– خاص/ محمد الصهباني – إيمان الشرفي - نبهت دراسة اقتصادية ( اتصالية - تكنولوجية) إلى إن خطر التغير في وسائل الثقافة يعد تحويل الاستقبال من اللغة المكتوبة إلى الصورة المتلفزة وأن ظهور الفضائيات، وسرعة انتشار المعلومة المصورة سيجعل فعل الاستقبال سريعاً من جهة وفردياً من جهة ثانية ، مشيرة الى أن تقنية الاتصالات الحديثة بقدر ما يترتب عليها من مخاطر، فإنها تجلب فرصاً اتصالية ومنافع عديدة، تقاربت معها المسافات الزما نية، وأزيلت كثير من الحواجز المكانية. جاء ذلك في دراسة قدمها الدكتور عبد الرحمن محمد الشامي- أستاذ مساعد الاتصال بكلية الإعلام جامعة صنعاء- في ورقته على هامش فعاليات" ندوة حول الآثار الاجتماعية لتقنية الاتصالات الحديثة"، والتي نظمتها اليوم الأحد مجموعة الاتصالات بقسم العلاقات العامة والإعلان بكلية الإعلام بجامعة صنعاء، بحضور العديد من طلاب الكلية والمهتمين والمختصين بتقنية الاتصالات الحديثة في مقدمتها المؤسسة العامة اليمنية للاتصالات و شركة يمن موبايل. وأوضحت الدراسة: أنه وفي ظل إتاحة وسائل الاتصال الحديثة التي أوجدت جملة من الفرص لامسها الأفراد، وعايشتها المجتمعات في غمار الحياة اليومية فإنه بالمقابل يترتب على هذه المجتمعات كثير من المخاطر.. ويبقى الحال مفتوحاً في كلا الحالتين بفعل التطور المتنامي والمتعاظم في وسائل الاتصالات الحديثة. وأشار الشامي في ورقته: إلى أنه وبعيداً عن منطق الرعب ومن ثم التهويل في الآثار المترتبة على تقنية الاتصالات الحديثة أو إطلاق أحكام في هذا السياق فإنه ينبغي النظر في الوقت نفسه إلى هذه التطورات على أنها نتاج طبيعي لمسيرة ممتدة للظاهرة الاتصالية والتي بتطورها يتطور الإنسان. وقال: ومن هذا المنطلق فإن منطق التأثير والتأثر أمرٌ طبيعيٌ ووارد في وقت يبقى مقدار ذلك التأثر محكوماً بعوامل مجتمعية مختلفة وأن هذه التأثيرات إذا ما أتت إما نتيجة لظروف خاصة، أو امتدادا لعوامل بيئية داعمة لحدوث ذلك التأثر التي ربما تكون عميقة. وأضاف الشامي: وفي حين يذهب البعض إلى القول بأننا أصبحنا ننسحب باطراد إلى عالم موجود في "مكان آخر" بفضل هذه التقنيات الحديثة، فعلى خلاف وسائل معلومات واتصالات القرن الماضي فإن التلفزيون والكمبيوتر أو الحديث التليفوني أو البريد الإلكتروني يحدد واقعنا، هذا الذي أصبح فيه تواصلنا مع الحاضرين يقل باطراد. ونوه إلى أن ما شهده القرن العشرين من تطورات هائلة في مجال الاتصالات بشكل عام، قد فاق ما تحقق للبشرية خلال تاريخها كله بأضعاف كثيرة، وعلى نحو خاص فقد ارتبط العقدان الأخيران من القرن الفائت بثورة الاتصالات التي تجسدت من خلال التزاوج الذي تم ما بين الهاتف والحاسوب والأقمار الصناعية. ووصف شبكة "الانترنت" بأنها الطفرة الكبرى التي أحدثت انقلابا في مفهوم الاتصالات: شكلا ومضمونا، و شهدت نموا لم تعرفه أية وسيلة اتصالية قبلها، مبيناً أن ما نسبته 300 % من انتشار هذه الوسيلة وتزايد الإمكانيات الاتصالية التي تقدمها يوما بعد آخر، قد ترتب بالمقابل على هذه الوسائل آثار مختلفة تلحق مختلف جوانب الحياة، وتطول سائر مجتمعات العالم، بتفاوت فيما بينها بقدر نصيبها من هذه التقنية، وأنه وبمقدار حظ أبنائها من ثورة العصر التقنية، واعتماداً على البنية الثقافية للمجتمعات والتي تشكل متغيراً هاماً في مقدار الآثار الاجتماعية المترتبة جراء استخدام هذه التقنية، ناهيك عن أن هذه التغيرات في حد ذاتها قد تكون طفيفة وقد تكون جذرية بالنسبة للمجتمعات. وأستطرد الشامي: وبعيداً عن منطق الرعب ومن ثم التهويل في الآثار المترتبة على تقنية الاتصالات الحديثة، ومن دون تهوين، أو إطلاق أحكام في هذا السياق كثيراً ما يعوزها الدليل العلمي؛ وبخاصة في البيئات التي لا تهتم بالرصد العلمي للعواقب الإيجابية والسلبية لهذه الظاهرة؛ وبعيدا عن كل ما سبق وما عداه من الآراء الشخصية، ينبغي النظر إلى هذه التطورات على أنها نتاج طبيعي لمسيرة ممتدة للظاهرة الاتصالية، والتي بتطورها يتطور الإنسان، وهو الذي يطورها في الوقت ذاته، ومن ثم فإن منطق التأثير والتأثر أمر طبيعي ووارد، ومقدار ذلك يبق محكوماً بعوامل مجتمعية مختلفة على اعتبار أن هذه التأثيرات يأتي إما نتيجة لظروف خاصة، أو امتداداً لعوامل بيئية داعمة لحدوث ذلك التأثير. وأكد الشامي: أن تقنية الاتصالات الحديثة بقدر ما يترتب عليها من مخاطر، فإنها تجلب فرصا اتصالية ومنافع عديدة، تقاربت معها المسافات الزمانية، وأزيلت كثير من الحواجز المكانية. وعن (القرية العالمية إلى الشظايا المنفصلة) أوضح الشامي أن بعض الباحثين يذهبون إلى القول بأن الربط العالمي الذي أحدثته تقنية الاتصالات الحديثة يفوق كثيرا ما تخيله "ماكلوهان" في قريته الكونية، وأن العالم سوف يتحول إلى قرية عالمية واحدة بفضل تطور وسائل الاتصال، في الوقت الذي يشير فيه "ماكلوهان" إلى أن وسائل الأعلام الإلكترونية ساعدت في انكماش الكرة الأرضية وتقلص الزمان والمكان، حتى أصبحت توصف ب"القرية العالمية Global Village"، وبالتالي زاد وعي الإنسان بمسؤوليته إلى درجة قصوى، باعتبار على حد الشامي أن هذه الحالة الجديدة أدت إلى ما يمكن تسميته ب"عصر القلق" لأن الثورة الإلكترونية الفورية الجديدة تجبر الفرد على الالتزام والمشاركة بعمق، وربما يكون هذا الرأي وغيره يمثل الأرضية التي نبع منها مفهوم "العولمة" الذي أصبح يتردد في السنوات الأخيرة. وكان أحد الباحثين قد اسماه من قبل ب "لحظنة التواصل الحضاري الإعلامي". واستدرك الشامي إلى أن التطور التقني الذي استند إليه "ماكلوهان" عند وصفه للقرية العالمية استمر في مزيد من التطور، بحيث أدي إلى تحطيم هذه القرية العالمية وتحويلها إلى شظايا، فالعالم اليوم اقرب ما يكون إلى البناية الضخمة التي تضم عشرات الشقق السكنية التي يقيم فيها أناس كثيرون، ولكن كل منهم يعيش في عزلة، ولا يدرى شيئا عن جيرانه الذين يقيمون معه في البناية نفسها. ولفت إلى أن الاتجاه الجديد للاتصال وتدفق المعلومات على الصعيد العالمي، قد بدأ يتجه نحو لا مركزية الاتصال، بمعنى تقديم رسائل متعددة تلاؤم الأفراد أو الجماعات الصغيرة المتخصصة، وتتخذ هذه اللامركزية للرسائل مظهرين: الأول: يتحكم فيه المرسل، والثاني: يتحكم فيه المستقبل، ويمكن إتاحة كل منهما عن طريق الربط بالحاسبات الإلكترونية لتوفر خدمات مختلفة من الاتصال وتبادل المعلومات، تبدأ من الصحافة المطبوعة أو نقل النصوص المكتوبة، وتمتد إلى شكل البرامج التلفزيونية والأفلام السينمائية، ويمكن نقل هذه المعلومات عبر مسافات شاسعة وبسرعة فائقة عن طريق استخدام الاتصال الكابلي والأقمار الاصطناعية. ويرى "الفن توفلر"- بحسب الدكتور الشامي- أن البنية الأساسية الإلكترونية في أقطار الاقتصاد المتقدم سوف تتميز بستة سمات تمثل مفاتيح المستقبل هي. أ) التفاعليةInteractivity، ب) قابلية التحرك أو الحركةMobility، ت) قابلية التحويل:Convertibility، ث)التوصيلية:Connectivity، ج)الشيوع والانتشار:Ubiquity، ح)التدويل:Globalization ويوضح "توفلر" في سياق ورقة الشامي لقد كانت الآثار التجانسية لوسائل الأعلام الجماعي في ذروة قوتها عندما لم تكن هناك سوى قنوات قليلة ووسائل إعلامية قليلة، ومن ثم قلة من فرص الاختيار أمام المستمعين أو المشاهدين، أما في المستقبل فأن العكس هو الذي يسود، ومع أن محتوى كل برنامج على حدة قد يكون جيدا أو رديئا إلا أن أهم محتوى جديد على الإطلاق يتمثل في وجود التنوع نفسه. وخلص في ورقته إلى إن هذه الوسائل كما تؤدي إلى بعض التغيرات العديدة فإنها تفرض تحديات جديدة (المستوى التشريعي، والسيطرة والرقابة)، أما ملامح المستقبلية لتكنولوجيا الاتصال فتبدوا في (الإقتراضية Virtuality ، broadcast ، للهاتف النقال دور في هذا المجال). وتبقى خدمة المجتمع هي الرسالة الغائبة التي يمكن لشركات الهاتف الخلوي القيام بها، كرد لشيء من العائدات الاستثمارية المتحققة في هذا المجال، وبذلك يكفر "الهاتف الخلوي" عن شيء من مضاره المجتمعية، و فيما يتعلق باستخداماته ومن ثم العواقب المترتبة على هذه الاستخدامات، قال :يمكن تناول ذلك على المستوى العالمي من خلا ما انتهت بعض الدراسات في هذا المجال: يمثل استخدام الهاتف الخلوي جزء أساسي في أنشطة الحياة اليومية، ويستخدم لأغراض أخرى غير المهاتفة.