خلافاً لما جرت عليه العادة، وأدمن عليه العرف الدبلوماسي قرر الإيطاليون أخيراً إحياء أفراح عيدهم الوطني بصنعاء بنكهة البهارات الإيطالية، وبطعم أطباق "السباكيتي" و"البيزا" الشهيرة، التي قدمت اليمن من روما على متن طائرة خاصة، برفقة طهاة محترفون، فليس من مناسبة أخرى للتميز أفضل من العيد الوطني.. السيد ماريو بوفو- السفير الإيطالي بصنعاء- كشف أمس الاثنين أن سفارته خصصت ثلاثة أيام للثقافة والطبخ الإيطالي ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي الذي ستقيمه بمناسبة ذكرى العيد الوطني (5 يونيو). وأخبر الصحافيين أنه تم إحضار طباخ خاص من ايطاليا لإعداد قائمة الطعام التي سيتعرف عليها ضيوفه اليمنيون عند حضورهم.. واستدرك مجيباً على تساؤلات تراءت له في عيون الصحافيين في كيفية الجمع بين الثقافة والطبخ، مؤكداً أن "كلاهما ثقافة، فالعديد من الشعوب تعرّف عن نفسها بنمط معين من الملبس، أو الحديث، أو المأكل وتميز نفسها بها عن غيرها من الشعوب". وقال أنهم استقدموا "طباخاً خاصاً من ايطاليا، كما أن كل المواد المكونة للأكلات التي سيتم إعدادها تم إحضارها من ايطاليا حرصاً على أن يكون المذاق إيطالي 100% ، والنكهة إيطالية 100%، وكل شيء بالبهارات الإيطالية". وبأسلوب وصفي رائع حرك أحشاء كل الحاضرين، حدث السيد بافلو – الشهير بوقاره وهدوئه- المشاركين في المؤتمر الصحافي عن الطعام الإيطالي الذي سيضفي على فعاليات الاحتفال بالعيد الوطني الإيطالي نكهة أخرى فريدة لم يسبق الإيطاليين إليها أحد! ومن أجل أن تكتمل صناعة الأجواء الإيطالية، تحدث السيد بافلو عن أمسيات موسيقية غنائية تحييها الفنانة الشهيرة "فاطمة شالدوني"، فيما سيعزف على البيانو "أندريا بيانكي" و "فرانشيسكو بانكالدوني" وستقام خلال الفترة (6 – 7) يونيو الجاري. كما تحدث عن كتاب (الملح) الذي ألفه "فارسوني"، وقامت بنشره دور كتب أخرى، وتجري محاولات لترجمته إلى العربية.. مبدياً إعجابه به، وقال أنه يكشف الكثير من الغرائب، وسيتم التعريف به يوم الخميس القادم. وبدا واضحاً أن الإيطاليين مدمنون على التعاطي مع الثقافة بكل أشكالها.. فقد افتتحوا الاثنين في فندق تاج سبأ معرضاً لجزيرة سقطرىاليمنية التي قدمت الحكومة الإيطالية (3) ملايين دولار لتنميتها وحمايتها البيئية، وتتطلع اليوم للترويج لها سياحياً.. وهي من قبل نفذت العديد من الأنشطة الرامية الحفاظ على التراث اليمني، كما هو الحال مع "مسجد العامرية" بمدينة رداع من محافظة البيضاء، وفي "مراكش" التي اكتشفتها بعثتها الأثرية.. ثم بعد اكتشاف نحو 400 مخطوطة قديمة في الجامع الكبير بصنعاء قدمت ايطاليا الإمكانيات لليمنيين لتمكينهم من الحفاظ عليها بطرق حديثة. وكشف السفير الإيطالي أن بلاده تعتزم افتتاح مدرسة للأطفال بصنعاء تدرس باللغة الإيطالية أملاً في توسيع انتشار هذه اللغة، وبالتالي زيادة فرص التعرف على الثقافة الإيطالية. من جانبه أكد الدكتور أرحب الصرحي- رئيس جمعية الصداقة اليمنية الإيطالية- ل"نبأ نيوز": أن الحكومة الإيطالية تولي اهتماماً خاصاً ومتميزاً لليمن، وتضعها في مقدمة برامجها التعاونية، وأنها تحرص على ترجمة ذلك الشعور على أرض الواقع من خلال الأنشطة المتعددة التي تقوم بها في مجال حماية البيئة والتراث الحضاري لليمن، الذي من شأنه أن يصبح قاعدة النشاط السياحي الذي تتطلع له اليمن، مدللاً على ذلك بما تنفذه في سقطرى. وأضاف: أن الأهم من كل ذلك هو حرص إيطاليا على تعزيز السلام في اليمن، حيث أن مشروع منظومة المراقبة الساحلية الإلكترونية الذي سيتم تدشينه الأربعاء سيمنع عبور المتسللين والمهربين، وبالتالي سيؤمن حماية نوعية لليمن من أي احتمال لعبور عناصر غير مرغوب بها، قد تهدد أمنها. ويقول الصرحي: إن الإيطاليين شعب متميز في كل شيء، ابتداء من أسلوب التعايش الإنساني مع الثقافات الأخرى، وفي ذوقه العام، وحراكه الفني والأدبي والفكري الذي كان ذات يوم في التاريخ منطلق النهضة التي عاشتها أوروبا بأسرها. الإيطاليون يعدون لاحتفال مهيب في عيدهم الوطني مساء اليوم الثلاثاء في سفارتهم بصنعاء.. وبالتأكيد أنهم سيقدمون "إيطاليا ببهاراتها"- على حد تعبير السيد ماريو بوفو...