي، حيث استقبل الرئيس علي عبدالله صالح أعضاء البرلمان من أطفال المدارس الابتدائية والإعدادية، وكذلك فعل رؤساء مجالس النواب والوزراء والشورى، وعقد العديد من الجلسات والنقاشات الخاصة بالطفولة وهمومها بالتعاون والتنسيق مع مجلس النواب اليمني، وبعض المنظمات الدولية المانحة. حول المدرسة وظروف نشأتها وفعالياتها وبرامجها المستقبلية، وبرلمان الأطفال ومسيرته على مدى الدورتين الماضيتين كان لنا هذا الحوار مع مؤسس المدرسة ومديرها التنفيذي الحالي جمال عبدالله الشامي وهو خريج بكالوريوس علوم بريدية من كلية البريد بدمشق، ويعمل مديرا للعلاقات العامة بالهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي، إضافة إلى موهبته كفنان تشكيلي له العديد من المعارض الداخلية والخارجية، حيث رحب بنا في مقر المدرسة بحي البونية الأثري بالعاصمة صنعاء فالي الحوار: - ماذا تعني المدرسة الديمقراطية باختصار؟ * تعتبر المدرسة الديمقراطية بصنعاء إحدى منظمات المجتمع المدني، وهي منظمة غير حكومية ولا تهدف إلى الربح، وتزاول عملها بقرار وزير الثقافة رقم 48 للعام 2002م في مجال التوعية والتثقيف بحقوق الإنسان والحقوق الديمقراطية وخصوصاً حقوق الطفل لأنها موجهة بالدرجة الأولى لخدمته والرفع من مستواه العلمي والعملي ومشاركته في مختلف الفعاليات التي تقيمها المدرسة وفق النظام الأساسي واللائحة الداخلية المنظمة لعملها. وللمدرسة هيئة استشارية من العديد من الشخصيات التربوية والعلمية والأكاديمية والوطنية، ولها مكتب تنفيذي مكون من: المدير التنفيذي ومدير العلاقات والإعلام ومدير الأنشطة والبرامج وسكرتير المدرسة ومدير التنسيق والاتصال والمدير المالي، وهي تعمل بصورة حيادية و ملتزمة بالقوانين النافذة وبما لا يتعارض مع الدستور والأعراف والأخلاق العامة والقيم الجميلة للمجتمع اليمني. - ما أهداف المدرسة وما الوسائل التي تستخدمونها في تحقيقها؟ * للمدرسة العديد من الأهداف التي أنشئت لتحقيقها على ارض الواقع والتي بالفعل استطاعت أن تحقق جزءاً منها، واهم تلك الأهداف تنمية و توعية مدارك الأطفال بالنهج الديمقراطي، إضافة إلى توعيتهم وتثقيفهم بمفاهيم حقوق الإنسان والحقوق الديمقراطية من أجل إنشاء جيل واع بحقوقه. كما تعمل المدرسة حالياً بالتنسيق والتعاون مع بعض الجهات على إدخال منهج حقوق الإنسان ضمن المناهج المدرسية المعتمدة من قبل وزارة التربية و التعليم، وجعل الأطفال أنفسهم يعون بحقوقهم لدى الجهات ذات العلاقة، إضافة إلى خلق تجمعات للأطفال يمارسون فيها حقوقهم كالمدارس و الأحياء. وهناك هدف سام تعمل المدرسة على تنفيذه من خلال العديد من الوسائل والفعاليات المختلفة وهو تغيير نظرة المجتمع إلى الأطفال المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة. أما وسائلنا في تحقيق تلك الأهداف فهي العديد من البرامج والمشاريع التي تخدم التوعية والتثقيف عبر المحاضرات، والندوات، والمعارض، وورش العمل، واللقاءت، وإصدار الكتيبات، وإنشاء عدد من المراكز المتخصصة للمعلومات، وإقامة المؤتمرات وتجمعات الأطفال، إضافة إلى عمل الملصقات المختصة بالأطفال وأي وسائل أخرى تخدم تحقيق أهدافنا نستخدمها طالما وهي وسائل سلمية مشروعة في إطار العمل الديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني. - لماذا أطلقتم عليها اسم مدرسة ولم تقولوا منظمة مثلاً؟ * لأنها أصلاً مدرسة حيث أننا نعمل على تدريس منهج خاص بها وهو يقوم على مبادئ وأهداف الثورة اليمنية ودستور الجمهورية اليمنية وقانون الطفل وقانون الانتخابات وميثاق جامعة الدول العربية واتفاقية حقوق الطفل والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجميع القوانين النافذة ذات العلاقة بالطفولة والتربية الديمقراطية و كل الاتفاقيات العربية والدولية التي وقعت عليها الجمهورية اليمنية المهتمة بحقوق الإنسان، وهذا كله يُعتبر منهج المدرسة الذي يدرس بها من قبل هيئة التدريس المكونة من عدد كبير من المتطوعين العاملين في مجال التدريس من المدرسين والأكاديميين و المختصين والمثقفين الراغبين بالتعاون معنا. - ما أسباب اختيار منهج خاص بالمدرسة رغم وجود منهج مدرسي رسمي؟ * أهم الأسباب التي جعلتنا ننشئ منهجاً خاصاً بالمدرسة الديمقراطية هي أن المنهج المدرسي والنظام التعليمي يفتقر إلى مفاهيم و قيم الديمقراطية وقضايا حقوق الإنسان ومشاركة الأطفال في التجمعات المدرسية والأحياء، ولذلك فكرنا في إنشاء مجمع أو مدرسة تعليمية للتوعية والتثقيف في مجال حقوق الطفل والحقوق الديمقراطية (حقوق الطفل)، كون هذه الفكرة جديدة على المجتمع اليمني وحديثة في الوطن العربي، و المناخ الديمقراطي الذي نعيشه يساعدنا على تنفيذها ونحن متفائلون أن كل من يحترم حقوق الإنسان سوف يقف معنا في إنجاح مشاريع المدرسة وتحقيق أهدافها. - أهم أنشطة المدرسة إلى الآن هو برلمان الأطفال مالهدف منه؟ * تستطيع أن تسمه أهم الأنشطة الكثيرة التي قامت بها المدرسة منذ إنشائها والى الآن، وله هدف عام يتمثل في تنمية و توعية مدارك الأطفال بالنهج الديمقراطي وترسيخه وجعل الأطفال أنفسهم يوعون بحقوقهم لدى الجهات ذات العلاقة، إضافة إلى أننا نأمل من خلال هذا البرلمان لإشراك 30.000 طفل وطفلة من أنحاء الجمهورية في العملية الانتخابية بحسب قانون الانتخابات وتعريفهم بعمليات القيد والتسجيل والترشيح، والدعاية الانتخابية والاقتراع لانتخاب 35 طفل، وإشراك منظمات المجتمع المدني والجانب الحكومي في نشاط مشترك تحت برلمان الأطفال، إضافة إلى المشاركة في الفعاليات والنشاط الخاص بالطفولة محلياً وعربياً ودولياً، كما سنعمل من خلال هذا البرلمان إلى وصول أعضاء برلمان الأطفال إلى مجلس النواب والشورى ومجلس الوزراء والتحاور معهم، وطباعة وتوزيع 200.000 لاصق من قبل مرشحي البرلمان أثناء الدعاية الانتخابية كلها تحتوي على بنود من قانون حقوق الطفل واتفاقية حقوق الطفل. - كيف كانت الفكرة ومتى بدأتم بتنفيذها؟ * بدأت الفكرة منتصف العام قبل الماضي 2003م، وتم تشكيل لجنة تحضيرية رسمية للإعداد لبرلمان الأطفال العام الماضي 2004م بتاريخ 5 / 8 / 2003م وتشكلت هذه اللجنة من المدرسة الديمقراطية ووزارة حقوق الإنسان ووزارة التربية والتعليم والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة واللجنة العليا للانتخابات، حيث تفاعلت الجهات المذكورة بإرسال مندوب يمثلها في اللجنة التحضيرية وتم عقد أول اجتماع في المدرسة الديمقراطية بتاريخ الاثنين 11/8/2003 م وهو الاجتماع الذي تم فيه طرح فكرة المشروع والآلية المنظمة له بحيث تتولى كل جهة تسهيل أعمال البرلمان كلاً حسب اختصاصه، وفعلاً تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين المجلس الأعلى للأمومة والطفولة والمدرسة الديمقراطية بخصوص الإشراف واستمرارية ودعم البرلمان وتوسيعه في المراحل القادمة. وتم عمل برنامج زمني على مراحل تنفيذية محددة اسردها لكم باختصار كالتالي: المرحلة التنفيذية والتي تم فيها التواصل مع الجهات الحكومية وتسليمهم نسخة من المشروع حسب الجدول الزمني المقر في اللجنة التحضيرية، كما تم التواصل مع المحافظين في المحافظات المختلفة لتسهيل مهام منسقي المدرسة الديمقراطية حيث تم حصر المدارس المستهدفة بحسب الكثافة الطلابية لصفي الثامن والتاسع من المراحل الأساسية وتم أقرار المدارس في مركز المحافظات بنين وبنات وجمعيات المعاقين والصم و البكم والمكفوفين والأيتام والمهمشين والتي سوف تجرى فيها الانتخابات، بعد ذلك بدأت عملية القيد و التسجيل بتاريخ 9 – 25 /3 / 2004 م حيث كان من المفترض إشراك 30.000 طفل حسب إحصائيات وزارة التربية والتعليم ولكن ما تم قيدهم فعلياً في كشوفات القيد والتسجيل بلغ عددهم ( 21.500 ) طفل و طفلة فقط، وتم فتح باب الترشيح يوم 27/ 3 / 2004 م بشروط خاصة والتي تم وضعها من حيث السن والمرحلة الدراسية والسلوك حيث تقدم للترشيح 243 مرشحا منهم 164 ذكور و 79 إناث وتم إقفال باب الترشيح بعد الموافقة على المرشحين حسب الشروط المطلوبة. وفي 15 نيسان (أبريل) كان يوم الاقتراع وقد تم الانتخاب في وقت واحد في جميع المراكز الانتخابية للمحافظات في عملية متعبة ومكلفة مادياً، حيث فاز 35 طفل و طفلة منهم 12 بنت منهن اثنتان في مدارس مختلطة إحداهما من محافظة حجة والأخرى من جمعية المعاقين و23 بنين. - من أين أوجدتم تمويل هذه الفعاليات المكلفة حسب قولكم؟ * تم تمويل موازنة البرلمان مرحلياً بحسب البنود المطلوب تمويلها حيث قامت شركة سبيستيل يمن للهاتف النقال وشركة هايل سعيد انعم بتمويل المطبوعات والمواد الدعائية للعملية الانتخابية، كما مولتنا اللجنة العليا للانتخابات بخمسين صندوقاً انتخابياً تم استخدامها في تنظيم العملية الانتخابية في مختلف محافظات الجمهورية، إضافة إلى دعم المنظمات الدولية وهي اليونيسيف، ومنظمة راد بارنن، والبرنامج الكندي للتنمية، ومؤسسة فريدريش إيبرت على تمويل ورش العمل لتدريب أعضاء البرلمان والتوعية الإعلامية وحضورهم إلى صنعاء لعقد اجتماعاتهم، حيث عقدت ورشة عمل بتاريخ 26 – 27 / 4 / 2004م لأعضاء البرلمان الفائزين للتعارف في ما بينهم البين و تدريبهم وتعريفهم بقانون حقوق الطفل و اتفاقيات حقوق الطفل. - ماهي النتائج المتوخاة من برلمان الأطفال؟ * هناك العديد من النتائج المتوخاه من هذه الفعالية أولها تعريف الأطفال بحقوقهم وفق قانون حقوق الطفل واتفاقية حقوق الطفل الدولية، وجعل الأطفال يتحاورون فيما بينهم، والقبول بالأخر، وتبادل الخبرات، والأفكار بين الأطفال على مستوى الجمهورية، إضافة إلى تنمية الروح القيادية لدى الأطفال عن طريق الممارسة الديمقراطية الصحيحة، وإصدار تقرير سنوي عن حقوق الطفل من قبل الأطفال أنفسهم من خلال اجتماعاتهم و توصياتهم، والتوعية ببنود قانون حقوق الطفل واتفاقية حقوق الطفل الدولية بشكل لاصق توزع للأطفال في المدارس. كما أن من النتائج التي نعمل على استغلالها وتحقيقها هي توصيات البرلمان التي يرفعها إلى الحكومة اليمنية والأمم المتحدة والمنظمات العاملة في اليمن بتحسين أوضاع الطفولة في اليمن.